الجمعة 2020/11/13

آخر تحديث: 16:45 (بيروت)

انتخابات البرلمان المصري.. مقاربة جديدة لتهدئة الداخل ومواجهة الخارج

الجمعة 2020/11/13
انتخابات البرلمان المصري.. مقاربة جديدة لتهدئة الداخل ومواجهة الخارج
© Getty
increase حجم الخط decrease
يبدو تعامل النظام السياسي المصري مختلفاً مع الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ حيث رفعت أجهزة الأمن يدها عن مرشحين ونوّاب مؤيدين للنظام، وأفسحت المجال أمام المواطنين لاختيار جزء من تشكيلة البرلمان المقبل.

ورغم تبني وسائل إعلام معارضة لرواية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يجري عملية تصفية حسابات خلال هذه الانتخابات، فإن قريبين من العملية الانتخابية ينفون هذه الرواية ويؤكدون أن سعي النظام كان توفير أكبر غطاء شعبي ممكن للبرلمان.

ويؤكد المتحدثون أن ارتفاع مؤشر الغضب داخلياً وزيادة التحديات الخارجية، دفعت النظام لطرح مقاربة لتجميل الوضع وتخفيف الاحتقان؛ عبر تعزيز دور الناخبين في تشكيل البرلمان الجديد من دون المساس بالأغلبية.

تبريد الداخل
وقال أحد أمناء المحافظات بحزب "مستقبل وطن"، الذي يُعرف بأنه الحزب الوطني الجديد، ل"المدن"، إن الدولة تستهدف تبريد الشارع، الذي لم يكن يحترم البرلمان السابق، من جهة، وتفنيد انتقادات الخارج من جهة أخرى.

وعلى عكس برلمان 2015 الذي جرى تشكيله بيد الأمن، اكتفى النظام بالاستحواذ على مقاعد القائمة وعددها 284 عضواً، وترك للناخبين اختيار 284 عضواً آخرين يمثلون المقاعد الفردية، بحسب المتحدث.

وتنافس المرشحون على 568 مقعداً، يُنتخب 284 منهم بالنظام الفردي، ومثلهم بنظام القائمة المغلقة، بينما يعيّن الرئيس 28 عضواً ليبلغ إجمالي عدد مقاعد المجلس 596 مقعداً.

وقال مدير حملة أحد المرشحين إن جهاز الأمن الوطني (المكلَّف بالانتخابات) أبلغ النواب بأنه سيدعم القائمة الوطنية "من أجل مصر"، التي يقودها حزب "مستقبل وطن"، وتضم 12 حزباً بالإضافة لتنسيقية شباب الأحزاب.

في المقابل، يوضح المتحدث، أن النواب أُبلغوا بأن اختيار نوَّاب المقاعد الفردية سيُترك للناخبين، بعدما حال الأمن دون ترشُّح بعض المقربين من الإخوان في هذه الانتخابات.

ودفع ذلك بمرشحين لدفع ما بين 3 ملايين و25 مليون جنيهاً على سبيل التبرع من أجل اللحاق بالقائمة الوطنية، بحسب ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي المصرية. وقد وضع الأمن الوطني الصيغة النهائية للقائمة التي استبعدت قرابة نصف أعضاء برلمان 2015، الذين ترشحوا على قائمة "في حب مصر" المماثلة.

ويعني الانتخاب بنظام القائمة المغلقة أن يفوز أعضاء القائمة جميعاً إذا ما حصلت على أكثر من 50 في المئة من أصوات الدائرة الانتخابية. وفازت القائمة الوطنية في انتخابات مجلس الشيوخ التي جرت في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر 2020، ما أشعل المنافسة على الانضمام لها في انتخابات النواب.

منافسة برعاية الحكومة
وأكد قريبون من بعض المرشحين لجولة الإعادة ل"المدن"، أن جهاز الأمن الوطني أبلغ الجميع، قبل شهرين من الانتخابات، بأنه لن يتدخل في اختيار نواب المقاعد الفردية.

وقد خلق الوضع الجديد، بحسب المتحدثين، منافسة شرسة، وفتح باب الرشاوى الانتخابية واسعاً، وشهدت الجولة الأولى صعود مرشحين مستقلين على حساب نواب كانوا ضمن الأغلبية المؤيدة للسيسي في البرلمان السابق.

ومع استمرار رفض أجهزة الأمن التعهّد بدعم أي مرشح خلال انتخابات الإعادة، أصبح الجميع يتحرك من منطلق أن الأصوات هي الضمانة الوحيدة للفوز؛ بحسب عضو "مستقبل وطن".

وجرت المرحلة الأولى من الانتخابات يومي 24 و25 تشرين الأول/أكتوبر 2020، في 14 محافظة، في حين جرت المرحلة الثانية يومي 7 و8 تشرين الثاني/نوفمبر، في 13 محافظة. ومن المقرر أن تجرى انتخابات الإعادة للمرحلة الأولى يومي 23 و24 تشرين الثاني، بينما ستجرى الإعادة للمرحلة الثانية يومي 7 و8 كانون الأول/ديسمبر.

ورغم فوز مرشحي مستقبل وطن بعدد كبير من المقاعد خلال الجولة الأولى، ودخول آخرين منهم مرحلة الإعادة، إلا أن هذا الفوز كان أساسه المال وليس تدخل الدولة، بدليل أن مرشحي الحزب يتقاتلون حالياً في الدائرة الواحدة، كما يقول عضو الحزب.

نزاهة لا تنال من الأغلبية
وأكد المتحدث أن هذه المنافسة ليست إلا تنفيذاً للمقاربة التي يريدها النظام؛ لأن مساحة النزاهة الموجودة لن تنال من الأغلبية المؤيدة للسيسي، لكنها ستمنح البرلمان شرعية أكبر، يعوّل عليها بعد وصول المرشح الديمقراطي جو بايدن إلى البيت الأبيض في الانتخابات الأميركية.

ومطلع تشرين الثاني، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فوز القائمة الوطنية التي ب142 مقعداً. ومن المقرر أن تعلن نتائج المرحلة الثانية في موعد أقصاه منتصف تشرين الثاني.
وتشير المؤشرات الأولية للمرحلة الثانية لفوز القائمة الوطنية أيضاً، ما يعني أن السيسي ضمن 284 نائبًا بالإضافة إلى 28 سيقوم بتعيينهم، وهي أغلبية مبدئية.

وفي نهاية المطاف، فإن غالبية المرشحين تعهَّدوا لأجهزة الأمن مسبقاً بالانضمام لتحالف القائمة الوطنية لتدعيم هذه الأغلبية، كما يقول عضو "مستقبل وطن".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها