الأحد 2022/04/17

آخر تحديث: 17:08 (بيروت)

مضيق هرمز: نقفله.. لا نقفله!؟

الأحد 2022/04/17
مضيق هرمز: نقفله.. لا نقفله!؟
increase حجم الخط decrease
يبدو أن الإرباك الايراني في التعامل مع الإنسداد الذي وصلت اليه المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، لم يعد خافياً، ولم يعد المعنيون بالتفاوض في طهران قادرين على تقديم رواية مقنعة عن حقيقة الازمة وما وصلت اليه، في وقت لا يتردد الطرف الأميركي في الكشف عن وضع مغاير للرواية الايرانية.

حرب روايات تسيطر على المشهد بين وزارتي الخارجية في واشنطن وطهران، يقودها المتحدثان باسم هاتين الوزارتين، نيد برايس وسعيد خطيب زاده. تدور رحاها حول الإنسداد الذي وصلت اليه المفاوضات والجدل حول المطالب المتعلقة بالغاء العقوبات، خصوصاً في النقطة المرتبطة بمؤسسة حرس الثورة من ناحية، والمفاوضات المتعلقة باطلاق سراح معتقلين اميركيين من أصول ايرانية في سجون النظام بتهمة التعاون مع جهاز الاستخبارات الأميركية (CIA)، مقابل حصول ايران على 7 مليار دولار من اموال عائدات النفط المجمدة في بنوك كوريا الجنوبية.

ففي الوقت الذي أكد فيه المتحدث باسم الخارجية الايرانية خطيب زاده أن بلاده اقتربت من الحصول على جزء من اموالها المجمدة في بنوك احدى الدول، من دون تسميتها او تحديدها، ومن دون الاشارة الى ان الافراج المحتمل عن هذه الاصول يأتي نتيجة مسار تفاوضي منفصل مع واشنطن حول المعتقلين، بل نتيجة ضغوط ايرانية مطالبة بهذه الاموال، سارع نظيره الأميركي "برايس" للتأكيد أن المسار التفاوضي حول المعتقلين لم يحقق تقدماً ايجابياً، مكذباً ما يتم التداول به حول تحرير 7 مليارات دولار من الاموال الايرانية المجمدة. 

الموقف الاميركي، أحبط ما كان يسعى له وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان، في مباحثاته الدبلوماسية مع نظيريه العماني والعراقي في طهران، والتي تمحورت حول تحرير الاصول الايرانية المجمدة في كوريا والعراق، ليتمكن من تسويقها في الداخل وفي مواجهة التيار الرافض للمفاوضات، كبادرة حسن نوايا اميركية وجديتها في التوصل الى اتفاق مع ايران حول الملف النووي ورفع العقوبات الاقتصادية والمالية. ما يعني عودة الامور الى نقطة البداية، وتؤكد ما سبق ان اعلنته الخارجية الاميركية من عدم حصول تقدم على اي من المسارين المفصلين – النووي والمعتقلين، وان الوضع يمر في حالة جمود، وتأكيد ان العقوبات ضد ايران ستستمر حتى التوصل الى اتفاق واضح للعودة المتزامنة للطرفين الى تنفيذ اتفاق عام 2015. 

حالة الجمود التي تتحدث عنها الادارة الاميركية على مسارات التفاوض مع ايران، باتت أمراً مسلّماً به داخل الاوساط الرسمية في طهران، سواء لدى قوى النظام والحكومة، أو التيارات السياسية المعنية بمستقبل هذه المفاوضات وانعاكساتها على الوضع الاقتصادي واستقرار البلاد. 


والتسليم الايراني بالانسداد الذي وصلت اليه المفاوضات، أعاد الحديث عن عملية ابتزاز أميركية لاضعاف الموقف الايراني واجبار النظام على تقديم تنازلات مؤلمة من اجل الوصول الى اعادة احياء الاتفاق، خصوصاً في ما يتعلق بالخط الاحمر الذي وضعته على طاولة التفاوض المطالب بالغاء العقوبات عن قوات حرس الثورة وسحب اسمها عن لائحة المنظمات الارهابية. 

وعودة صحيفة "كيهان" الناطقة باسم النظام وعلى لسان رئيس تحريرها وممثل المرشد الاعلى في هذه المؤسسة حسين شريعتمداري للحديث والمطالبة باقفال مضيق هرمز رداً على الابتزاز الذي تمارسه واشنطن عبر كوريا الجنوبية برفض تحرير الاصول المالية من عائدات النفط، انطلاقا من الاستراتيجية التي سبق ان تبناها النظام بالرد المقابل، اي حرمان دول المنطقة من تصدير نفطها اذا منعت ايران من ذلك او حرمت من الحصول على عائدات ما تبيعه. هذه العودة تكشف حجم الارباك الايراني والضغط الذي ترزح تحته حكومة الرئيس ابراهيم رئيسي وفشله في ترجمة اي من الوعود التي اطلقها في حلمته الانتخابية بتقديم حلول جذرية وسريعة للازمات الاقتصادية والمعيشية المتفاقمة التي يعاني منها المجتمع والمواطن الايراني. 

لا شك ان القيادة الايرانية تدرك التداعيات الخطيرة لخطوة اقفال مضيق هرمز في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المعادلات الدولية نتيجة الحرب الروسية ضد اوكرانيا وانعاكساتها السلبية على قطاع الطاقة، وبالتالي الاقتصاد العالمي. التلويح باستخدام هذه الورقة لا يصب في صالحها، خاصة وانه سيضعها في مواجهة اجماع دولي ضدها، وتكريس دورها السلبي في التعامل مع المجتمع الدولي ودخولها في مواجهة معه، لما تساهم في هذه الخطوة من تعقيد الجهود التي تبذل لمعالجة ازمة الطاقة وامداداتها نتيجة الازمة الاوكرانية.

قد لا تكون القيادة الايرانية، وتحديدا المؤسسة العسكرية، راغبة في الذهاب الى اجراء تصعيدي غير محسوب النتائج من الخطوة الاولى، لكن من دون اسقاط هذا الاحتمال من خياراتها، طالما انها تملك وتمتلك أوراقاً أخرى تستطيع توظيفها للضغط على الطرف الاميركي. 

في الملفات الاقليمية وتعطيل مسارات التعاون الايجابي الذي تمارسه في عدد من الملفات الاقليمية، وصولاً الى ما بدأت به من عمليات توقيف ناقلات نفط واعتقال اطقمها في مياه الخليج بتهمة تهريب النفط، بانتظار حصول انفراجات تعيد احياء المسار التفاوضي الى سابق عهده، من دون الحاجة للوصول الى نقطة اللاعودة. وبالتالي يتحول ما يطالب به رئيس مؤسسة "كيهان" مجرد ضرب على طبل لا آذان تسمعه في هذه المرحلة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها