وعَكَس التفاعل الناقم على افتتاح المول مهرجانه السنوي الأول، التفاوت الطبقي في بقعة جغرافية صغيرة. حيث أثار مشهد الافتتاح وازدحام المول بالحاضرين في أجواء احتفالية غير معهودة، نقمة أهالي المخيمات المتاخمة.
وروج مستخدمو التطبيق كلمات نارية لخطباء مساجد في إدلب تستنكر حالة "الاختلاط بين الجنسين" خلال افتتاح المهرجان، وتدعو إلى "محاربة السفور والعري في منطقة تم تحريرها بالدماء"، لينتقل ذلك التحريض إلى أرض الواقع بإطلاق أحد العناصر الملثمين العيارات النارية على مبنى المول في واقت لاحق، فيما قال معلقون أنه ينتمي إلى "الحزب الإسلامي التركستاني" وهو تجمع يضم مقاتلي الإيغور، الذين يعيشون حياة مغلقة في ريف إدلب.
وحاز هاشتاغ مول الحمرا في "تيك توك" نحو مليون مشاهدة، ما يعطي انطباعاً عن فعالية التطبيق وشعبيته بين سكان المنطقة، خصوصاً في المخيمات حيث يجد السكان فيه ملجأ لعرض حياتهم اليومية الرتيبة والبائسة في المخيم، في ظل سهولة التسجيل في التطبيق وإنشاء محتوى بأدوات بسيطة وغير مكلفة.
وكل مساء، تضع "خالتو أم عبد الرحمن" طبقاً يحتوي وجبة العشاء الخفيفة التي تغيب عنها اللحوم. وتفتح البث المباشر في "تيك توك" على وقع أغنية "يا طيبة.. يا دوا العيانا"، وتحث زوار صفحتها الذين يتجاوزون المئات على التبرع لأطفالها، الذين يعيشون في إحدى الخيام بريف إدلب.
ولا تأكل أم عبد الرحمن وجبتها إلا "بعد اكتمال الهدف" أي جمع عدد محدد من العملات. وربما تلجأ إلى افتتاح بث آخر بعد تناول وجبتها، لتحصيل هدف آخر.
ويتكرر هذا النموذج عبر عشرات الصفحات الرائجة في "تيك توك" والتي يديرها شبان وصبايا وعجائز من أبناء المخيمات، ويلجأ أصحابها إلى تسجيل فيديوهات ترويجية قبل بدء البث المباشر الذي غدا مصدر الدخل الرئيسي لهذه الأسر، كما تحظى المنصات بعدد كبير من المتابعين يصل في بعضها إلى نصف مليون متابع مع حضور كثيف على اللايف.
على أن هذا النموذج يمتلك وجهاً مظلماً، حيث
كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" العام الماضي، أشخاصاً يستغلون الفقراء والنازحين في مخيمات إدلب، بإعطائهم هواتف ذكية وإمكانية الوصول للأنترنت من أجل التسول وعرض مأساتهم، مقابل أجر زهيد، فيما تذهب التبرعات التي يحصد "تيك توك" أصلاً معظمها، إلى المشغل نفسه. كما تنتهك الفيديوهات الكثير من اللوائح الأخلاقية والقانونية التي تصل إلى حد استغلال الأطفال وعمالة الأطفال وغيرها.
توازياً، يبث ناشطون وصحافيون في الشمال السوري صوراً يومية لحياة قاطني المخيمات ويبثونها في "تيك توك" حيث تنال مشاهدات مليونية، أغلبها من سكان المخيمات أنفسهم، على اعتبارهم الجمهور الأكبر للتطبيق في المنطقة.
على سبيل المثال، تنقل الناشطة ملك التركاوي، التي تظهر بثياب سوداء تغطي كامل جسدها ووجهها، بأدوات بسيطة، مشاهد من بؤس المخيم، وتجول على قاطني الخيام بين إدلب وعفرين، كي تروي قصصاً مؤثرة عن الفقر والأوضاع المعيشية والخدمية الكارثية بين الخيام. ويشمل عمل التركاوي تصوير القصص الإنسانية مع محاولة استقدام الدعم لأصحاب هذه القصص.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها