الإثنين 2019/10/07

آخر تحديث: 19:51 (بيروت)

في ذكرى أكتوبر.. نبوءات تتحقق

الإثنين 2019/10/07
في ذكرى أكتوبر.. نبوءات تتحقق
Getty ©
increase حجم الخط decrease
1-
قلت لكم مرارا
إن الطوابير التي تمر في استعراض عيد الفطر والجلاء
فتهتف النساء في النوافذ انبهارا
لا تصنع انتصارا
هذه الكلمات التي قالها الشاعر المصري الراحل أمل دنقل في قصيدته "تعليق على ما حدث"، تعتبر توصيفا واقعيا لطبيعة جيش مصر الذي استحوذ ضباطه على السلطة بالقوة بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1952 ثم ما لبثوا أن سخروا كل قوتهم وإمكاناتهم لإحكام قبضتهم على البلاد وتحويل أنفسهم إلى عجل مقدس لا يجوز المساس به، حتى أصبح الأمر أشبه بالوثنية السياسية كما يصفها أحد الأصدقاء. وقد كان نصر أكتوبر 1973 هو المعجزة التي ترسخ لهذه الوثنية سيما وأنه تحقق في أكثر معارك الجيش المصري مصداقية وعلى أشد أعدائه واقعية (الكيان الصهيوني).
ولقرابة 4 عقود، ظل هذا النصر هو حبل الجنرالات وعصاهم التي سحروا بها عقول المصريين، فكان من الصعب جدا على كلمات أمل دنقل أو غيرها أن تزحزح قناعة البسطاء ومعدومي الثقافة بأن جيش بلادهم إنما هو درعهم وسيفهم، وكان يكفيهم أن يستمعوا لأغنيات وأفلام النصر التي تجتاح الشاشات في تشرين الأول/أكتوبر من كل عام لكي يظلوا متمسكين بهذا الجيش كما يتمسك الطفل بثوب أبيه.
2-
قلت لكم في السنة البعيدة
عن خطر الجندي
عن قلبه الأعمى، وعن همته القعيدة
يحرس من يمنحه راتبه الشهري
وزيه الرسمي
ليرهب الخصوم بالجعجعة الجوفاء
والقعقعة الشديدة
لكنه.. إن يحن الموت..
فداء الوطن المقهور والعقيدة
فر من الميدان
وحاصر السلطان
واغتصب الكرسي
وأعلن "الثورة" في المذياع والجريدة!
بعد العام 2013، جرت مياه كثيرة تحت جسر الحياة في مصر، وقد جرفت هذه المياه في ما جرفت أسوار القداسة التي ضربها الجيش حول نفسه كما هبَّت عواصف الصراع السياسي فأزاحت قناع الدفاع عن الوطن الذي تستر الجنرالات خلفه لعقود ليكتشف أقل الناس تعليما وأكثرهم بعداً عن السياسة حقيقة أن هذا الجيش الذي حارب وانتصر لم يعد موجودا إلا في الأفلام والأغنيات التي تشكل حالياً قطعة الخشب الوحيدة المتبقية من سفينة الوطنية التي ابتلعتها أمواج المصالح الخاصة.
وبينما يحيي المصريون الذكرى الـ46 لحرب أكتوبر،فإن كثيرين منهم يحملون تقديراً كبيراً لذلك الجيش الذي حارب وانتصر وليس لهذا الذي يخوض معارك زائفة يشنها جنرال كاذب.
المصريون إنما يحتفون بجيش ضم سعد الدين الشاذلي، الذي قاد وهو برتبة عقيد الكتيبة العربية في الكونغو سنة 1960 وتمكن من إخراجها سالمة بعد وقوع انقلاب عسكري أثناء تواجدها هناك، وليس بجيش يضم الرائد أحمد سامي الذي يقود حاليا "خط الجمبري"، بينما طيران الاحتلال الإسرائيلي يحلق كالغربان في سماء سيناء لقصف "أهداف" لا يعرفها أحد، ولتحقيق أهداف لا يفهمها ولا يتفهمها أحد.
وبعد أن قصفت طائرات الأباتشي المصرية بيوت السيناويين فأهلكت حرثهم ونسلهم، وبعد أن انتشرت الدبابات في الشوارع كالذئاب الجائعة تنهش جثث المصريين وآمالهم، فإن فلاحا ًبسيطا لا يعرفه أحد في قرية نائية لا يسمع بها أحد يمكنه فهم أن:
المدافع التي تصطف على الحدود، في الصحارى
لا تطلق النيران.. إلا حين تستدير للوراء
إن الرصاصة التي ندفع فيها ثمن الكسرة والدواء
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهارا
تقتلنا وتقتل الصغارا
وثمة مقاربة حتمية لا بد لكل مصري أن يجريها لكي يفهم حقيقة ما حدث ويحدث، وهي كيف لجيش ألحق الهزيمة بجيش كان يعتبر الأقوى عسكريا في المنطقة خلال 6 ساعات أن يعجز عن هزيمة مجموعات تعتبر بدائية التخطيط والتسليح قياسا في 6 سنوات؟ خاصة وأن هذا الجيش نفسه يطوق بلداً بحجم مصر في ساعات معدودة خشية خروج مظاهرة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها