الثلاثاء 2021/09/28

آخر تحديث: 12:11 (بيروت)

النظام السوري يغض النظر عن التعاطي بالدولار..تفادياً للإفلاس

الثلاثاء 2021/09/28
النظام السوري يغض النظر عن التعاطي بالدولار..تفادياً للإفلاس
increase حجم الخط decrease
يرى خبراء اقتصاديون أن النظام السوري يشرف على إنهاء العمل باقتصاد السوق الاجتماعي، والتحول إلى اقتصاد آخر مرتبط مباشرة بالسلطة ضمن منظومة مصالح مع أفراد نافذين فيها، وهذا ما سيقوده غالباً، إلى السماح بشكل رسمي بتداول الدولار أو التغاضي عن حيازته في أقل تقدير.

وفي هذا السياق تصب التلميحات الأخيرة الصادرة عن حاكم المصرف المركزي محمد عصام هزيمة والتي تتحدث عن قرارات ستصدر قريباً تشكل بمجموعها بيئة مصرفية تساعد على تمويل المستوردات وعملية التصدير بسهولة، بالتوازي مع تعليمات تنفيذية للتعامل بالقطع الأجنبي تنص على عدم مساءلة أي شخص لجهة حيازة القطع الأجنبي.

ويشير المستشار الاقتصادي جلال بكار إلى أن النظام السوري يتناسى قضية الأمن الاقتصادي في معرض معالجته للأزمات الاقتصادية التي تعصف به، والتي يلجأ إلى حلها من خلال البحث عن مصادر تمويل جديدة. 

ويرجح بكار في حديث ل"المدن"، أن يلغي النظام المرسوم رقم 3 الذي ينص على تجريم التعامل بغير الليرة السورية، لأنه في حاجة ماسة إلى العملة الأجنبية التي لا تدخل إلى سوريا عن طريق القنوات الرسمية بل بوسائل غير نظامية من خلال السوق السوداء. وهذا ما سوف يجبر النظام على التعامل إيجاباً مع مسألة حيازة وتداول الدولار.

نتائج كارثية
الحديث عن البيئة المصرفية الجديدة جرى خلال اجتماع حاكم مصرف سوريا المركزي بالفعاليات التجارية والصناعية ورئيس غرفتي تجارة وصناعة دمشق، والتي لم تخلُ -وفقاً لتعبير صحف النظام- من الحثّ على التعاون والانضباط والتشاركية من جهة، وعلى عدم التهاون مع أي مخالف للقرارات الصادرة ومحاسبته من جهة أخرى.

ويشدد هزيمة على أن النظام لم يلغِ أية آلية سابقة لتمويل المستوردات، بل سيزيد شركات الصرافة المرخصة لتأمين القطع الأجنبي، لافتاً إلى قيام المصرف المركزي بتعديل مادتين بالتعليمات التنفيذية للقانون 54 للتعامل بغير الليرة السورية، موضحا أن حيازة القطع الأجنبي لا يعاقب عليها القانون لكن التعامل به في الداخل ممنوع.

وكان النظام قد لجأ خلال الأشهر الماضية إلى اتخاذ العديد من الإجراءات التي تخصّ الحوالات المالية الواردة من الخارج، تتسم بالتضارب والتناقض، كما تشكل بعداً غير مسبوق لتعامل النظام مع السوق الموازية.

وينص المرسوم التشريعي رقم 3 الصادر في 18 كانون الثاني/يناير 2020، على أن كل شخص يتعامل بغير الليرة السورية كوسيلة للمدفوعات "يعاقَب بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات".

وعلى الرغم من عدم ترجيحه إقدام النظام على السماح بتداول الدولار، يشير الباحث الاقتصادي يونس الكريم إلى حاجة السوق لهذه الخطوة، لكن خشية النظام من حدوث انفجار سعري يقضي على ما تبقى من القدرة الشرائية للمواطنين يجعل النظام في حالة قلق تنعكس بقراراته المتضاربة.

السماح بتداول القطع الأجنبي سوف يؤدي -بحسب الكربم-  إلى تجاوز لوائح الاستيراد التي يصدرها المصرف المركزي من قبل التجار، ما سيجعلها عديمة الفائدة. كما أن ندرة القطع الأجنبي في خزينة المصرف المركزي سوف تقود -في حال تم إلغاء المرسوم- إلى ارتفاع جنوني في أسعار الدولار، ولأن الحوالات الرسمية المباشرة لا زالت مغلقة بسبب العقوبات الغربية، لن يتمكن النظام من تغطية السوق بالقطع الأجنبي ما سيؤدي إلى  امتصاص ما تبقى منه في سوريا.

ترقيع اقتصادي
يسعى النظام في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف ببنيته الاقتصادية إلى إجراء عملية ترقيع تساهم في ربط جميع مشابك الاقتصاد بالسلطة.

وفي هذا السياق، يشير الباحث الاقتصادي عبد الرحمن أنيس إلى أن "مايجري اليوم في الاقتصاد السوري هو عملية فتق وترقيع للحال المهترئ الذي وصل اليه هذا الاقتصاد".

ويضيف أنيس ل"المدن"، أن المركزي يحاول اليوم إعادة هيكلة قراراته ضمن الصلاحيات المتاحة لتأمين المواد الأولوية للمعيشة، وأيضاً ضمن المتاح من القطع الأجنبي المتوفر من عمليات تصدير الكهرباء وبعض المواد الى الدول المجاورة كالأردن ولبنان، كذلك من خلال عمليات المصادرات والحجوزات التي بدأت منذ عامين.

كما يسعى الى ضبط واقع النقد الأجنبي ضمن المؤسسات المالية والمصارف المرخصة لديه للحد من تسريب القطع الأجنبي خارج تلك المنظومة لذلك "هو سمح بهامش النصف من قيمة تمويل المستوردات لصالح التاجر المستفيد، والجميع يعلم أن رؤوس الأموال تهرب من سوريا باتجاه مصر والعراق وبعض الدول، لذلك نرى اليوم محاولات من المركزي لإنعاش جزئي لعمليات لاستيراد، وربما يصل لاحقاً إلى وصفة التبادل السلعي التي تعني مقايضة السلع مع دول أخرى حيث يتم اللجوء لهذا النمط في حال العقوبات الدولية أو عدم توفر القطع الأجنبي".

في ضوء هذه النقلة في الاقتصاد، لا يرجح أنيس أن يقوم النظام بإلغاء مرسوم تجريم التعامل بغير الليرة، بل سيظل سارياً خلال الوقت الحالي، نظراً لقيام النظام مؤخراً بإعادة العمل بقانون تعهد إعادة 50 في المئة من القطع الأجنبي الناجم عن الصادرات. بهذا المعنى تكون تصريحات حاكم المركزي حول التغاضي عن حيازة القطع الأجنبي داخل سورية بمثابة "غض طرف لا أكثر".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها