بعد توطئة سلسلة "رجل الملابسات الغامضة"، التي ترتكز على سرد متخيل، يحاكي روايات الجيب المصرية واللبنانية، من ناحية الأسلوب والشكل والشخصيات، خصوصاً بطلها (كمال أدهم)... وبعد الحلقة الأولى و
الثانية والثالثة، والرابعة، و
الخامسة، هنا الحلقة السادسة من السلسلة، على أن تُنشر حلقتها الأخيرة يوم الجمعة المقبل.
رسم: ترايسي شهوان.
تحذير: يرجى الإستماع إلى الموسيقى المرافقة.
لا أريد الإنتقام بل هو الذي يريدني. الحال التي أنا فيها، لا يحسدني عليها أحد إلا مَن يحاول أن يكون بطلاً، فيمشي في طريق خالية، ولا يجد سوى نفسه. أنا (كمال ادهم)، لا أعلم أين هم أعدائي الآن، ولا ماذا يخططون. تُركت هنا مع جسم متعب، وذئب أسود، ما أن حضر بقربي حتى استيقظت، فاختفى.
يلزمني سلاح، وخريطة تمضي بي الى غفوتي. فإذا كنت بطلاً، فذلك في نومي فقط. استلقي ولا أبالي بوسادتي التي حشوتها حجارةً وعلب دواء فارغة.
إنها النهاية، ولا بد لها أن تتخلص مني.
مرت إحدى السيارات من أمام (كمال)، أوقفها وصعد فيها، نظر الى سائقها ولم يتكلم. على بعد كيلومترات قليلة، نزل من المركبة ليفرك عينيه ويرى قصر السيد (تامر حمدي)، وقد اشتعلت أضواؤه من كل جانب. هناك حفلة في الداخل، حفلة الانتهاء منه، ظناً من منظميها أنه صار من عداد الموتى.
لقد عاد لينتقم...
لا، هُم مَن عاد، وليس أنا. الموتى يرفضون عودة الحياة إليهم، أما هؤلاء الذين يقهقون مع بعضهم البعض، فيخافون رجوعي فأنهيهم. ها أنا أتحسس رقبة الحارس الليلي بكفّي، أضربه، وأنزع بندقيته منه. فالخاتمة أفضل حين يوقعها الرصاص.
قرر كمال أن يقتحم القصر، محولاً حفلة الإنتهاء منه الى حفلة للإنتقام له. (إيناس) تجلس مع صديقتها على مقعد خشبي، والدها بعيد عنها، يدردش مع أصحابه. الحراس يحيطون بحوض السباحة، بعد قليل، سيكون مصيرهم الغرق.
اقتحمتُ القصر من بوابته، مطلقاً النيران على كل حارس من الحراس، سقطوا الواحد تلو الآخر في الحوض المائي، الذي تلون بأحمر دمائهم. قفزتُ فوق الطاولات، وبقدمي، حطمت الأواني والزجاجات الموجودة عليها. ذعر الحضور وبدأوا بالصراخ، فهُم لم يتوقعوا ظهوري، فكيف اقتحامي حفلتهم، التي يتضح من وجوه المشاركين فيها أنها بدأت للتو. قفزتُ فوق الطاولات، تدحرجت على الأرض، كدتُ أقع. للحظة، فكرت في إطلاق النار عليهم جميعاً، لكنني لا أحب المجازر، لا أحب ما سمعته مرةً: "بعد كل مجزرة، ترفع بصمات الناجين منها". هذه الليلة، لن ينجو أحد.
إرتعبت (إيناس) من اقتراب (كمال) من والدها. صرخت بقوة، وطلبت من حبيبها أن يترك أباها وشأنه.
-أتركه، أقتلني، أنا سبب هلاكك.
بعد كل الذي جرى، لا داعي للرد على أي كان. قيدتُ والد (إيناس)، ورميته أرضاً. فقد وعيه، فارتحت قليلاً، إلا من صياح المتفاجئين بي. كانوا يضحكون، وعلى بغتة منهم صرت أهددهم، لكن، ليس بموتهم، بل بموتي. فلا أحد تفوته منيته، بل منية الآخرين، هكذا على دوام الأيام أو بالأحرى على دوائها.
قيدتهم جميعاً، وواصلت (إيناس) ارتجافها. قالت لي "حبيبي..."، ولا يهمني ماذا أضافت، اقتربت منها، وطلبت منها الجلوس في مكانها. جلست، فقعدت على ذاكرتي.
- لماذا فعلتِ هذا رغم أنك تعرفين أنني لا أكن لك سوى الحب؟ ادرك أنني لن اسمع الإجابة، لكن، بمقدورك ان تجيبي...
- كمال...
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها