الأحد 2021/07/11

آخر تحديث: 15:11 (بيروت)

النظام يستورد القطن..الألبسة ستصبح للمترفين

الأحد 2021/07/11
النظام يستورد القطن..الألبسة ستصبح للمترفين
© Getty
increase حجم الخط decrease
يعزو النظام السوري إصدار قرار السماح باستيراد القطن والخيوط القطنية إلى الحاجة لتغطية احتياجات المصانع المحلية، ومنعا لتوقف المعامل والمصانع وخروج عدد كبير من العمالة في هذا القطاع.
وفيما يروج إعلام النظام للقرار بأنه "جريء وصائب باعتباره جاء بناء على طلب الصناعيين بهدف تلبية حاجة السوق المحلية خلال الفترة القادمة" يخشى مراقبون من أن القرار دق الإسفين الأخير في جسد الصناعة النسيجية التي طالما اشتهرت بها سوريا.
ويقول رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا أسامة قاضي ل"المدن"، إن القرار ينذر بنهاية صناعة النسيج في سوريا خلال ال5 سنوات القادمة.
تحييد صناعة النسيج
تبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالقطن داخل سيطرة النظام 29289 هكتاراً، بحسب إحصائيات رسمية. ويقول مسؤولو النظام عن قرار السماح باستيراد القطن إنه جاء كنافذة لتصدير الألبسة واستمرار دوران عجلة الإنتاج نتيجة عدم وجود موسم كافٍ من القطن الذي يعتبر الأساس في عملية النسيج.

وبحسب المسؤولين طلب الصناعيون من جهات الوصاية نظرا لشح محصول القطن هذا الموسم، ضرورة إيجاد كميات كافية من القطن حتى لا يلجأ الصناعيون إلى إغلاق معاملهم ولاسيما أنه لا يؤمن للصناعي سوى 35 في المئة من مخصصات الصناعيين لذلك تم اقتراح استيراد الخيوط القطنية حسب المخصصات المطلوبة 5000 طن لمدة 6 أشهر.

في المقابل، يقرأ الباحث الاقتصادي يونس الكريم القرار بأنه خطة لتحييد الصناعات النسيجية بمختلف مراحلها مثل حلج القطن وإنتاج الخيط وصولا إلى إنتاج القماش ما سيتسبب بخسائر بمئات الملايين وتحييد العمال وموظفي هذه الصناعة ودفعهم نحو الهجرة إلى الخارج لاسيما تركيا للعمل في قطاع النسيج.

ويضيف الكريم ل"المدن"، أنه "سيتم استيراد أثواب القماش أو الألبسة الجاهزة وطرحها في الأسواق وهذا سيرهق قطاع الصناعة المحلية لمزاحمة القماش والألبسة المستوردة وافتقار الصناعيين إلى القطع الأجنبي الذي سيكون موجها نحو الاستيراد".

إرهاق جديد للمواطن
بات من المعلوم أن جمبع القرارات الاقتصادية التي يصدرها النظام السوري لا تهدف بالضرورة لدعم معيشة المواطن وتخفيف متاعب الحياة القاسية في ظل انتشار الفقر وغياب أدنى المقومات المعيشية والخدمية.

يتوقع الكريم حدوث ارتفاع كبير في أسعار الثياب في السوق ما سيرهق المواطنين ذوي الدخل المحدود والقدرة الشرائية المعدومة، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار القماش والألبسة الجاهزة، عدا عن توقف آلاف العمال عن العمل. 

كما أن استيراد المواد الأولية الداخلة ضمن صناعة النسيج سيرفع أسعار الملابس المصنعة محلياً، وربما يغيبها عن السوق نتيجة عدم قدرتها على منافسة الملابس الأجنبية.

ويرى أسامة قاضي أنه إذا كان النظام السوري يستورد القمح فمن باب أولى أن يسمح باستيراد القطن، مرجحا أن النظام سيواصل استيراد جميع الاحتياجات الأساسية بعد أن كان يصدرها سابقاً كنتيجة طبيعية للكارثة الاقتصادية التي تعيشها سوريا.

وكانت سورية -بحسب القاضي- تنتج قرابة مليون طن من القطن بينما لا يتم حاليا إنتاج أكثر من 150 ألف طن، معظمها يُنتج ويُصنع خارج مناطق سيطرة النظام وهو ما يجعل من توفر القطن في السوق السورية نادراً.

ويتوافق قرار استيراد القطن مع رغبة من تبقى من المصنعين في الحصول على القطن المستورد نتيجة شح القطن المحلي. ويقول قاضي إن النظام لا يوفر مقومات زراعة القطن من استقرار ويد عاملة وآلات ومياه ووقود لذلك يعد القرار نتيجة حتمية لسوء الوضع الاقتصادي والخدمي.

ويلمّح قاضي إلى وجود عراقيل أمام استيراد القطن على رأسها عدم توفر القطع الأجنبي فضلاً عن أن الاستيراد بحد ذاته سيجعل من أكلاف إنتاج النسيج مرتفعة لذلك لن تكون الصناعة المحلية منافسة، بل سيتراجع تسويقها أمام مختلف المنسوجات المصنعة في الخارج.

زراعة القطن.. إلى الانهيار
قرار النظام باستيراد القطن لن يصيب قطاع الصناعة فقط بالشلل، بل ستشمل آثاره السلبية زراعة القطن.

ويقول يونس الكريم إن هناك أراضي واسعة صالحة لزراعة القطن من المفترض أن تتحول إلى زراعة الخضار التي تحتاج إلى سماد غير متوفر نتيجة العقود التي أبرمها النظام مع روسيا حول الفوسفات وصعوبة استيراد هذه المادة بسبب نقص القطع الاجنبي. وبالتالي سيتم تحييد هذه الأراضي خارج القطاع الزراعي وحينها يلجأ مالكوها لاستثمارها في سوق العقارات أو ستتحول الى أراضٍ جرداء.

من جهة أخرى، يتوقع الكريم إقدام بعض مزارعي القطن على الاستمرار في زراعته لكن ليس لصالح النظام السوري بل لجهات خارجية مثل تركيا والعراق.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها