الثلاثاء 2019/09/17

آخر تحديث: 14:38 (بيروت)

مصر:الجيش يتمدد.. في قطاع السياحة

الثلاثاء 2019/09/17
مصر:الجيش يتمدد.. في قطاع السياحة
Getty ©
increase حجم الخط decrease
الوجهة التي أخذتها الحكومة المصرية مؤخرا لتحصيل أكبر فائدة من قطاع السياحة عبر فرض ضريبة على استغلال الشواطئ، أثارت أسئلة وهواجس كثيرة لدى القيمين على قطاع السياحة، الذين رأوا في الأمر ما هو أبعد من مجرد ضريبة، خصوصا أن مؤسسات الجيش السياحية بقيت معفاة من هذه الضرائب.

ويعتبر قطاع السياحة واحداً من أكثر القطاعات تأثرا بالأوضاع السياسية والأمنية التي تعيشها مصر من منذ ثورة 25 يناير 2011؛ إذ تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى تراجع إيرادات هذا القطاع الحيوي بنحو 80 في المئة عما كان عليه عام 2010.

وخلال آب/أغسطس الماضي، بدأت أحاديث عن عزم الحكومة تحصيل ضريبة من المستفيدين من الشواطئ (فنادق، قرى سياحية، ملاهٍ ليلية) قيمتها 150 جنيها (12 دولار) عن المتر الواحد وبأثر رجعي مدته 16 عاماً، الأمر الذي أثار جدلا عن قانونية وأهداف تلك الخطوة.
ومطلع أيلول/سبتمبر، قال المتحدث باسم الحكومة نادر سعد، إن الحكومة شكلت لجنة للبحث في قانونية فرض هذه الرسوم.

وطالبت رئاسة مدينة الضبعة قرية في الساحل الشمالي، هي قرية "الأمين"، بدفع 11 مليوناً و67 ألف جنيه، كما طالبت رئاسة مدينة العلمين، قرية "لازوردي ويبكو" ب3 ملايين جنيه، وطالبت مدينة الحمام قرية "مارينا صن شاين" ب12 مليون جنيه، كما تمت مخاطبة 40 قرية سياحية بالإسكندرية لسداد نظير استغلال الشواطئ.
مصر: مطالة المؤسسات السياحية بضريبة
هذه الخطوة، برأي البعض، قد تكون مقدمة لدخول القوات المسلحة إلى مجال السياحة بعد أن اخترقت أسواق الدواء والغذاء والعقارات والطرق والوقود، سيما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي خصص مؤخراً مساحات شاسعة من أراض المناطق السياحية لصالح الجيش.

مدير أحد الفنادق بمدينة الغردقة، قال ل"المدن"، إن هذا الأمر يعني تحميل المنشآت السياحية ملايين الجنيهات دون وجه حق، مضيفاً أن الفنادق والقرى السياحية تدفع ضريبة فعلية للحكومة عن كل ما تستفيد به من أراض بما فيها الشواطئ.

وأوضح المدير الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن القطاع لا يمكنه تحمل أعباء مالية جديدة في ظل حالة التدهور التي يمر بها، وأن ما يحدث هو بمثابة شراء ما تم شراؤه مسبقاً، مؤكداً أن الحكومة "ما دامت تحدثت في الأمر فإنها ستحصل على ما تريد".

وتساءل: "هل ستدفع الفنادق التابعة للجيش هذه الرسوم؟ خاصة وأن الجيش يمتلك فنادق في كل شواطئ مصر تقريباً وهذه الفنادق تستفيد بمساحات شاسعة ومميزة من الشواطئ".
وأشار إلى أن السائح هو من سيتحمل الضريبة الجديدة لأن الفنادق والقرى سترفع الأسعار على المستهلك، وبالتالي فإن تداعيات هذه الضريبة على القطاع لا يمكن تحديدها إلا بعد تطبيقها.

وخلص إلى أن تطبيق هذه الضريبة سيخلق منافسة غير متكافئة بين الشركات المدنية والأخرى التابعة للجيش، غير أنها ستكون منافسة محسومة لصالح الأخيرة التي تمتلك مزايا لا يمتلكها غيرها؛ فهي تمتلك أفضل الشواطئ بالإضافة إلى الأيدي العاملة المجانية لأن غالبية العاملين من المجندين وبالتالي يحصلون على رواتب زهيدة جداً، فضلا عن الإعفاء من كل الضرائب التي تتحملها المؤسسات المدنية.

وبعد عام من توليه الحكم، أجرى السيسي تعديلات على قانون الضرائب المصرية رقم 96/2015، أعفى بموجبه كل الأبنية والمشاريع والمستشفيات والوحدات التابعة للقوات المسلّحة وجهاز الخدمة الوطنية (التابع للجيش) من الضرائب.

وفي 5 آب/أغسطس الماضي، أصدر السيسي القرار (رقم 380) الذي قضى بتخصيص 47 جزيرة من الأراضي المملوكة للدولة المصريّة لصالح القوّات المسلّحة المصريّة، كأراض "استراتيجيّة ذات أهميّة عسكريّة".

وتقع الجزر الـ47، التي شملها القرار الجمهوريّ، في البحر الأحمر. وهذه الجزر، بحسب القرار، سياحيّة في الأساس، وتستخدم في الغطس أو إقامة رحلات ال"سفاري"، وكانت تنقسم ملكيّتها قبل تخصيصها لصالح الجيش بين وزارتيّ البيئة والسياحة.

ولم يكن هذا القرار الوحيد، فهناك القرار (378) الذي صدر في الشهر نفسه وقضى بتخصيص عشرات الآلاف من الأفدنة في مناطق سياحية تعود ملكيتها إلى الدولة والوزارات المدنية، وذلك لصالح القوات المسلحة.

وقضى القرار بتخصيص قطعة أرض سياحية في جنوب مدينة الزعفرانة، وهي مدينة سياحية تطل على البحر الأحمر، بمساحة 16 ألف فدان، ومنطقة أخرى في خليج "جمشة" مساحتها 45 ألف فدان، ومنطقة أخرى أيضاً مساحتها 14 ألف فدان في خليج جمشة أيضا، كل ذلك تمّ سحبه من الوزارات والهيئات المدنية وتخصيصه لصالح الجيش.

وتمتاز هذه المناطق بحركة سياحية عالية بسبب وجود مدينتيّ الغردقة والجونة بالبحر الأحمر، وهما من أهمّ المناطق السياحية في مصر وتجذبان آلاف السيّاح سنويا.

وبموجب القرار الجمهوري تنتقل الأرباح التي تنتجها هذه الجزر، بداية من نشر القرار في 4 أغسطس/آب 2019 وكل المناطق السياحية الأخرى التي تم منحها للجيش، من خزينة وزارتيّ السياحة أو البيئة، إلى خزينة القوات المسلّحة.

وفي تموز/يوليو، منح السيسي القوات المسلحة سلطة تحديد أيّ من الأراضي التي ترى أنها تحتاج لضمها من المدنيين لصالحها، إضافة إلى تخصيص أرض الميناء وما يحيط بها من مناطق سكنيا كلها لصالحها.

هذا الموضوع أضاء عليه حينها موقع "المونيتور" الأميركي نقلاً عن أحد أعضاء غرفة السياحة في الغرف التجارية المصرية، الذي قال إن قرارات كهذه "تثير المخاوف على مستقبل الشركات المدنيّة العاملة في هذا المجال"، مشيراً إلى تضرر من تدخل جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلّحة في مجالات اقتصادية أخرى، ولكن يبدو أن الدور الآن على قطاع السياحة.

وتوسعت استثمارات الجيش المصري خلال السنوات الماضية، عن طريق "جهاز الخدمة الوطنية" حيث تدخل في عدد من الصناعات، بينها صناعة الحديد الصلب والأسمنت والبناء وحتى الصناعات الطبية عن طريق إنشاء مصانع لإنتاج أدوات طبية.

وتتزامن هذه الأحاديث مع اتهامات كبيرة بالفساد والتربح وجهها رجل الأعمال المصري محمد علي مؤخراً للرئيس المصري وقادة الجيش، حيث أكد عبر عدد من المقاطع المصورة أن المؤسسة العسكرية، وبرعاية السيسي، تقتحم كل المجالات لتحقيق أرباح كبيرة على حساب الشركات المدنية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها