الخميس 2015/12/31

آخر تحديث: 12:51 (بيروت)

ريف حماة: تقدم للمعارضة رغم التدخل الروسي

الخميس 2015/12/31
ريف حماة: تقدم للمعارضة رغم التدخل الروسي
almodon.com ©
increase حجم الخط decrease
حمل العام 2015 تطورات إيجابية للمعارضة السورية في ريف حماة؛ ورغم استمرار عنف قوات النظام والمليشيات الموالية لها، وتدخل الطيران الروسي، إلا أن المعارضة ثبتت أقدامها في ريف حماة الشمالي والغربي، وأنجزت عمليات عسكرية مهمة. وتمكنت المعارضة من امتصاص صدمة الغارات الروسية، وأعادت تحرير المواقع التي تقدمت إليها المليشيات، بل تجاوزتها وحررت المزيد من المناطق في مورك وكفرنبودة ومعركبة وسهل الغاب.



وشهد الريف الحموي هدوءاً نسبياً مطلع العام 2015، استمر لشهرين، وما إن حلّ آذار/مارس، حتى عاد ليتصدر المشهد العسكري السوري. ففي 11 آذار، أطلقت كتائب المعارضة السورية المسلحة معركة باسم "فتح الطار الغربي"، بمشاركة "فيلق الشام" و"حركة أحرار الشام الإسلامية" و"جبهة النصرة" و"ألوية صقور الغاب" و"تجمع جند دمشق".

وابتدأت المعارك بهجوم المعارضة المباغت على قوات النظام المتمركزة في قريتي الجبين وتل ملح، ومدرسة الضهرة، من محاور عديدة. وسبق الهجوم تمهيد مكثف بالأسلحة الثقيلة، ومدافع "جهنم" محلية الصنع، وتلته اشتباكات عنيفة بين الطرفين.

وتُعدّ قريتا الجبين وتل ملح، من أهم خطوط الدفاع لقوات النظام في ريف حماة الغربي، وتقعان شمال غربي مدينة محردة، وإلى الشمال من مدينة حماة.

وقال القائد العسكري في "فيلق الشام" أبو علي سراب، لـ"المدن"، إن الكتائب المقاتلة في ذاك اليوم لم تستطع الصمود داخل قرية تل ملح بعد اقتحامها، جراء القصف المدفعي الكثيف من قوات النظام المتمركزة في معسكر دير محردة وحاجز تل الشيخ حديد.

وأضاف أبو علي، أن القريتين تحتلان موقعاً استراتيجياً، كـ"مفتاح لريف حماة الغربي"، والعمل عليهما يخفف من الضغط الكبير على جبهات ريف إدلب الغربي وريف حلب الشمالي.
وأكد القيادي أن قوات النظام قامت في نهاية العام 2014، ولأول مرة، باسترجاع قرية الجبين، ورفع السواتر الترابية عنها، لأنها تشكل منطلقاً لعمليات تسلل كتائب المعارضة المسلحة، مشيراً إلى أن قوات النظام قامت بتحصين هذه المناطق لمنع دخول الثوار إليها، لأنه في حال سيطرة المعارضة عليها ستنتقل المعارك إلى المناطق الموالية للنظام في الساحل السوري وجبال اللاذقية.

ومع بداية نيسان/إبريل، وبعد أقل من شهر على خسارة النظام مدينة إدلب بالكامل على يد غرفة عمليات "جيش الفتح"، أعلنت فصائل متعددة، تتقدمها "حركة أحرار الشام" و"جبهة الشام" و"صقور الجبل" بدء معركة سهل الغاب شمال غربي محافظة حماة، بهدف تحرير 12 حاجزاً؛ أولها حاجز القاهرة وصولاً إلى أطراف مدينة جسر الشغور غربي محافظة إدلب، ولوضع النظام ضمن فكي كماشة بين إدلب وحماة.

وأشار الناشط الإعلامي حسين رعدون، إلى أن المعركة بدأت باستهداف قوات المعارضة بالمدفعية الثقيلة والهاون لحواجز القاهرة وتل حمكي والقرقور وجورين وتل واسط والمشيك، كما استهدفت بصواريخ "غراد" حاجز الزيارة. وأضاف رعدون أن الفصائل المقاتلة دمرت حينها العديد من الأليات ، وحررت ثلاثة حواجز في سهل الغاب.

وقال قائد "جبهة الشام" محمد الغابي، لـ"المدن"، إن "طبيعة الأرض الجغرافية وقرب مناطق الاشتباك من المناطق الموالية للنظام يُصعّب العمل على الفصائل"، موضحاً أن "معنويات العناصر كانت عالية جدا".

وتزامنت معركة سهل الغاب مع معارك خاضتها فصائل المعارضة في مدينة جسر الشغور جنوب غربي إدلب، ومعسكري القرميد والمسطومة جنوبها. وتأتي أهمية سهل الغاب كونه يُشكل خط الدفاع الأول عن مدينة اللاذقية الساحلية، معقل النظام، إلى جانب كون السهل خط إمداد إلى جسر الشغور.

وظلت المعارك في منطقة سهل الغاب دائرة بين كر وفر مع قوات النظام، حتى سيطرت فصائل "جيش الفتح" مع بداية آب/أغسطس، على عدد من القرى والبلدات الاستراتيجية في سهل الغاب، بعد خسارتها للمرة الثالثة، في معارك وصفت بـ"الهجوم المباغت والاستعادة المباغتة" من قبل طرفي الصراع.

وقال الراصد العسكري في ريفي ادلب وحماة، الشيخ أصلان، لـ"المدن"، إنّ فصائل المعارضة استعادت السيطرة مؤخراً على بلدة خربة الناقوس الاستراتيجية، بعدما خسرتها أكثر من مرة سابقاً، نتيجة الغارات الجوية لقوات النظام المكثّفة على البلدة. وأضاف أن تبادل طرفي الصراع، السيطرة على خربة الناقوس، يعود لكونها آخر نقطة نزاع شرقي نهر العاصي، عدا عن كونها المدخل الرئيس لبقية القرى الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، من ريف حماة الغربي.

ولا يبدو أن المعارك في سهل الغاب ستحسم في الفترة القريبة، كونّها ذات طبيعة خاصة، تتنوع ما بين السهل والجبل، وتمثّل بُعداً استراتيجياً بالنسبة لفصائل المعارضة، والسيطرة عليها تمكّنها من تسلم زمام المبادرة في معركتي الساحل وحماة.

ويتمسك النظام بسهل الغاب، ويحاول بشتى الوسائل منع سقوطه بيد فصائل المعارضة، كون السهل يُعتبر الظهر الذي يحمي معاقله في الساحل. النظام استقدم أفضل الفرق العسكرية التابعة له، فضلاً عن الميلشيات الإيرانية والعراقية، وكثّف من طلعات الطيران الحربي، ورمي البراميل والألغام البحرية لإعاقة تقدّم المعارضة.

وفي 4 آب/أغسطس، اندمج 16 فصيلاً من "الجيش الحر" في محافظتي إدلب وحماة، ضمن تشكيل واحد، أطلق عليه اسم "جيش النصر". وجاء الاندماج بهدف "تحرير مدينة حماة وريفها، ورداً على الهجمات الشرسة، واستعباد المدنيين من قبل جيش النظام، وتلبية لنداءات الأهل في ريف حماة، وكامل الأراضي السورية"، بحسب بيان التأسيس.

وسيطرت فصائل المعارضة المنضوية في غرفة عمليات "جيش النصر" في 8 أيلول/سبتمبر، على قرية معركبة بريف حماة الشمالي. وأوضح القائد الميداني في "جيش النصر" أبو محمد، لـ"المدن"، أنهم تمكنوا من السيطرة على حاجز أبو حسن ومدجنة شجاع في قرية معركبة، وحاجز الخيم في قرية البويضة بريف حماة الشمالي، عبر عملية تسلل قام بها المقاتلون. وأشار إلى أن الظروف الجوية من عواصف رملية ضربت الشمال السوري في ذلك الوقت، ساعدت المعارضة كثيراً أثناء تسللها إلى القرية.

الناشط الإعلامي محمد رشيد، قال لـ"المدن"، إن معارك عنيفة دارت بين "جيش النصر" وقوات النظام داخل معركبة، أفضت إلى سيطرة المعارضة على الحاجز والمدجنة واغتنام دبابة وعربة BMB وسيارة دفع رباعي مزودة برشاش، إضافة إلى بعض صواريخ "كورنيه" المضادة للدروع وكميات من الأسلحة الخفيفة والذخائر.

وفي نهاية أيلول/سبتمبر بدأ الطيران الروسي توجيه ضربات جوية على الأراضي السورية، بعدما وافق "مجلس الاتحاد الروسي" على تفويض باستخدام القوات المسلحة الروسية خارج البلاد.

وتزامناً مع التدخل الروسي، تصدّت فصائل الجيش الحر لمحاولة اقتحام قوات النظام لريف حماة الشّمالي عبر محوّري كفرنبودة ومورك، موقعة خسائر فادحة في صفوفها تمثّلت بإعطاب وتدمير عشرات الدبابات والآليات، فيما عرف آنذاك بـ"مجزرة الدبابات".

وجاء الهجوم بعد اجتماع جرى في وقت سابق بين وفد المصالحة في بلدة كفرنبودة وممثلين عن قوات النظام، حيث طلب الأخير من الوفد تسهيل عملية مرور الجيش إلى الريف الجنوبي، وصولاً إلى خان شيخون عبر بلدة الهبيط جنوبي إدلب، مقابل إعطاء الأمان لأهالي البلدة، الأمر الذي تم رفضه من قبل فصائل المعارضة في البلدة. وحشدت قوات النظام للسيطرة على الهبيط، تمهيداً للسيطرة على الريف الجنوبي من إدلب.

وقررت "غرفة عمليات كفرنبودة" أمام الضغط الناري، استدراج الرتل العسكري لقوات النظام، وتركه يدخل إلى البلدة بغرض تحييد الطيران الروسي. فوقع رتل الدبابات في كمين محكم لفصائل "جيش النصر" وبقية فصائل المعارضة المسلحة. ودمرت المعارضة ثلاث دبابات، وقتلت نحو خمسين جندياً من الرتل المقتحم بمن فيهم قائد الحملة العقيد فواز عباس. 
وعندما حاولت قوات النظام ارسال عربات إخلاء للجرحى والقتلى، استهدفت المعارضة عربتي BMB وأجهزت على من تبقى من القوات المقتحمة التي حاولت الانسحاب جنوباً.

وكان للصاروخ المضاد للدروع "تاو"، المتوفر لدى فصائل الجيش الحر، الأثر الكبير خلال هذه المعركة، وسهّل عمليات استهداف آليات النظام. وأبرز هذه الفصائل هي "تجمع العزة" و"كتائب المشهور" و"تجمع صقور الغاب" و"الفرقة 13" و"لواء فرسان الحق" و"الفرقة الوسطى" و"الفرقة 101" و"لواء صقور الجبل"، وقاتلت فصائل الجيش الحر إلى جانب "فيلق الشام" و"حركة أحرار الشّام" التي كانت حاضرة خلال التصدي للهجوم.

وفي 22 تشرين الأول/أكتوبر أعلنت فصائل منضوية في "جيش الفتح" عن معركة جديدة في ريف حماة أطلقوا عليها "غزوة حماة"، وجاء الإعلان عنها في ظل محاولات النظام استرجاع مواقع خسرها في ريف إدلب.

وسيطر فصيل "جند الأقصى" إلى جانب مجموعات أخرى على مدينة مورك شمالي حماة بعد نحو أسبوعين من إعلان "غزوة حماة".

وبعد أيام من محاولتها اختراق المدينة من نقاط متعددة، كثفت الفصائل المعارضة قصفها لخطوط الدفاع على النقطتين السابعة والثامنة الواقعتين غربي مورك، وهما أكثر النقاط تحصيناً في المدينة.

وأوقعت فصائل المعارضة عشرات القتلى في صفوف قوات النظام، ودمرت عدداً كبيرا من الآليات الثقيلة له، فيما انتقلت الاشتباكات بين الفصائل وقوات النظام والميلشيات الموالية لها، إلى جنوب المدينة على الطريق الدولي بين مورك وجسر صوران.

وبعد تحرير مورك، تمكنت "أجناد الشام" وبعض الفصائل الأخرى من السيطرة على تل سكيك الواقع في ريف حماة الشمالي الشرقي. وقال القيادي الميداني في "حركة أحرار الشام" أبو محمد، لـ "المدن"، إن السيطرة على تل سكيك كان لها أهمية كبيرة على معارك عطشان وبلدات ريف حماة الشمالي الشرقي، وذلك لموقعه المهم المطل على قرية سكيك وقرى وبلدات ريفي حماة الشمالي والشمالي الشرقي وعلى ريف إدلب الجنوبي.

وصباح 11 تشرين الثاني/نوفمبر أعلنت "حركة أحرار الشام" الإسلامية المنضوية في "جيش الفتح" سيطرتها على 6 نقاط عسكرية في ريف حماة الشمالي الشرقي، وهي قرية عطشان شمال شرقي مدينة مورك وقرية أم حارتين ومداجن الهلال والنداف وحاجز العيساوي وتل الطويل. وخلفت الاشتباكات نحو 50 قتيلاً لقوات النظام، على رأسهم قائد العمليات في عطشان العميد محمد الدخيل، من قرية الربيعة في ريف حماة.

وبعدها شهد ريف حماة هدوءاً نسبياً لمدة شهر تقريباً، ثم شنت فصائل المعارضة، هجوماً واسعاً، الأحد 13 كانون الأول/ديسمبر، وتمكنت من السيطرة على عدد من الحواجز والنقاط العسكرية الاستراتيجية في ريف حماة الشمالي.

وتمكنت المعارضة من السيطرة على بلدتي المصاصنة والبويضة، ومنطقتي زور المحروقة وحاجز زلين، وذلك عقب تقدم مقاتليها وبسط سيطرتهم على كل من حواجز مدجنة أبو حسن والخيم في قرية معركبة، وحواجز بيت الدعبول ومدجنة بيت جبس وجب الدكتور غربي قرية المصاصنة، وتعتبر تلك الحواجز خطوط دفاع متقدمة لتلك البلدات.

وقال قيادي في "لواء أنصار حماة" لـ"المدن"، إن تحرير قرية المصاصنة جاء بعد استهداف نقاط الدفاع الأولى وتقدم الفصائل المشاركة تجاهها، واستهداف أحد مقرات قوات النظام فيها بآلية مفخخة مسيّرة عن بعد وتدميره بشكل كامل.

وأوضح الناشط الإعلامي أبو سعد، أن قوات المعارضة لم تستطع البقاء في المناطق التي تم تحريرها مؤخراً، بسبب قصفها بالصواريخ من مراكز قوات النظام في جبل زين العابدين ومطار حماة العسكري، بالإضافة إلى قصف كثيف على قرى ومدن ريف حماة الشمالي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها