الثلاثاء 2023/05/23

آخر تحديث: 20:29 (بيروت)

الليرة السورية تنخفض ببطء..النظام يراهن على سراب

الثلاثاء 2023/05/23
الليرة السورية تنخفض ببطء..النظام يراهن على سراب
increase حجم الخط decrease
اقتربت الليرة السورية أكثر من أي وقت مضى من حاجز العشرة آلاف لكل دولار أميركي، مع استمرار رحلة الانحدار التدريجي الذي تعيشه تحت وطأة هروب الأموال الساخنة وسياسات المصرف المركزي السوري المتخبطة التي جففت النقد الأجنبي في الأسواق.
ورغم التذبذب الذي تعيشه الليرة وهبوطها إلى مستويات قياسية تجاوزت ال 9000 ليرة للدولار الواحد، إلا أن الأسوأ لم يأتِ بعد، إذ يرى اقتصاديون أن الأسباب التقليدية للانهيار الحاصل مستمرة مع استفحال عوامل أخرى أثّرت في قيمة العملة المحلية.

الانفتاح العربي
وسجلت الأشهر الماضية، تخلي المركزي السوري عن سياسات تثبيت النشرة المصرفية بعد كارثة الزلزال، وإبداء مرونة في سعر الصرف ليكون قريباً من السوق السوداء أملاً في جذب التحويلات المالية نحو قنواته، لكن النتائج جاءت مخالفة لتوقعات تحسن وضع الليرة، خصوصاً بعد الانفتاح العربي على دمشق الذي عزّز من الاعتقاد السائد بانتعاش الحركة الاقتصادية.
لكن الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر يرى أن الانفتاح العربي على دمشق لن يكون له آثار اقتصادية ايجابية على المدى القريب، بل على العكس فقد زادت الضغوط على النظام، وحتى الآن لم يتم الحديث عن أي دعم اقتصادي وطرق تقديمه في ظل العقوبات الدولية.
ويقول ل"المدن": "هناك أسباب قديمة ما زال تأثيرها مستمراً، مثل التخبط في سياسات البنك المركزي، وارتفاع وتيرة الدولرة نتيجة انعدام الثقة بالليرة السورية، والمضاربات التي يقوم بها بعض أصحاب رؤوس الأموال، وهروب المال الساخن، وارتفاع سعر النفط وهو ما زاد من فاتورة الاستيراد".
أما في ما يتعلق بالأسباب الحالية لاستمرار تدهور قيمة الليرة السورية، فيرجعها السيد عمر لأسباب، أهمها التضخم الذي أثّر سلباً على الليرة، إلا أن قيمته غير محددة بدقة بسبب شحّ البيانات وعدم وجود مصادر دقيقة وموثوقة لها، لكنه يقدره بأكثر من 80% .
إضافة إلى تراجع إيرادات المخدرات التي تعدّ مصدراً رئيسياً للدخل لدى النظام. ويضيف "اضطر النظام للحد من تصديرها تماشياً مع الشروط العربية، وهذا يُلاحظ من خلال قيام طائرات أردنية قبل أيام بقصف قافلة للمخدرات داخل الأراضي السورية، فتوقف هذا المورد ما أدى لتراجع عرض الدولار في السوق".

التجميد بالذهب
ويشير إلى أن ظهور أزمة جديدة متمثلة بحوامل الطاقة مع اضطرار النظام لدفع ثمن إمدادات النفط الإيراني بالدولار، ما أدى إلى خسارته القطع الأجنبي، هذا بجانب استمرار تدهور إنتاج الطاقة محلياً، ما يعني  الاعتماد على الاستيراد لتلبية حاجة السوق، وجميعها عوامل ضاغطة.
وهو ما يتفق معه وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري الذي يشير إلى عوامل جديدة أخذت بالانتشار بشكل كبير، وأهمها تحول الذهب إلى بديل للدولار الأيركي، وهو ما فاقم سوء الوضع الاقتصادي.
ويقول ل"المدن": "هناك توجه واضح من قبل أصحاب رؤوس الأموال لحماية مدخراتهم بالذهب، نتيجة عوامل كثيرة منها ما هو مرتبط بالتغيرات العالمية، وأخرى داخلية نتيجة القيود المفروضة على التعامل بالنقد الأجنبي"، لافتاً إلى أن هذه العوامل "دفعت الكثير من التجار إلى تجميد أصولهم بالذهب، لسهولة نقله إلى الخارج كما يجري حالياً وبوتيرة مرتفعة، ولتجنب عمليات الحجز على أموالهم".
 ويضيف أنه "بعد التقارب العربي مع النظام، برزت مخاوف الكثير من أمراء الحرب من تضحية النظام بهم كبادرة حسن نية، خصوصاً وأن معظمهم جمعوا أموالهم من تجارة المخدرات، ما زاد من عملية نزوح الأموال إلى الخارج التي انعكست على وضع السوق المعتمد أصلاً على أموال هذه الفئة في عمليات تمويل الاستيراد".
يتفق الاقتصاديون السوريون على انعدام الأدوات الفاعلة التي يمتلكها النظام لتحسين واقع الليرة السورية، مع غياب أي تأثير له على الاتجاه الاقتصادي العام المرهون بحل شامل للقضية السورية، وهو حل يبدو حتى الآن بعيداً نسبياً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها