الإثنين 2024/03/11

آخر تحديث: 11:48 (بيروت)

أوسكار 2024: فاز "أوبنهايمر" ولم يُفاجأ أحد

الإثنين 2024/03/11
increase حجم الخط decrease
كعادتها كلّ عام وزّعت أكاديمية فنون السينما وعلومها جوائزها الأشهر. فأياً ما كان يحدث في العالم، ستأتي حفلة توزيع الجوائز التي نحبّ أن نكرهها. أو أننا نكره أن نحبّها، لا يهمّ. "موسم الجوائز" المثالي. الحفلة التي تحتفي منذ 96 عاماً بـ"أفضل" الإنتاج السينمائي الهوليوودي السنوي، أقيمت في مسرح دولي بمدينة لوس أنجليس الأميركية، فيما تجمع خارجها بضع مئات من المحتجين المناصرين للفلسطينيين مطالبين بإنهاء الحرب ودعم الجهود الرامية لوقف إطلاق النار.

لكن بحلول نهاية الأمسية، كانت الحفلة، التي بدأت قبل ساعة من موعدها المعتاد منذ عقود، قد أنتجت فائزيها وفقراتها ولحظاتها، فضلاً عن بعض المفاجآت. تبيّن أن الفائز الأكبر في هذه الليلة، كما تنبّأت كل التوقعات، هو فيلم "أوبنهايمر"، فيلم كريستوفر نولان الذي ركّز على الحياة والعمل المتفجّر للرجل المسؤول عن تفجير القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغازاكي.

الجوائز السبع التي فاز بها فيلم السيرة الذاتية (أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثل هو كيليان مورفي، وأفضل ممثل مساعد هو روبرت داوني جونيور، وأفضل مونتاج وأفضل تصوير سينمائي وأفضل موسيقى تصويرية) لم يدانيها مرشّح آخر. إذ تلاه في مجموع الجوائز فيلم "كائنات مسكينة" للمخرج يورغوس لانثيموس بأربع جوائز (أفضل ممثلة لإيما ستون، وأفضل تصميم إنتاج، وأفضل تصميم أزياء، وأفضل مكياج وتصفيف شعر)، واعتبرت جميع الجوائز، بشكل غير عادل، ثانوية. وكان الحصان الثالث الذي عبر خطّ النهاية هو فيلم "نقطة الاهتمام" للمخرج البريطاني جوناثان غلايزر، والذي فاز بجائزة أفضل فيلم دولي وأفضل صوت.

خلفهم بأشواط، حضرت أفلام "الباقون" و"تشريح سقوط" و"خيال أميركي" و"باربي"، وكل منها يحمل جائزة واحدة تحت ذراعه. فاز فيلم ألكسندر باين بجائزة أفضل ممثلة مساعدة، بينما حصل فيلم الفرنسية جوستين ترييه على جائزة أفضل سيناريو أصلي (مناصفة مع شريكها في الحياة والكتابة آرثر هراري). ويعدّ "تشريح سقوط" أول فيلم بلغة غير الإنكليزية يفوز في هذه الفئة منذ الفيلم الكوري "طفيلي" Parasite في العام 2019. أما جائزة السيناريو المقتبس، فقد ذهبت إلى العمل المقتبس عن كتاب "خيال أميركي" للكاتب بيرسيفال إيفريت، والذي أخرجه الوافد الجديد كورد جيفرسون. ويتتبع الفيلم روائياً وأستاذاً جامعياً محبطاً، يكتب مازحاً كتاباً "أسود" مليئاً بالصور النمطية. أخيراً، فاز "باربي"، الذي تحوّل من كونه أحد العناوين المفضّلة لهذا الموسم إلى فشله في ترجمته هذه الشعبية إلى ما يضاهيها من ترشيحات، بجائزة أفضل أغنية بفضل أغنية "ما الذي خُلقت من أجله؟" من ألحان بيلي إيليش وفينياس أوكونيل، وهي إحدى أغنيتين من الفيلم رُشحّتا للجائزة. وبهذه الطريقة، تفوز إيليش بالأوسكار الثاني لها في هذه الفئة، بعدما فازت بها العام 2022 عن أغنية "لا وقت للموت" من فيلم جيمس بوند بالعنوان ذاته.

الجوائز كان أغلبها متوقعاً، لكن الحفلة نفسها لم تخل من متعة. مرة أخرى، استضافها الممثل الكوميدي جيمي كيميل - الذي افتتح الأمسية بفقرة فكاهية نموذجية، ليست جامحة ولكنها مناسبة – ومن ثمّ أبحرت حفلة توزيع جوائز الأكاديمية الـ96 فاردة أشرعته للريح، بتقديم الجائزة الأولى في فئة أفضل ممثلة مساعدة، والتي كانت من نصيب الممثلة دافين جوي راندولف عن أدائها في فيلم "الباقون". على الرغم من تنافسها مع ممثلات مشهورات مثل إميلي بلانت وجودي فوستر، إلا أن الممثلة الأفروأميركية هي التي اعتلت المسرح لتشكر بمشاعر صادقة الفوز بالجائزة، في تكرار لما فعلته سابقاً في حفلة توزيع جوائز غولدن غلوب. كانت راندولف، التي لعبت دور رئيسة الطهاة في المدرسة في فيلم المخرج ألكساندر باين، المرشّحة الأوفر حظاً للجائزة، بعد فوزها تقريباً بجميع جوائز أفضل ممثلة مساعدة في الفترة التي سبقت حفلة توزيع جوائز الأوسكار، بما في ذلك جائزة "غولدن غلوب" و"بافتا" و"اختيار النقاد" و"جوائز نقابة ممثلي الشاشة" و"الروح المستقلة". مشاركتها في الفيلم تمثلّ أحد تلك الأدوار المُكرّسة، ومن المؤكد أن التكريم الأوسكاري سيفتح الأبواب أمام مشاريع مستقبلية.

بعد ذلك، كما توقّع المراهنون، فاز المخرج الياباني المخضرم هاياو ميازاكي، الذي لم يكن حاضراً في مسرح دولبي في لوس أنجليس، بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة عن فيلم "الصبي ومالك الحزين"، آخر أعماله قبل اعتزاله المفترض. هذا هو التمثال الثاني الذي يفوز به المخرج الياباني بعد فيلمه الناجح "المخطوفة" Spirited Away العام 2001.

وانتهت جائزة أفضل فيلم روائي دولي إلى جوناثان غلايزر عن فيلمه الرابع "نقطة الاهتمام" - والذي فاز أيضاً بجائزة أفضل صوت عن حقّ - وقد تضمّن خطاب المخرج انعكاساً للوضع في الشرق الأوسط بعد "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة، في إحدى الإشارات النادرة للواقع السياسي في تلك الليلة. وربط غلايزر في كلمته فيلمه مباشرة بالأحداث في إسرائيل وغزة، بقوله: "إنه ليس فيلماً يقول انظروا إلى ما فعلوه آنذاك، بل انظروا إلى ما نفعله الآن".

أما الإشارة الأخرى فكانت من نصيب المصوّر والصحافي والمخرج الحائز جائزة بوليتزر مستيسلاف تشيرنوف وهو يتسلم جائزة أفضل فيلم وثائقي عن فيلمه "20 يوماً في ماريوبول"، والذي يسجّل حصار الجيش الروسي لتلك المدينة الساحلية الأوكرانية خلال الأيام الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا بداية 2022. وقال المخرج: "أتمنى لو لم أضطر أبداً إلى صُنع هذا الفيلم"، و"هذا أول أوسكار في تاريخ السينما الأوكرانية"، قبل أن يندد بالحرب العدوانية الروسية على وطنه وينعي عشرات الآلاف من القتلى والمختطفين من الرهائن، مختتماً بقوله: "الحقيقة ستنتصر".

وحظي فيلم "20 يوماً في ماريوبول" بإشادة واسعة النطاق بعد عرضه الأول في مهرجان صندانس السينمائي في العام 2023، واعتبر الفيلم منافساً قوياً على الجائزة، بعد حصوله على جوائز أفضل فيلم وثائقي من "بافتا" و"نقابة المخرجين الأميركيين". وفي النهاية انتصر على منافسيه بما في ذلك الفيلم الوثائقي السياسي الأوغندي "بوبي واين: رئيس الشعب"، والفيلم التونسي "بنات ألفة".

فئة أفضل ممثل مساعد انتهت بتتويج روبرت داوني جونيور (أول جائزة أوسكار له) عن دور لويس شتراوس في فيلم "أوبنهايمر"، قبل بضعة فقرات من تقديم زندايا جائزة أفضل تصوير سينمائي، التي كانت بداية التأكيد على أن الفيلم المفضّل للأمسية سيفوز بالعديد من الفئات التي رُشّح لها. العمل الرائع للمصوّر الهولندي هويت فان هويتيما بالأبيض والأسود والألوان بتنسيق 70 ملم كان الفائز في منافسة مختارة تضمّنت أعمالاً أخرى بالأبيض والأسود: "الكونت" للتشيلياني بابلو لارين، والذي يتحوّل فيه أوغستو بينوشيه إلى مصاص دماء فعلياً، و"مايسترو"، فيلم السيرة الذاتية المبني على حياة ليونارد بيرنشتاين من إخراج وبطولة برادلي كوبر، أحد الخاسرين الكبار في الأمسية.

جائزة أفضل فيلم روائي قصير انتهى بها الأمر بين يدي ويس أندرسون (الأوسكار الأول للمخرج، الذي غاب عن الحفلة) وستيفن رايلز، المخرجان المشاركان لـ"القصة الرائعة لهنري شوغر"، إحدى الأفلام الأربعة المستندة إلى قصص روالد دال القصيرة التي شاركت في إنتاجها شركة "نتفليكس" والتي توضح قوة الفيلم القصير، الذي صار أشبه ما يكون بالبطة السوداء في صناعة السينما.

في البقية صار العمل كالمعتاد، في تسليمات صحيحة ومتوقعة - من دون نجاحات أو ملاحظات كبيرة ستسجّل في التاريخ، لكن أكثر مرونة من بعض الحفلات الأخيرة – في حفلة امتدت ثلاث ساعات ونصف الساعة وتضمنت على الأقل لحظتين لافتتين: عرضٌ موسيقي مستوحى من أغنية "أنا فقط مجرّد كين" من "باربي"، أدّاها على الهواء مباشرة رايان غوسلينغ وفرقة من "الكينز" الآخرين؛ وتقديم جائزة أفضل تصميم أزياء كان بطلها الممثل والمصارع السابق جون سينا الذي ظهر عارياً، في إيماءة إلى حفلة العام 1974 التي غزا فيها المسرح رجل عارٍ أثناء تقديم الممثلة إليزابيث تايلور. بالإضافة إلى ذلك، بالطبع، الجزء المعتاد في تذكّر الراحلين وتكريم الممثلين البدلاء. نبيذ، بطاطا مقلية، عرضٌ جيد ونَراكم العام المقبل.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها