الأربعاء 2023/10/18

آخر تحديث: 15:12 (بيروت)

"طوفان الأقصى" وإمدادات الطاقة: كل الأنظار على إيران

الأربعاء 2023/10/18
"طوفان الأقصى" وإمدادات الطاقة: كل الأنظار على إيران
الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل مستبعد، لكنه لا يزال احتمالاً خطيراً (Getty)
increase حجم الخط decrease
يتخوف المستثمرون من تأثيرعمليات "طوفان الأقصى" على الاستثمارات في الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وعلى خطوط إمداد الطاقة من إسرائيل ومصر إلى تركيا وقبرص وصولاً إلى أوروبا. فدول المنطقة كانت قد شهدت طفرة صفقات ملحوظة في الأشهر الأخيرة، مدفوعة بتدفق الاستثمارات الجديدة لمشروعات النفط والغاز البحرية، بقيادة السعودية والإمارات وقطر. وتوقعت شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، إنفاق أكثر من 100 مليار دولار سنويًا على المشروعات البحرية الجديدة للنفط والغاز في المنطقة في عامي 2023 و2024. وهو أعلى مستوى للنفقات الرأسمالية لمدّة عامين متتاليين منذ 2012 و2013.

وارتفعت أسعار النفط حوالى 5% في 10 تشرين الأول 2023، بعد اندلاع الحرب. كان متوسط ​​سعر النفط الخام في نقطة البيع 92.22 دولاراً للبرميل في 31 أيار 2023، مما يعني أنه ارتفع بحوالى 4.61 دولار للبرميل منذ ذلك الحين. وقفزت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا وآسيا إلى أعلى مستوياتها في 6 شهور هذا الأسبوع، مدفوعة بالحرب بين إسرائيل وحماس، والإضرابات المحتملة بمنشآت التصدير الرئيسية، وتعرض البنية التحتية للخطر.

الممرات الحيوية
وتعد منطقة الشرق الأوسط موطنًا لعدة ممرات نقل نفط مهمة، بما في ذلك مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب. وتعمل هذه الممرات كروابط حيوية تربط الخليج والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.

ولأن أي حرب في الشرق الأوسط تشكل تهديداً محتملاً لأمن إمدادات النفط، فإن حرباً تشمل إيران يمكن أن تكون لها تداعيات أخطر على أسواق النفط العالمية. ويعد مضيق هرمز، الواقع في المياه الإيرانية، أحد أكبر الممرات النفطية في العالم. وتبلغ كمية النفط التي تمر عبر المضيق يوميا نحو 17 مليون برميل من النفط، أي ما يعادل 17 في المئة من الطلب العالمي على النفط حسب التوقعات للعام الجاري. كما أنه يعادل 90 في المئة من نفط الشرق الأوسط الذي يغادر المنطقة عبر الخليج العربي. إشارة إلى أن إنتاج النفط الإيراني وصادراته زاد بشكل حاد في ظل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، حيث وصل الإنتاج إلى 3 ملايين برميل يومياً.

ولمصر أهمية قصوى على ممر الشحن العالمي الرئيسي في قناة السويس، التي يمر من خلالها حوالى 10 في المئة من النفط والغاز الطبيعي المسال في العالم. كما تسيطر على خط أنابيب السويس- البحر المتوسط (سوميد) الحيوي، الذي يمتد من محطة العين السخنة في خليج السويس بالقرب من البحر الأحمر، إلى ميناء سيدي كرير غرب الإسكندرية في البحر المتوسط.

وكانت المعارك الجارية في إسرائيل وقطاع غزة أجبرت شركة "شيفرون" على إغلاق حقل غاز بحري ووقف الإمدادات إلى مصر، في خطوة قد تضر بصادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

صفقات الطاقة في الشرق الأوسط
كذلك جعلت الحرب إتمام صفقات الطاقة في الشرق الأوسط محل تساؤل، مثل محاولة شركة "بي. بي" وحكومة الإمارات العربية المتحدة عبر الشركة المملوكة للدولة "أدنوك"، شراء نصف حصة بنسبة 50% في الشركة الإسرائيلية الرئيسية في مجال استخراج النفط، "نيوميد إنرجي". وتعد شركة "نيو ميد إنرجي" المساهم الأكبر والمشغل الرئيسي لحقل ليفياثان العملاق للغاز الطبيعي في إسرائيل، بحصة تشغيلية تبلغ 45.3 في المئة، في حين تمتلك شركتا “Chevron Corp” و”Ratio Oil Corp” حصة 39.7 في المئة و15 في المئة على التوالي.

ويقف قطاع الغاز الإسرائيلي، الغني بالاكتشافات الأخيرة والاستثمارات الأجنبية الكبيرة، ولاسيما حصة شيفرون التي تقدر بمليارات الدولارات في حقول الغاز البحرية، عند مفترق طرق. ويمكن أن تؤدي الأعمال العسكرية المستمرة إلى إعاقة الاستثمارات المستقبلية، مما يؤدي إلى إبطاء وتيرة التنمية في قطاع يعد بالكثير لكل من إسرائيل وأوروبا.

علاوة على ذلك، أثرت الحرب أيضًا على قرارات الإنتاج والاستثمار لشركات النفط والغاز التي تعمل في المنطقة. على سبيل المثال، تم إغلاق بعض حقول النفط في إسرائيل أو تقليص إنتاجها. ومع 22.9 تريليون قدم مكعبة من الغاز القابل للاستخراج، يعد ليفياثان أكبر خزان للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وأحد أكبر أصول الإنتاج في المنطقة. ويمتد حقل الغاز على الحدود البحرية لإسرائيل ولبنان وفلسطين وجمهورية قبرص وجمهورية شمال قبرص التركية.

وشهدت صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، والتي كانت تبلغ 800 مليون قدم مكعبة يومياً حتى الأسبوع الماضي، انخفاضاً كبيراً إلى حوالى 650 مليون قدم مكعبة يومياً بسبب توقف الإنتاج في منصة "تمار". وفرضت إسرائيل إجراءات أمنية مشددة حول حقول الغاز قبالة سواحلها بعد توقف تدفق الغاز من حقل تمار. وكان الحقل ذاته تعرض في جولات قتالية سابقة إلى عمليات استهداف عطلته لعدة أيام، آخرها خلال معركة "سيف القدس" في أيار 2021.

دخول إيران في الصراع
وحذر تقرير نشره موقع بلومبيرغ من خطر حقيقي على الاقتصاد العالمي، إذ أن أي تصعيد في الصراع ودخول أطراف أخرى مثل ايران قد يدفع أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل، مع انخفاض النمو العالمي إلى 1.7%، وهو الركود الذي يقتطع نحو تريليون دولار من الناتج العالمي.

وأضاف التقرير أن تنامي الصراع في الشرق الأوسط يمكن أن يتسبب بهزات عبر العالم؛ لأن المنطقة مورد حيوي للطاقة وممر شحن رئيسي، مذكراً بحرب عام 1973 بين العرب وإسرائيل، والتي أدت إلى حظر النفط، وتسببت بسنوات من الركود التضخمي في الاقتصادات الصناعية.

وقامت "بلومبيرغ إيكونوميكس" بدراسة التأثير المحتمل على النمو العالمي والتضخم في ظل 3 سيناريوهات.

في الحالة الأولى؛ تظل الأعمال العدائية محصورة في غزة وإسرائيل، سيكون تأثيرها في أسعار النفط والاقتصاد العالمي ضعيفاً، وتقدر بلومبرغ زيادة تتراوح بين 3 إلى 4 دولارات في أسعار النفط. وفي الحالة الثانية؛ يمتد الصراع إلى الدول المجاورة مثل لبنان وسوريا من شأنه أن يرفع السعر بنسبة 10% إلى نحو 94 دولاراً. والثالث ينطوي على التصعيد إلى صراع عسكري مباشر بين إسرائيل وإيران ليرفع سعر النفط إلى 150 دولاراً. وفي كل هذه الحالات، سيكون الاتجاه هو نفسه: ارتفاع أسعار النفط، وارتفاع معدلات التضخم، وتباطؤ النمو، ولكن الحجم سيختلف، فكلما اتسع نطاق الصراع، أصبح تأثيره عالمياً وليس إقليمياً.

وقدر التقرير أن التأثير الاقتصادي العالمي في هذا السيناريو يأتي من صدمتين: قفزة في أسعار النفط بنسبة 10%، وتحرك الأسواق المالية للعزوف عن المخاطرة تماشياً مع ما حدث خلال الربيع العربي، وهو من شأنه أن يبطئ وتيرة النمو إلى 2.4%.

وأوضح التقرير أنه رغم أن الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل احتمال مستبعد، فإنه خطير؛ إذ يمكن أن يكون سبباً لركود عالمي. ومن شأنه رفع أسعار النفط بشكل كبير وانخفاض الأصول الخطرة؛ ومن ثم توجيه ضربة قوية للنمو، وأن يدفع التضخم إلى ارتفاع كبير. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض النمو العالمي لعام 2024 إلى 1.7% بدلاً من 2.7%. ومن شأن صدمة النفط أن تعرقل الجهود العالمية لكبح جماح الأسعار، مما يترك معدل التضخم العالمي عند 6.7% في العام المقبل.

من شرق المتوسّط إلى دول الاتحاد الأوروبي
وتؤكد حرب "طوفان الأقصى" على التفاعل المعقد بين الجغرافيا السياسية والأسواق العالمية. وتجد أوروبا، في سعيها إلى تحقيق أمن الطاقة، نفسها وهي تتصارع مع أحداث جيوسياسية بعيدة عن شواطئها، الأمر الذي يذكر بالتوازن المعقد والحساس الذي يحافظ على تماسك أسواق الطاقة العالمية. فمشروع خط أنابيب غاز شرق المتوسط "إيست ميد" يُعدّ أحد المشاريع الكبيرة التي يتطلّع إليها الاتحاد الأوروبي لإمداده بالغاز الطبيعي من شرق المتوسّط. يمرّ الخط بإسرائيل وقبرص، وصولاً إلى اليونان، وينقل الغاز من شرق المتوسّط باتجاه دول الاتحاد الأوروبي.

وعانت أوروبا من انقطاعات كبيرة في الإمدادات، خصوصاً بعد التخفيض الكبير في شحنات الغاز من روسيا في عام 2022 والذي أدى إلى ارتفاعات قياسية في الأسعار. ويرسم التقرير الأخير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية صورة تحذيرية: ففي حين أن مرافق التخزين الأوروبية تكاد تكون ممتلئة، وتمثل نحو 100 مليار متر مكعب أو ما يقرب من 33 في المئة من استهلاك دول الاتحاد الأوروبي، فإن هذا لا يوفر أي ضمان لاستقرار الأسعار في الأيام المقبلة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها