الإثنين 2020/06/22

آخر تحديث: 19:23 (بيروت)

ليبيا وإثيوبيا..هل تدخل مصر حربين في وقت واحد!

الإثنين 2020/06/22
ليبيا وإثيوبيا..هل تدخل مصر حربين في وقت واحد!
© Getty
increase حجم الخط decrease
أخذت الأمور في مصر منحى تصاعدياً سريعاً خلال الأيام القليلة الماضية؛ بعدما هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتدخل عسكري مباشر في ليبيا وذلك بالتزامن من تهديدات غير مباشرة للجانب الإثيوبي في ما يتعلق بأزمة سد النهضة.

وأتى تهديد السيسي لليبيا على مستوى عالٍ ومباشر في خطاب أمام قواته العسكرية حيث طلب منهم التجهز للقيام بعمليات عسكرية محتملة خارج البلاد، في إشارة إلى لبييا. لكن التهديد المصري لأثيوبيا كان منخفضاً، ما دفع إلى فتح باب الأسئلة على مصراعيها، وهناك من اعتبر أن ليبيا تشكل خطراً على السيسي شخصياً، وهو ما رفع من حدّة تصريحاته، أما أثيوبيا فهي تشكل خطراً على أمن مصر القومي، وهو ما يرى البعض أنه لا يهمّ السيسي بالقدر نفسه.

وقال السيسي قبل يومين إن مصر لن تقبل بتجاوز حكومة الوفاق الليبية (المعترف بها دولياً)، مدينتي سرت والجفرة، واصفاً الأمر بأنه "خط أحمر" بالنسبة مصر. ويخوض السيسي منذ انقلابه عام 2013 حرباً دولية على جماعة "الإخوان المسلمين". وأضاف خلال تفقده للواحدات القتالية المصرية على الحدود الغربية، أن أي تدخل عسكري مباشر في ليبيا باتت تتوفر له الشرعية الدولية كونه يلقى رضى البرلمان الليبي المنتخب (في إشارة إلى برلمان طبرق).

لكن حكومة الوفاق (المدعومة من تركيا) وصفت هذه التصريحات ب"التدخل السافر" في الشأن الليبي، كما أعربت الرئاسة التركية على لسان متحدثها الرسمي إبراهيم قالن عن تفهمها لمخاوف مصر المشروعة في هذا الشأن، لكنها دعت القاهرة لتصحيح أخطائها.

في الوقت نفسه، وصلت المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا في ملف مياه نهر النيل إلى طريق مسدود، بحسب ما أعلنته الخارجية المصرية هذا الأسبوع. ودعت القاهرة مجلس الأمن الدولي للتدخل من أجل إيجاد أرضية عادلة للتفاوض، وهو ما اعتبرته أديس أبابا أمراً غير ذي جدوى، مؤكدة أنه لا يوجد ما يمنعها من المضي قدماً في ملء سد النهضة ، موضع الخلاف، مطلع تموز/يوليو المقبل.

هذه التطورات تدخل في إطار التحرك نحو استبدال طاولة المفاوضات بساحة القتال، وتفرض تساؤلات مهمة حول إمكانية إندلاع حرب مباشرة سواء بين مصر وتركيا في ليبيا، أو بينها وبين إثيوبيا، وحول إمكانية خوضها حربين في وقت واحد.

أحد ضباط الجيش المصري قال ل"المدن"، إن القوات المسلحة المصرية في حالة استعداد قصوى هذه الأيام، مؤكداً أن تعليمات صدرت منذ أسابيع بالاستعداد لتنفيذ عمليات قتالية عالية المستوى.

وأكد الضابط الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الجيش حشد قوات كبيرة ومن كافة الأسلحة، ولا سيما المدفعية، على الحدود مع ليبيا، مشيراً إلى أن التوجيهات المعنوية في هذا الشأن واضحة، وهي أنه غير مسموح لحكومة طرابلس بالسيطرة على بنغازي.

وتابع أن مصر "تدافع عن أمنها القومي"؛ لأن سقوط شرق ليبيا في يد الإخوان (يقصد حكومة الوفاق) يمثل تهديداً خطيراً للأمن الداخلي المصري؛ ونحن غير مستعدين لوجود "هشام عشماوي" جديد على حدودنا.

وفي ما يتعلق بالوضع مع أثيوبيا، قال الضابط المصري إننا نعلم جيداً ومنذ فترة أن مسألة السد لن تُحلّ إلا بالقوة. ورفض الضابط الخوض في التفاصيل، لكنه أكد أن ما يعرفه كل ضابط بالجيش هو أن حلول هذه المشكلة موضوعة منذ زمن.

وخلص المتحدث إلى أن الجيش المصري لن يخوض حرباً على جبهتين بالمعنى التقليدي؛ وإنما سيواجه جماعات مسلحة لا ترقى إلى وصفها بالجيش في ليبيا، وسينفذ عمليات نوعية وسريعة في إثيوبيا.

الرأي نفسه تقريباً ذهب إليه الكاتب الصحافي محسن حامد، بقوله إن اندلاع حرب كبيرة على الجبهة الليبية أمر غير وارد وغير مرغوب فيه؛ لأسباب كثيرة منها أن مصر ليست في وضع سياسي أو اقتصادي يمكنها من خوض حرب طويلة، كما أن تركيا لن تدخل حرباً هي تعرف أن احتمالات حسمها متدنية.

وفي تصريح ل"المدن"، أكد حامد أن تركيا حريصة على ترسيخ فكرة أنها لا تبيع حلفاءها لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع الاعتماد على قوات الوفاق الليبية، التي هي مجرد مجموعات مسلحة، في مواجهة جيش نظامي (يقصد المصري) خصوصاً وأن عوامل الجغرافيا تصب في مصلحة هذه الجيش؛ لأن المعركة على حدوده.

كما أن تركيا، وإن كانت أسلحتها قد أثبتت تقدمها ونجاعتها في معارك ليبيا الأخيرة، فإنها لن تستطيع نقل ذروة تطورها العسكري إلى الساحة الليبية، وبالتالي هي ستتجنب الدخول في حرب كبيرة لكنها لن تفرط في المكاسب التي تحققت، على حد قول الصحافي المصري.

أما بالنسبة لمصر؛ يضيف حامد، فهي أيضاً لا تريد تحمل فاتورة حرب كبيرة؛ ومن ثم ستعمل على إيجاد حل يجنّبها هذه الحرب من جهة ويحفظ لقوات شرق ليبيا، سواء تحت قيادة حفتر أو غيره، موضع قدم في مستقبل ليبيا من جهة أخرى.

وعلى الجانب الإثيوبي، يرى حامد، أن المسألة لن تكون حرباً تقليدية وإنما هي عمليات نوعية خاطفة، يتم بعدها الجلوس للتفاوض من جديد أو الذهاب إلى مجلس الأمن.

وزير الخارجية المصري سامح شكري قال إن القاهرة "لم تهدد بأي عمل عسكري" ضد إثيوبيا خلال السنوات الست الماضية، ولم تشر حتى بطريقة غير مباشرة لهذه الاحتمالية". لكنه أكد أن مصر ستتخذ إجراءات "واضحة وصريحة" في حالة فشل مجلس الأمن الدولي في إعادة إثيوبيا للمفاوضات بشأن السد.

وتابع: "إذا لم تعد إثيوبيا للمفاوضات وبدأت في ملء السد (النهضة)، سنجد أنفسنا في موقف لا بد من التعامل معه، وعندما يأتي ذلك الوقت، سنكون صريحين وواضحين جداً في الإجراءات التي سنتخذها".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها