السبت 2015/01/17

آخر تحديث: 13:04 (بيروت)

مصر: "ثورة" البنات".. تغيير تدريجي

السبت 2015/01/17
مصر: "ثورة" البنات".. تغيير تدريجي
مديرو "ثورة البنات" لا يكتفون بنشر المشاركات ولكنهم يقدمون أيضاَ الإرشادات اللازمة للفتيات لحماية أنفسهن
increase حجم الخط decrease

يحتل الجسد موقعاً مرتبكاً في الخطاب الإجتماعي والسياسي المصري، مع محاولات تطويعه وزجه في سياقات دينية، وأعراف تاريخية، ما يضعه في معادلات عنف رمزي ومادي مختلفة. وإذا أضيف إلى ذلك جندره، تزداد حمولاته، ليرزح تحت أثقال سلطة الدين والأخلاق بسياقها الذكوري وتحيزه العنيف.

 

وفق هذه المقاربة، يصبح وجود صفحات نسوية في مصر أمراً بديهياً، لتعزيز سبل المواجهة مع المجتمع والمعاناة. صفحة "ثورة البنات"، التي يزيد عدد متابعيها عن 135 ألف شخص، تقدم نفسها كخط دفاع أمامي عن الحقوق الضائعة. "إحنا بنتعرض لظلم غير بيّن، وهو أسوء من الظلم البيّن لأن مش كل الناس بتقدر تشوفه أو تتعاطف معاه.. إحنا عايشين في مجتمع بيصنف البشر حسب جنسهم -ذكر أو أنثى- بيعطي حقوق للولد ويسحبها من البنت، زي حق الإختيار أو حق إتخاذ قرار".

 

 بدأت الصفحة نشاطها مع بدايات عام 2012. في هذا الوقت كان سؤال الثورة يفرض نفسه على كل مسارات الحياة، وكان تجليه الاجتماعي أبطأ وربما أعمق أثرا من خطه السياسي الذي انحرف عن أحلام الثورة وتبدد على صخرتي الإسلام السياسي وعودة الجيش.

 

كلمات بسيطة تعبر عن وجهتها. " كتير بيسألونا، بتثوروا ليه، بتثوروا على إيه.. مش شايفين كلمة "ثورة" كبيرة شوية على حركة نسائية؟ الثورة مش بس ضد الأوضاع السياسية لكن كمان في ثورات إجتماعية وهي في نظرنا لا تقل أهمية عن الثورات السياسية لأنها بتساعد في التغيير للأفضل. رغم إنها ثورة، لكننا مؤمنات إن التغيير "تدريجي" مش جذري".

 

في بدايات نشوء الصفحة، كانت الحركات والجمعيات النسوية تتشكل وتأخذ خطوات جدية في مقاومة الظاهرة الأكثر شيوعا في الشارع المصري، أي التحرش، وشكلت صورة البنت التي سحلها الجيش والتي أطلق عليها اسم "ست البنات" محركاً للدفع بالقضية إلى مقدمة القضايا التي تستحق ثورة من الجدل وطرح المسكوت عنه.

 

حاولت الدراسات النسوية أن تلعب دوراً حاسماً في إعادة صياغة الأسئلة المتعلقة بالجسد، والنوع، والجنسانية المطروحة في أجندة النظريات الاجتماعية. لقد انتقدت النسوية بشدة ذلك التمييز التقليدي في النظريات الاجتماعية الكلاسيكية بين الطبيعة والثقافة، خصوصاً فكرة التقابل بين المرأة في الطبيعة، والرجل في الثقافة، كما ناقشت ذلك التقسيم التاريخي بين المذكر والمؤنث والذي تجلى بوضوح في التقسيم النوعي/الجندري للعمل.

 

وبناءً على ذلك، باتت قضية "قهر الجسد الأنثوي" اجتماعياً ونفسياً وجنسياً، قضية محورية لدى باحثي النسوية، إذ تؤكد كاتبات نسويات أن الجسد الأنثوي يتم الحط من قدره باستمرار، من خلال اللامساواة الجنسية، والأعراف الاجتماعية، ويرجعن ذلك إلى الإذعان الذي يتشكل اجتماعياً. "فالمرأة –وفقاً لتلك الأعراف- ينبغي أن تكون مرتبطة بالآخرين، وينبغي أن تصوغ حياتها وفقاً لإرادة الرجل، ويؤدي ذلك إلى ضعف ثقة المرأة بنفسها، ومن ثم انعزالها واغترابها".

 

مديرو "ثورة البنات" لا يكتفون بنشر المشاركات ولكنهم يقدمون أيضاً الإرشادات اللازمة للفتيات لحماية أنفسهن، ويعلمونهن طريقة إعداد رشاش الفلفل لمقاومة المتحرش، إضافة إلى أن الصفحة المذكورة تفتح الباب للمناقشات أمام الجميع، لمساعدة الضحية وفضح المتحرشين.

 

هكذا تحاول الصفحة ألا تكون مجرد "ثورة افتراضية"، لكنها تنقل احتجاجاتها التي تثير الكثير من الجدل إلى الواقع العملي، فوفق الصفحة "من حق كل أنثى أن تتمتع بحقوقها كاملة ومش من حق أي شخص يتدخل في قراراتها مهما كانت سُلطته أو درجة قرابته منها".

 

يبدو الطريق طويلا لتجاوز أطنان من المشاكل الجندرية التي يعانيها المجتمع، لكن المباردات الفردية تصنع فارقاً دائماً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها