الأحد 2015/01/25

آخر تحديث: 09:38 (بيروت)

25 يناير.. خصم السيسي الضعيف

الأحد 2015/01/25
increase حجم الخط decrease
تحل ذكرى ثورة 25 يناير الرابعة ومصر منهكة ومنقسمة أكثر من الأعوام الماضية. شعب في ميدان التحرير، وشعب في ميدان رابعة، وشعبٌ اتّخذ من شعار العسكر "تحيا مصر" هوية سياسية له ضد المعسكرين الآخرين. وكما في العام السابق، أيضاً، ستغيب هذا العام لافتات ميدان التحرير الساخرة، التي كانت روح 25 يناير 2011. فزمن "الراجل اللي ورا عمر سليمان" كان وقتاً مستقطعاً بين انتقال من ديكتاتورية مصر حسني مبارك، إلى مصر الإخوان، وصولاً إلى المستقر الحالي، المؤقت ربما، بين أذرع الجنرال "اللي خربها وقعد على تلتها".


2011 إرهاصات الانتصار

احتاج مبارك 11 يوماً ليعلن تنحيه. وبصورة عامة، سارت الثورة خلال تلك المدة بسلام، عدا عن بعض الحوادث التي حاول النظام من خلالها إحباط التظاهرات، لاسيما في الثاني من شباط/فبراير 2011 في الحادثة التي اصطلح على تسميتها "موقعة الجمل". إلى أن أودع مبارك السجن في الحبس الاحتياطي بمستشفى في شرم الشيخ في السيناء، في 13 نيسان/أبريل، وكان ذلك بمثابة أول هدف تحققه الثورة.


أكبر الخضّات التي واجهتها مصر بعد سجن مبارك، كانت مواجهات ما يعرف بأحداث "ماسبيرو"، التي شهدت مواجهات بين مسلمين ومسيحيين أوقعت 15 قتيلاً وأكثر من 200 جريح، في السابع من أيار/مايو، لتعلن بعدها جماعة الإخوان المسلمين تأسيس حزب الحرية والعدالة في 6 يونيو/حزيران، ليعود شبح ماسبيرو مجدداً، ويقتل في أكتوبر/تشرين الأول 25 شخصاً ويجرح أكثر من 300 في اشتباكات اندلعت بين مسيحين وقوات الأمن المصرية في القاهرة.


"يسقط يسقط حكم العسكر". كان الشعار الأبرز في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2011، إذ شهدت الفترة الممتدة من 19 إلى 23 صدامات عنيفة بين المتظاهرين الذين طالبوا بإنهاء حكم المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد في تلك الفترة، وقوات الشرطة، أوقعت 42 قتيلاً. وانتهت الأحداث باستقالة الحكومة.


2012 ربيع الإخوان المسلمين

حكم الإخوان: قبل ثلاثة أيام من الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، عبد المعز إبراهيم، فوز الإسلاميين بثلثي مقاعد مجلس النواب، ذهب نصفها لجماعة الإخوان المسلمين، في أول انتخابات برلمانية شهدتها مصر بعد الثورة.


دوامة العنف لم تتوقف. وسقط 74 قتيلاً في 1 فبراير/شباط بعد مباراة كرة قدم في بورسعيد شمالي البلاد، ليقتل 15 آخرون في تظاهرات احتجاجية على خلفية أحداث بورسعيد.


اللجنة العليا للانتخابات تبدأ التحضير للجمهورية الأولى بعد مبارك. فشهد الشهر الرابع من عام 2012 "زحمة" مرشحين للرئاسة. وفي 17 أبريل/نيسان استبعدت اللجنة عشرة منهم أبرزهم الرئيس السابق للاستخبارات، عمر سليمان، ومرشح الإخوان خيرت الشاطر.


24 مايو/أيار مصر تنتخب. ونافس 12 مرشحاً في الدورة الأولى للانتخابات، انتقل فيها مرشح الإخوان، محمد مرسي، وأحمد شفيق، آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس المخلوع، إلى الدورة الثانية، ليتسلم مرسي مقاليد الحكم رسمياً في 30 يونيو/حزيران، كأول رئيس مدني، إسلامي، منتخب.


سارع مرسي إلى تحصين موقعه، وبدأ المواجهة مع العسكر سريعاً. فأصدر في 13 أغسطس/آب إعلاناً دستورياً ألغى به الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 18 يونيو/حزيران وعزز المجلس من خلاله سلطاته بالقبض على السلطة التشريعية. فأحال الرئيس الجديد، رئيس المجلس، المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان، الفريق سامي عنان إلى التقاعد.


2013 الانقلاب

عشية الذكرى الثانية للثورة المصرية، بدأت مواجهات عنف جديدة بين المتظاهرين ورجال الشرطة، فقتل 60 شخصاً في 24/يناير. واستمرت دوامة العنف بالاتساع؛ فسقط أكثر من 100 جريح خلال مواجهات بين مؤيدين ومعارضين لمرسي في القاهرة، خلال جمعة أطلق عليها تسمية "جمعة تطهير القضاء" وكانت من تنظيم مؤيدي مرسي.


اسم ميدان رابعة العدوية يظهر للمرة الأولى، عبر اعتصام لأنصار الرئيس مرسي في مدينة نصر، استباقاً لدعوات أطلقها معارضو مرسي لتظاهرات ضده، بدأت في 30 يونيو/حزيران بمشاركة عشرات الآلاف الذين احتلوا معظم ميادين البلاد، لاسيما العاصمة، ليعود شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" مجدداً لكن هذه المرة ضد محمد مرسي، وفي الذكرى الأولى لتوليه الحكم.


الثالث من يوليو/تموز، كان آخر يوم لمرسي في الحكم، إذ أعلن الجيش المصري عزل الرئيس الإسلامي، وكلّف رئيس المحكمة الدستورية، عدلي منصور، بإدارة المرحلة الانتقالية إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.


بعد عزل الجيش لمرسي بيومين، بدأ أنصاره بتنظيم تظاهرات حاشدة. وأطلقوا وصف "الانقلاب" على تصرف الجيش. وكانت المواجهات عنيفة، أوقعت 26 قتيلاً في اليوم الأول للتظاهرات التي انطلقت في 5 يوليو/تموز. وتوالى سقوط القتلى بعدها؛ ففي الثامن الشهر ذاته، سقط فيها المئات بين قتيل وجريح خلال فض الشرطة والجيش اعتصام أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر. ومنذ ذلك الحين، اتخذ الإخوان من اسم ميدان رابعة شعاراً لهم.


في السادس عشر من يوليو/تموز، اتضح ما خطط له العسكر، فتم تشكيل حكومة جديدة لم يحصل الإسلاميون على أي حقيبة فيها، واحتفظ عبدالفتاح السيسي بحقيبة الدفاع إلى جانب منصبه كنائب لرئيس الوزراء. وفي 24 يوليو/تموز خطى السيسي نحو الرئاسة من بوابة الإرهاب، فطلب تفويضاً من الشعب لمواجهة "إرهاب محتمل" وكان يشار بذلك إلى جماعة الإخوان التي اتهمت بكل أعمال العنف التي أعقبت عزل مرسي.


26 يوليو/تموز، كشف النائب العام، لأول مرة، عن مصير مرسي بعد عزله، وأعلن أنه يخضع لاستجواب في عدد من التهم الموجهة إليه، من بينها التخابر مع حركة "حماس" الفلسطينية، والهروب من السجن في 25 يناير 2011، والتعامل مع حزب الله اللبناني.


2014 مصر الجديدة للعسكر

الاتهامات التي صدرت بحق مرسي كانت مقدمة للقضاء على جماعة الإخوان في مصر. وبالفعل، كان برنامج عبد الفتاح السيسي الانتخابي، هو إنهاء الجماعة من الحياة السياسية المصرية، وذلك لاتهامهم بدعم "الإرهاب". فرمى بكل القيادات إلى السجن، وشرّد بالجماعة وأنصارها، وخصومه من حركات وتجمعات ثورية. وأصبح رئيساً فعلياً لمصر في الثالث من حزيران/يونيو، وغدت مصر الجديدة، مصر العسكر، وثورة 25 من يناير خصمه الضعيف.

2015 ذكرى ثورة تبحث عمن يحييها

في الذكرى الرابعة لـ25 يناير، أغلق ميدان التحرير، ولُفّ بالأسلاك الشائكة، تحرسه المدرعات من جميع المداخل. وكأن السيسي أراد اعتقال المكان كلّه، وإسكات أصوات ماهينور المصري، ووائل غنيم، وعلاء عبدالفتاح وأحمد دومه ومحمد عبد الرحمن "نوبي"... يطلّ السيسي ليحيي، ويهنىء، المصريين بالثورة. ولشدة تأثره يخال من لا يعرفه أنه كان في ميدان التحرير وقتها، يداوي الجرحى، ويحبّر الأقلام التي كتبت على اللافتات عبارة "إرحل"، لا ذلك العسكري الذي يحاول محو هذه الذكرى من تاريخ مصر. وفي هذا العام نجح بإيصالها إلى درجة من البؤس جعلتها تبحث عمّن يحييها.

 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها