الثلاثاء 2015/01/20

آخر تحديث: 16:45 (بيروت)

تسريب مصري جديد يعرّي "الإعلاميين بتوعنا"

الثلاثاء 2015/01/20
تسريب مصري جديد يعرّي "الإعلاميين بتوعنا"
أعلنت قناة "مكملين" عن تسريبها طوال يوم أمس قبل إذاعته: "مفاجأة لكل مقدم برامج في مدينة الإنتاج الإعلامي"
increase حجم الخط decrease

تكاد تسريبات مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي، تتحول إلى مسلسل ذات حلقات ثابتة، إذ يخرج كل فترة تسريب جديد يشي بمعلومات قد تقلب موازين الحياة السياسية –هذا إذا حدثت في بلد غير مصر- لكن الفضيحة تأتي تلو الفضيحة والنظام المصري على حاله: التجاهل التام أو التكذيب المقتضب.

 


هذه المرة، أبطال التسريبات هم صنّاع الرأي في مصر أو "الإعلاميين بتوعنا"، حسب تعبير اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي في مكالمة هاتفية مع العقيد أحمد علي المتحدث العسكري السابق، وهو يعطيه التعليمات اللازمة لتوجيه الخطاب الإعلامي وكيفية الحشد للمشير السيسي في الانتخابات الرئاسية (الأخيرة). هؤلاء الإعلاميون هم "أحمد موسى، وائل الإبراشي، إبراهيم عيسى".. وفي المكالمة الهاتفية، يتابع كامل: "العيال بقى بتوع أون تي في، على أماني" ويقصد بالطبع أماني الخياط.. "عندك رولا، وعندك البت بتاعتنا عزة مصطفى" .." كلم محمود مسلم.. كلم الواد اسمو ايه؟ الحسيني"... "عندك مثلاً نائلة عمارة.. عندك أسامة كمال".

تلك تقريباً هي أسماء كل الإعلاميين الذين صدعوا رؤوس المصريين طوال عام ونيف بالمؤامرة الإخوانية والخلاص على يد المشير المرشح الرئاسي السيسي، ثم الرئيس عبد الفتاح السيسي. وكان المطلوب منهم هو ما قاموا به بالتحديد طوال هذه الفترة: "عاوزين نعمل حالة كدا يا أحمد ونهيج بيها الناس يعني وهيا بتتقال يهيجوا بيها الناس.. الشعب".

وقبل إذاعة التسريب، وعلى طريقة أفلام الإثارة، أعلنت قناة "مكملين" عن تسريبها طوال يوم أمس قبل إذاعته، إذ قالت القناة: "التسريب سيكون مفاجأة.. مفاجأة لكل مقدم برامج في مدينة الإنتاج الإعلامي، الناس اللي بتدخل من بوابة 2، استديوهات أ وب وج.. استديوهات الحي الإسلامي، واستديوهات الحي الفرعوني، الناس اللي بتقعد تطبخ البرامج وهي بتشيش (تشرب الشيشة) على السكرية".

بطبيعة الحال، سينكر الإعلاميون ومن ورائهم مؤسسة الرئاسة، هذه التسريبات التي لا تنال فقط من مصداقيتهم كصنّاع للرأي والوعي العام في مصر، لكنها تنال أولاً من كرامتهم الإنسانية واستقلاليتهم –إن صحّت- فكيف يقبل إعلامي أن يتم اقتياد عقله ورأيه وروحه إلى حيث ترغب الدولة والقائمين عليها؟ لا حيث يرغب الناس الذين وثقوا به، وأفسحوا في مجريات حياتهم اليومية وقتاً لمشاهدته والاستماع إلى كلامه وتحليلاته؟

إلى أي حد وصل الفساد الإعلامي، ليتحول الإعلاميون إلى مجرد موظفين في بلاط مؤسسة الرئاسة؟ بالفعل فساد الإعلام لم يكن يحتاج إلى دليل مع فجاجة التأييد المطلق الأعمى لكل ما يصدر عن الرئاسة، وتبرير كل كارثة ترتكبها الدولة، لكن أن تتحول هذه الشخصيات العامة إلى مجرد أفواه تترجم أفكار الدولة، فهو ما لن يرحمهم التاريخ عليه.

الحزن الأكبر هو في تورط صحافي يحمل تاريخاً مثل إبراهيم عيسى في مثل هذه المهزلة، فهو المعارض الكبير في فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وكان أحد الأصوات العالية في وجه النظام، ومن الأقلام القليلة التي رفضت التوريث من دون مواربة. وكانت جريدة "الدستور" التي ترأس تحريرها في ذلك الوقت، صوت من لا مكان له من معارضي النظام، ومتنفساً لجيل صغير –يهاجمهم عيسى الآن بضراوة.

وأثناء تظاهرات 25 يناير، كان عيسى من الوجوه التي تقدمت الملايين، وكانت جريدة "التحرير" التي ترأس تحريرها بعد الثورة، هي التي نشرت صور البنت التي سحلها الجيش في أحداث مجلس الوزراء العام 2012. خسارة أمثال إبراهيم عيسى، خسارة فادحة، وسقوطه المريع في دهاليز السلطة أفدح.

تسريب وراء آخر، وفضيحة تلو الأخرى والحال لا يتغير.. بعدما أطبق اليأس على المنشغلين بالسياسة، وأغلق المجال العام، وتحول الإعلام إلى مؤيد للدولة أو خائن منتسب للإخوان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها