الخميس 2023/09/21

آخر تحديث: 13:12 (بيروت)

الاحتياطي الفيدرالي:أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ 22 عاماً

الخميس 2023/09/21
الاحتياطي الفيدرالي:أسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ 22 عاماً
هل آن الأوان للتخفيف من الاعتماد على العملة الخضراء؟(Getty)
increase حجم الخط decrease

 

أبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 22 عاما، فيما توقّع زيادة إضافية لها قبل نهاية العام لخفض التضخم. وبالإضافة إلى تثبيت معدلات الفائدة، قامت الهيئة أيضًا بمراجعة توقعات نمو الاقتصاد بشكل حاد لهذا العام، حيث من المتوقع الآن أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1٪ هذا العام. رفع الفائدة على الدولار، أو التشديد النقدي، يهدف إلى تقليص السيولة في الأسواق، وتوجيه
ها إلى المصارف، من أجل خفض المتاح النقدي، وبالتالي تقليص القوى الشرائية في الأسواق ودفع الأسعار للانخفاض . وفور صدور قرار «الاحتياطي الفيدرالي»، بلغت عائدات سندات الخزانة الحساسة لأسعار الفائدة في عامين أعلى مستوياتها في 17 عاماً. وبلغت عائدات سندات السنتين 5.152 في المائة، وهي أعلى نسبة منذ يوليو (تموز) 2006. وقفزت عوائد السندات القياسية لمدة 10 سنوات إلى 4.359 في المائة، وهي أعلى نسبة منذ عام 2007، بينما انخفض اليورو بنسبة 0.03 في المائة إلى 1.0677 دولار.

و بالإضافة إلى الاستمرار في الإبقاء على معدلات الفائدة على مستويات نسبياً مرتفعة، يواصل الاحتياطي الفيدرالي أيضًا تقليص ملكيته للسندات، وهو عملية أدت إلى تقليص رصيد البنك المركزي بمقدار حوالي 815 مليار دولار منذ يونيو/حزيران 2022 . ولقد شكل الارتفاع الحاد في أسعار الفائدة الأميركية خلال العام الماضي تهديداً كبيراً لاقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. ويرى البنك الدولي في ورقة بحثية حديثة  فيها أن تأثير تشديد السياسة النقدية الأميركية على الأوضاع المالية والنواتج الاقتصادية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية من المرجح أن يكون أشد حدة، بالنظر إلى العوامل التي تقود دورة التشديد.

كلفة الأقتراض و شح السيولة
تشجع المعدلات المرتفعة للفائدة على الادخار أكثر من الإنفاق، وهو ما يمكن أن يخفف من وتيرة الزيادات بالتضخم، لكن يمكنها أيضاً أن تثبط الطلب، وتخفض أسعار الأصول، وتزيد من مخاطر الركود.

وخلال الفترة الأخيرة خاصة فى حزيران/يونيو الماضي ،أفصح ‏الاقتصاد الأميركي عن العديد من البيانات الاقتصادية القوية ، ‏والتي عززت بقوة من ‏التكهنات حول استئناف دورة رفع أسعار الفائدة الأميركية فى ‏أقرب وقت ممكن، واحتمالات وجود زيادتين إضافيتين هذا العام.‏

وأشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال توقعاته الاقتصادية ‏الجديدة إلى أن تكاليف الاقتراض قد لا تزال بحاجة إلى الارتفاع ‏بما يصل إلى نصف نقطة مئوية بحلول نهاية كانون ‏الأول/ديسمبر القادم، حيث عدّل المركزي الأمريكي سعر الفائدة ‏المستهدف خلال العام الجاري إلى 5.75% من معدل 5.25% خلال ‏توقعات آذار/مارس مما سيكون له تداعيات على الدول العربية والدول النامية بشكل عام و على كلفة اقتراض الحكومات والشركات من خلال شح السيولة بالعملة الصعبة. ويعد هذا المسار أحد أقوى الأسلحة المتاحة للبنوك المركزية لمواجهة التضخم، حتى على حساب دخول الاقتصاد في حالة ركود و بلغ التضخم في الولايات المتحدة أعلى مستوى له في 40 عامًا عند 9.1 في المئة، في حزيران / يونيو الماضي، بعد الارتفاع القوي في الإنفاق الاستهلاكي بعد وباء "كوفيد-١٩"، والارتفاع الهائل في أسعار الطاقة المرتبط بالحرب الروسية في أوكرانيا. وبلغ التضخم في منطقة اليورو ذروته عند 10.6 في المئة، في أكتوبر الماضي، بحسب تقرير "ستراتفور وورلد فيو"، منصة الاستخبارات الجيوسياسية الأميركية.

ومنذ منتصف عام ٢٠٢٢، رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي أسعار الفوائد الرئيسية بمقدار ٤٥٠ و٣٠٠ نقطة أساس على التوالي، وفقا لـ"ستراتفور وورلد فيو". وانتعشت أسواق العمل بقوة في عام 2022، بعد أن بدأت الولايات المتحدة وأوروبا على نطاق واسع في رفع قيود "كوفيد-١٩"، لكن ارتفاع الأسعار استمر في الضغط التصاعدي على الأجور منذ ذلك الحين، رغم أن نسب البطالة وصلت إلى أدنى مستوياتها التاريخية في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عند 3.5 في المئة و6.7 في المئة بالترتيب، بحسب "ستراتفور وورلد فيو".

وأكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أمام الكونغرس أن قرار ‏الحفاظ على أسعار الفائدة دون أي تغيير، والذي أقرته لجنة ‏السوق المفتوحة، يأتي لإعادة التقييم ومراقبة البيانات ‏الاقتصادية المرتبطة بالتضخم وسوق العمل والنمو الاقتصادي.‏

منطقة الشرق الأوسط والدول النامية
ويرى المراقبون أن التضخم المرتفع والمستمر في الولايات المتحدة وأوروبا سيؤدي إلى زيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية وزيادة مخاطر الركود طول العالم الحالي ٢٠٢٣ وأوائل العام المقبل ٢٠٢٤.فإلوضع الحالي سيترجم إلى تدهور في التوقعات الاقتصادية للبلدان في جميع أنحاء العالم، خصوصاً تلك الموجودة في أميركا اللاتينية، وكذلك التوقعات المالية للبلدان المثقلة بالديون، وخصوصاً الموجودة في إفريقيا.

ومن المؤكد أن منطقة الشرق الأوسط والدول الأفريقية والآسيوية واللاتينية الأكثر فقرا ستكون الأكثر تأثرا، نتيجة عوائد الديون من جهة، وكونها دولا مستوردة من جهة أخرى، إذ ترتفع أسعار السلع ويختل الميزان التجاري نتيجة رفع الفائدة الأميركية بينما تعاني دول في شمال إفريقيا على سبيل المثال بشكل أكبر، فإن الآثار على دول مجلس التعاون الخليجي قد تكون أقل قسوة، نظرا للملاءة المالية الأكثر قوة، والاحتياطيات المالية والنفطية الكبيرة التي تسمح بمزيد من المناورة المالية

اما رفع الفائدة الأميركية وارتفاع أسعار الدولار في الأسواق فيؤثر سلبا على أسعار النفط، لأنه يكون أعلى تكلفة للمشترين، إذ إنه مسعر عالميا بالدولار، مما قد يتسبب في بعض الأوقات في تقليص حركة الأسواق. و تراجعت أسعار النفط خلال إلى أدنى مستوى لها في أسبوع ‏بعدما أبقى مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة من دون تغيير. ولم تبدِ أسواق الطاقة رد فعل يذكر على البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وأظهرت انخفاض مخزونات النفط الخام الأسبوع الماضي، وأظهرت البيانات تراجع المخزونات 2.14 مليون برميل الأسبوع الماضي.

الا أن أي قرار مغاير في مروحة الفوائد الأميركية ( وإن حدث في نهاية العام ) فسيؤدي الى رفع أسعار الفائدة في دول مجلس التعاون الخليجي وسيضغط على الرهون العقارية، وقد يؤدي لتباطؤ في وتيرة حركة الشراء التي يشهدها قطاع العقار، بسبب زيادة قيمة الأقساط. وعلاوةً على ذلك، فان قطاع الشركات قد يتأثر سلباً أيضاً، حيث أن أيّ اقتراض ستكون تكلفته أكثر، بسبب ارتفاع خدمة الدين، بما يؤدي إلى تقليص أرباح الشركات. وتربط معظم دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك السعودية والإمارات وقطر، عملاتها بالدولار وتتبع تحركات سياسة المركزي الأمريكي عن كثب فيما يخص سعر الفائدة، مما يعرض المنطقة لتأثير مباشر من التشديد النقدي في أكبر اقتصاد في العالم.

و يبقى السؤال الأهم : هل آن الأوان للتخفيف من الاعتماد على العملة الخضراء وفك الارتباط لدرء مخاطر السوق والاقتصاد الأميركي؟.

 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها