الجمعة 2015/05/08

آخر تحديث: 13:24 (بيروت)

رجل الملابسات الغامضة (2): الرهان الفاشل

الجمعة 2015/05/08
رجل الملابسات الغامضة (2): الرهان الفاشل
إيناس، أرجوكِ، لا تقفزي!
increase حجم الخط decrease
بعد توطئة سلسلة "رجل الملابسات الغامضة"، التي ترتكز على سرد متخيل، يحاكي روايات الجيب المصرية واللبنانية، من ناحية الأسلوب والشكل والشخصيات، خصوصاً بطلها (كمال أدهم)... وبعد الحلقة الأولى من السلسلة، هنا، الحلقة الثانية منها، على أن تُنشر حلقاتها أسبوعياً، كل يوم جمعة. 

رسم: ترايسي شهوان.

تحذير: الإستماع إلى الموسيقى المرافقة


نظر السيد (ف) إلى (كمال)، دخلت (ليندا).

فجأةً، استيقظ البطل في فراشه والعرق يتصبب من جبهته. كيف يُعقل أنه شاهد هذا الكابوس؟ فمن هم هؤلاء؟ وماذا يفعل (عبس)، الذي وجده مقتولاً منذ فترة في شقته، بينهم؟
يا إلهي، لقد نسيت أخذ الدواء.

فتح (كمال) علبة دواء الأعصاب، ابتلع منها حبتين، مط شفتيه، وتفرس في المرآة، وقال: "لم أعد شبيهي". تذكر نصائح طبيبته، وراح يعدّها بصوت منخفض: لا تستعمل المصعد، لا تلتفت إلى نار القداحة عندما تستعملها، أطفئ السيجارة قبل أن تكملها، لا تستمع إلى الموسيقى، ابتعد عن طريق الأطفال، لا تكثر من الملح في طعامك، إدفع الضرائب... ضحك (كمال)، وأضاف: "فتّش عن مُتعك، وأي متعة بعد استحضار لائحة الممنوعات هذه؟".

همَّ إلى ارتداء ملابسه، وفي حين كان ينزع قميصه، انتبه إلى جرح فوق كتفه، وبقعة زرقاء غامقة فوق ساعده. اعتراه رعب فظيع، ولم يعد يصله أي صوت من حوله، خصوصاً أن جهاز الراديو خلفه معطل. من الصعب أن يعيش البطل بلا جهازٍ ما ورائه أو أمامه. في تلك اللحظة، عرف (كمال) أن كابوسه ليس وهماً.
سأخرج إلى الشارع، علّني ألتقي بـ(ليندا).

ما أن مشى في الطريق، حتى التقى بفتاة شقراء، لحقها، وعند اقترابه منها، وضع يده على كتفها.

- ليندا؟
- عفواً؟

اضطربت الشقراء، وابتعدت. أسرع (كمال) الخطى، لكن المشهد أمامه صار مغبشاً. دخلت إلى إحدى البنايات، وفي دقائق، وقفت على السطح. من بعيد، لاحظ (كمال) أن الفتاة تريد الانتحار، ركض صوبها، وقف تحتها، وصرخ: "...". علقت عباراته في فمه، فحاول مرة أخرى: "...". الغبش يتضاعف من جديد، اختلط البياض بالسواد. عاين الفتاة من جديد. آه، إنها (إيناس) وليست (ليندا).
إيناس، أرجوكِ، لا تقفزي!
قفزت الفتاة، وماتت.

***

صفع السيد (ف) بطلنا، فعاد الأخير إلى وعيه. لقد كان في غيبوبة. ذاك، أنه لما وصل إلى (بيت الهيام)، ودخل إلى غرفة المقامر المشهور، ألقي القبض عليه.

"أهلاً وسهلاً بك في الجحيم"، قال له السيد (ف).
- لقد أرسلنا لكَ (ليندا) كي تجرك إلى مكتبي، والآن، بإمكاننا أن نتحدث.
سكت (كمال).
- سمعت عنك الكثير، عن مغامراتك ومهماتك ونجاحك في تحقيق أهدافها، خصوصاً قصة قضائك على عصابة (جواد شكري).
- ماذا تريد مني؟
- إيناس حمدي مخطوفة، وأريدك أن تحررها، أراهن على عملك معي.
- وما علاقتك أنتَ بإيناس؟
-أريد أن أقدم تحريرها هديةً إلى والدها. ستسألني عن سبب ذلك، ولن أجيبك. أريد منك أن تساعدني فقط، وفقط لا غير، وإياك أن تجيبني بـ"نعم" كاذبة، لأنني سأعلم أنك تخدعني. فأنتَ محقون بعقار الصدق.
- نعم سأتعاون معك.

فكّ السيد (ف) قيود (كمال)، ومدّ يده نحوه ليصافحه.
صافحه (كمال). وبسرعة، سحب المسدس-غولد سميث- من السيد (ف)، وسدد رصاصتين نحوه، صاحت الشقراء: "النجدة، النجدة!". لن يسمعها أحد، فالحراس في الخارج مجرد جثث. تقدم (كمال) منها، قائلاً لها: "أين إيناس؟"، لم ترد، كرّر سؤاله، كرّرت صمتها.

- أين إيناس؟
- أرجوك، لا تقتلني..
- أجيبي..
- النجدة.
- أجيبي..
- خطفها (تامر حمدي).

بُغت (كمال).. هل يُعقل؟ لماذا؟ وما كاد ينتهي من استفهامه هذا، حتى أضاف: "كيف يخطفها وهو أبوها؟"، ثم وضع رصاصة في رأس الشقراء المتوحشة.

***

في قصره، وقف (تامر حمدي) يتأمل حديقته عبر النافذة، مدخناً سيجاره الثمين. "أتمنى أن ينال (كمال) قسطه من التعذيب على يد صديقي (ف)، فلا يتجرأ بعد ذلك على اللقاء بـ(إلهام)، المغفل يسميها (إيناس). لن يتجرأ، وإلا سيكون مصيره الموت".

رن الهاتف، حمل السماعة.

- آلو
- سيدي، سيدي، لقد فرّ (كمال) من الشرك، بعدما قتل السيد (ف) و(ليندا).

غضب (تامر)، وضرب الحائط بقبضته في عنف صائحاً: "هذا اللعين، يبدو كأنه رجل خارق".

***

لمّا غادر (كمال) بيت الهيام، فكر في الإسراع نحو بيت (تامر حمدي)، لكنه كان على يقين بأن كل ما يرغب فيه هو بضع ساعات من النوم، ونسيان تناول الدواء في موعده.

"حدقت كثيراً" قال، واختفت سيارته "التويوتا" السوداء.


الحلقة المقبلة: القصر يشتعل
"ها قد وصلت إلى (إيناس)"، "(تامر كريم) و(إلهام كامل)"، "حرب في الحديقة"، "قتل الطاهي"، "لا، أنتَ المخطوف وليس أنا". 


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها