الثلاثاء 2020/04/21

آخر تحديث: 14:18 (بيروت)

مصر: السلطة حجبت عيد القيامة..لكي تضبط رمضان

الثلاثاء 2020/04/21
مصر: السلطة حجبت عيد القيامة..لكي تضبط رمضان
© Getty
increase حجم الخط decrease
على وقع الحظر الكامل للتجوال أمضى أقباط مصر "عيد القيامة" دون أي مظهر من مظاهر الاحتفال، كما أمضى المصريون عموما "شم النسيم" في بيوتهم، وهو اليوم الذي لطالما اتخذ من الصخب والزحام عنوانين رئيسيين له في سنوات ماضية.

الحكومة المصرية استبقت المناسبتين بفرض حظر كامل للتجوال للحيلولة دون إقامة صلوات بالكنائس أو وجود تجمعات في الشوارع والحدائق العامة والمتنزهات بهدف الحد من انتشار من وباء كورونا.

لكن هناك من يؤكد إن القرار، وإن كان في محله، إلا أنه يحمل في طياته تصفية حسابات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي وبين رأس الكنيسة الكاثوليكية في مصر تواضروس الثاني.

فقد أثار القداس المحدود الذي أقامه البابا تواضروس الثاني في 11 نيسان/أبريل، استياء كبيراً على المستويين الشعبي والرسمي، كونه ضرب بقرار إغلاق دور العبادة المفروضة منذ نحو شهر عرض الحائط، في حين يتم تطبيق القرار بحسم على المساجد.

وحال الحظر الكامل الذي فرضته الحكومة قبيل احتفالات عيد القيامة دون إقامة القداس السنوي، كما أنه منع وجود أي مظهر للاحتفال، بعدما عززت أجهزة الأمن من تواجدها في الشوارع وأمام الكنائس.

وكان القداس الذي أقامه البابا قد أثار لغطاً بعدما استدعى حديثاً عن إقامة صلاة الجمعة في المساجد رغم قرار المنع. في حين أثيرت دعوات لإقامة صلاة التراويح خلال شهر رمضان ، الأمر الذي استدعى تدخلاً سريعاً من السلطة.

هذه الخطوة غير المحسوبة، أو غير المقصودة، من رأس الكنيسة المصرية، أحرجت القيادة السياسية من جهة وعززت شعوراً بالتمييز لدى المسلمين من جهة أخرى، كما يقول أحد المسؤولين بمجلس الوزراء المصري.

ويضيف المسؤول الذي طلب عدم ذكره اسمه ل"المدن"، أن "البابا لم يقصد الإساءة وقد حرص على تقليل عدد المشاركين في القداس وحصره في رجال الدين، لكن الأمر استدعى أحاديث لم نكن في حاجة لها".

وتابع: "هذا القداس استدعى تدخلاً من السلطة لتأكيد أن قرارات المنع سارية على الجميع دون استثناء، لكن الرئيس لم يرغب في تصوير الأمر على أنه صراع بين رجلين كما حدث في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، لذلك أوعز لرئيس الوزراء بإصدار قرار الحظر الكامل تزامناً مع عيد القيامة، من جهته".

ومنذ بداية أزمة "كورونا"، دأب السيسي على إصدار كافة القرارات ولاسيما تلك التي تتعلق بالحظر من طرفه، كنوع من ترسيخ فكرة أنه صاحب الرأي الوحيد في كل كبيرة وصغيرة، لكنه سمح لرئيس الوزراء بإصدار قرار الحظر الأخير.

وبحسب المسؤول الحكومي، فالعلاقة بين السيسي والبابا تواضروس "في أحسن حالاتها"، لكن اتخاذ قرار منع إقامة الصلوات في الكنيسة خلال الأعياد "كان أمراً لا غنى عنه، خاصة وأننا غالباً سنمدد إغلاق المساجد خلال شهر رمضان".

وفي السياق، قال ضابط في الشرطة المصرية ل"المدن"، إن أجهزة الأمن تلقت تعليمات بتشديد الرقابة على الشوارع والكنائس خلال الاحتفال بعيد القيامة وشم النسيم، لمنع أي مظهر من مظاهر الاحتفال.

وأضاف أن "عناصر الأمن في كافة المحافظات حرصوا على متابعة تطبيق الحظر وشاركوا في دوريات ليلية للتأكد من عدم وجود صلوات بأي كنيسة خلال الساعات الأخيرة من ليل 19 نيسان، موعد قداس عيد القيامة".

وقال إن الداخلية كانت مستعدة ل"فضّ" أي صلاة في أي كنيسة واعقتال المشاركين فيها حتى من القساوسة حتى لا يتذرع البعض بهذه الأمور ويحرض المسلمين على فتح المساجد، لأن هذا الأمر ربما يكون سبباً في صدامات كبيرة.

ولفت الضابط إلى أن إقامة قداس في أي كنيسة خلال عيد القيامة يعني أننا لن نستطيع منع الصلاة في أي مسجد خصوصاً في محيط الكنيسة التي أقيم بها القداس، لذلك كانت هناك تعليمات واضحة للكهنة بأنه لن يسمح بأي تصرف يستفز مشاعر المسلمين، مهما كان صغيراً، خاصة في المناطق الريفية ومحافظات الصعيد التي قد تنتهي هذه الأمور فيها بنزاع طائفي.

وخلت الشوارع من مظاهر الاحتفال بشم النسيم تماماً، كما خلت الكنائس من أي صلاة خلال عيد القيامة، بعد أن جابت قوات الشرطة الشوارع بطريقة أجبرت الجميع على الالتزام بالحظر.

وفي الساعات الأخيرة من ليل 19 نيسان، تزامناً مع موعد الصلاة، عجت شوارع مصر بسيارات الشرطة التي ظلت تراقب الوضع حتى وقت متأخر. وتعمدت مدرعات الشرطة إطلاق تنبيهات عالية لا تستخدمها في حالة الطوارئ لإرغام الناس على البقاء في بيوتهم.

وقبيل الاحتفال، وجه المحافظون تعليمات مشددة لموظفي الحكم المحلي بضرورة متابعة حركة الاحتفال والبقاء في حالة تأهب والإبلاغ بأي مظهر من مظاهر الاحتفال مهما كان صغيراً، بحسب أحد الموظفين.

وقال الموظف ل"المدن"، إن رؤساء المدن والقرى تلقوا تعليمات بضرورة متابعة الوضع في الأماكن التابعة لهم ولاسيما في الكنائس، مؤكداً أن التعليمات كانت تنص صراحة على أنه "غير مسموح بأي تواجد داخل أي كنيسة في أي مكان".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها