الخميس 2023/02/16

آخر تحديث: 12:52 (بيروت)

كلوي صفير في معرضها الأوّل...فضاء الغُرف كمهرب من الواقع

الخميس 2023/02/16
increase حجم الخط decrease
ما هو الشكل من دون المساحة التي يتواجد فيها؟ وما هو الفضاء من دون الأشكال التي تكمن فيه؟
عبر استكشاف مفهوم الفضاء وعلاقته مع الشكل، تطرح الفنانة التشكيليّة كلوي صفير، هذين السؤالين في معرضها الفردي الأوّل، والذي افتتح مع بداية شهر فبراير، في صالة كليم للفن (الحمرا - بيروت). يتضمّن المعرض اثنتي عشرة لوحة بالحجم الكبير، وتستخدم الفنانة  مساحات من الأكريليك على أسطح من القماش لتنفيذ اللوحات.

وصفير التي تخرجت في الجامعة اللبنانيّة كطالبة فنون تشكيليّة، ونالت شهادة الماجستير، شاركت في العديد من المعارض الجماعيّة، وفي معرضها الفردي الأول تستوحي مواضيع لوحاتها من المساحات الحميمية كغرف النوم، والمعيشة، وغرف المستشفيات، حيث يتعامل المرء مع أعمق المشاعر أثناء عزلته في تلك الغرف. تأخذ صفير هذه العلاقة الانفرادية الى عمق أعمالها، حيث تصوّر لنا الغرف وتملأها احساساً مترجماً باللّون وضربات الريشة. 


تستكشف صفير جانباً مختلفاً من فكرة الفضاء، عبر إزالة جميع العناصر في الغرفة. تسرح في الفضاء العام للغرف، ليصبح مهرباً لها من الواقع. ومن خلال محاولاتها تلك للهروب من الحاضر والصراعات التي تندمج فيه، تستطيع صفير تشكيل مساحات لونيّة مجرّدة وواضحة. يتعلق الأمر بتجريد ناتج عن التجارب الفنيّة التي تساعدها في فهم العلاقة بين الأشكال ومواضعها في الغرف.

تحدثنا صفير عن الأعمال المعروضة: "هذه اللوحات تصوّر مرحلة انتقاليّة، ليس فقط على الصعيد الفنّي وإنما على الصعيد الشخصي أيضاً"، وتتناول أحدى لوحاتها فتقول لـ"المدن": "في هذه اللّوحة مكانان منفصلان، والبقعة البيضاء في منتصف اللّوحة هي الفاصل بينهما، هذه اللّوحة تمثل ما عايشته على الصعيد الشخصي في الآونة الأخيرة، وهذا ما يعايشه كل منّا في فترة ما، أن نعلق بين مكانين، أو نهاجر من مكان الى مكان آخر.. في هذه اللّوحة طبقات من الألوان تعتبر أجزاء من الأشكال الموجودة من الفضاء واللّون الأسود هو ما يجمع هذه الأشكال مع بعضها البعض أحياناً ويفرقها أحياناً أخرى". 


تظهر اللّوحات في أسلوبها التجريدي التعبيري، قدرة الفنانة من التعاطي مع اللّون، وتشكيل المساحات المجرّدة باستخدامها له. تتنوّع ألوان صفير وخطوطها على أسطح القماش. ومن الملفت تعدّد خاماتها أيضاً رغم أنّها لا تستخدم سوى الريشة وألوان الأكريليك. تتآلف جميع هذه العناصر بتناغم، لتكوّن طبقات لونيّة فوق بعضها، تطلق الفنانة من أجل تكوينها، العنان لإحساسها وعلاقتها مع الفضاء الذي تصوّره، فينتج عن هذه الطبقات، عمق للّوحة يتّخذ المشاهد إلى المكان الذي يتصوّره.

تبني الفنانة علاقة وطيدة مع ريشتها، فتصبح هي واللّون المترجمَين لمكنوناتها. يستخلص المشاهد أحاسيس الفنانة وعلاقتها مع الأماكن من خلال ضربات الريشة الصارمة والحادّة أحياناً والسلسة أحياناً أخرى. وكأنّها بضربات الريشة المتنوعة، تنظّم سيمفونيّة غامضة تسحرنا بغموضها الكامن خلف جدران الغرف التي تصورها لنا الفنانة.

تتضح جرأة صفير وثقتها في ريشتها المتمرّدة، وتكمن عفويّتها وشفافية تعاطيها مع احاسيسها بوضوح على اللّوحة. إنّ الأعمال التي تعرض في صالة كليم للفن هي نتاج تجارب ودراسات، ثابرت الفنانة عليها لكي تتمكن من تعبيريّة تجريديها. وها هي اليوم تشق طريقها في عالم الفن التشكيلي بجرأة، وتسمح لنا باقتحام غرفها ومشاركتها زواياها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها