فرار سينمائي لتاجر مخدرات في ريف حلب

أعاد مشهد الفرار السينمائي لأحد تجار ومروجي المخدرات بريف حلب الخاضع لسيطرة المعارضة، الحديث عن الفوضى الأمنية والفساد المستشري في مؤسسة الشرطة العسكرية والقضاء العسكري شمال غرب سوريا، والتشكيك في قدرتها على ضبط المنطقة.

وأظهر تسجيل مصور هروب صطوف الحاجي، وهو أحد أبرز تجار ومروجي المخدرات ومادة الـ"اتش-بوز" بريف حلب، بعد نقله إلى مستشفى مدينة الباب الجديد لإجراء عمل جراحي في فمه، ليقفز من شباك غرفته باتجاه الساحة الخارجية، ويتابع طريقه بشكل طبيعي رغم وجود عناصر حراسة لمراقبته.

واعتقل صطوف الحاجي المعروف باسم "أبو حمود الشرش" في شهر تموز/يوليو الماضي، بتهم تجارته وترويجه للمخدرات، إضافة إلى عمله في تهريب البشر من مناطق سيطرة النظام، فضلاً عن تهم تسهيله عمليات تهريب ضباط وعناصر من جيش النظام السوري و"قوات سوريا الديمقراطية" إلى تركيا مروراً بريف حلب.

وحسب مصادر محلية، فإن اعتقال الحاجي جاء أثناء تواجده في مستشفى مدينة الباب، بعد تعرضه لإصابة في فمه خلال اشتباكه مع مجموعة تابعة لفرقة "الحمزة" التي تسيطر على المنطقة، ليتحول ملفه إلى الشرطة العسكرية التي أشرفت على متابعة علاجه، قبل أن يتمكن من الفرار.

وأوضحت المصادر، أن المجموعة التي اشتبكت مع الحاجي هدفت إلى تصفيته والتخلص منه، بسبب خلافات على طرق وخطوط التهريب مع قوات النظام و"قوات سوريا الديمقراطية" التي تسيطر عليها، ورفضه التعاون معهم لما يمتلكه من شبكات تهريب منتشرة في مختلف مناطق النفوذ داخل سوريا.

غضب من أداء الشرطة العسكرية

وأثارت طريقة هروب الحاجي السينمائية، سخطاً شعبياً من أداء مؤسسات المعارضة الأمنية والشرطة العسكرية بشكل خاص، مع تزايد الترجيحات بتواطؤ عناصرها في عملية تهريبه، بالنظر إلى تاريخ المؤسسة الحافل بالفساد والإفراج عن المجرمين مقابل مبالغ مالية.

وسبق أن أخلت محكمة بلدة الراعي سبيل تاجر المخدرات حميد بكاري شهر آب المنقضي، بعد أقل من شهر على اعتقاله، مقابل كفالة مالية قدرها 500 دولار أميركي، رغم اعترافه بتجارة وتعاطي المخدرات ومادة الحشيش.

ويرجح ناشطون تواجد صطوف الحاجي داخل منزله في قرية السكرية بريف الباب، دون أن تتحرك الشرطة العسكرية لإعادة اعتقاله، على أمل انتقاله إلى مناطق سيطرة النظام أو "قسد" حيث تنتشر عائلته.

لكن مصدراً في الشرطة العسكرية، أكد على أن عملية البحث عن الحاجي مستمرة، حيث جرى إصدار مذكرة اعتقال جديدة بحقه وتعميم اسمه على كافة الحواجز الأمنية والعسكرية المنتشرة بريف حلب.

ورغم اعتراف المصدر برعونة العناصر، إلا أنه رفض تهم تسهيلهم عملية الهروب، معتبراً أن الحادثة "سببها انعدام خبرة العناصر وتساهلهم مع المجرم نظراً لوضعه الصحي، خاصة وأنه قد خضع لعملية جراحية ولم يكن قادراً على الحراك، بناءً على تقرير العناصر مسنوداً بتقرير الأطباء المشرفين على الحالة".

وشكلت إدارة القضاء العسكري التي تتبع لها منظومة الشرطة العسكرية، في مناطق نفوذ الحكومة السورية المؤقتة في أرياف حلب الشمالية والشرقية وتل أبيض بريف الرقة ورأس العين بريف الحسكة، في أيلول/سبتمبر عام 2018، بإدارة العميد عرفات حمود الذي يقودها حتى اليوم.

ومطلع العام الحالي، أعلن الجيش الوطني تسليم الشرطة العسكرية جميع الحواجز الأمنية في المنطقة، لتسهيل عملية التواصل وتعزيز الأمن، إلا أن الانتهاكات آخذة بالتصاعد، مع استمرار حوادث تغييب العشرات دون محاكمة وحالات التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون خلال فترات التوقيف التي قد تستمر لأشهر.

يعتبر سكان ريف حلب أن حادثة فرار صطوف الحاجي مؤخراً وما سبقها من الإفراج عن حميد البكاري وغيرهم من المجرمين التي تطول قائمة أسمائهم، لا يعكس انعدام خبرات العناصر، بقدر ما تكشف من فساد منظم ترزح تحته هذه المنظومة ويدفع ثمنه سكان المنطقة.