الجمعة 2020/07/24

آخر تحديث: 20:20 (بيروت)

مناطق النظام في العيد..ركود وكساد

الجمعة 2020/07/24
مناطق النظام في العيد..ركود وكساد
© Getty
increase حجم الخط decrease
لا تفرّق الأزمة الاقتصادية والغلاء المعيشي في سوريا بين منطقة وأخرى باختلاف الجهة المسيطرة عليها، إلا أن الأسوأ يعيشه قاطنو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، في ظل تشديد العقوبات الخارجية التي تزامنت مع جائحة كورونا، وما ترتب عليها من أزمات ضربت السوق المحلية.

ويبدو أن الأوضاع الراهنة ستجبر المزيد من السوريين على التخلي عن طقوس العيد أو التقليل من تحضيراته، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار السلع والمواد بمقدار 300 في المئة عما كانت عليه الموسم الماضي، الأمر الذي تقف حكومة النظام عاجزة عن معالجته، وتكتفي بإجراءات قاصرة ومحاولات يائسة من أجل الحد من تفاقم هذه المشكلة.

ومع الفشل الذريع الذي حققته محاولاتها لمراقبة الأسواق وضبط الأسعار فيها، عادت حكومة النظام إلى وصفة مهرجانات التسوق، حيث افتتح وزير الاقتصاد طلال البرازي سوق "خيراتك يا شام" على أرض حديقة تشرين في دمشق الخميس.

وحسب إعلام النظام، يشارك في المهرجان ما يزيد عن خمسين شركة تتوزع معروضاتها بين نحو 80 جناحاً لطرح وتوفير جميع المواد والسلع التي ‏يحتاجها المواطنون من مواد غذائية ومنظفات وألبسة وإكسسوارات ومنتجات وخدمات الاتصالات والتكنولوجيا، ورغم الوعود بتقديم ‏حسومات وتخفيضات، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن هذه الفعالية ستكون مثل سابقاتها من حيث تقديم البضائع الرديئة وبأسعار السوق..

انخفاض الدولار وارتفاع الاسعار
وأدّى تدهور سعر الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية، حيث وصل سعر كيلو الرز إلى ما يقارب الألفي ليرة في السوق السوداء، وسعر كيلو السكر وصل إلى حدود 3000 ليرة، وليتر زيت دوار الشمس قارب 3000 ليرة أيضاً، وهي مواد تمت إزالتها من لائحة الدعم الحكومي، إضافة إلى عدم توفرها في المؤسسات والجمعيات الإستهلاكية التي تبيع وفق نظام البطاقة الذكية منذ أكثر من شهرين.

وعلى الرغم من تحسن سعر صرف العملة وتسجيلها أقل من 2000 ليرة للدولار بعد وصولها إلى سعر صرف 3500 الذي تسبب بارتفاع الأسعار، إلا أن الأسعار لم تحقق أي انخفاض، في حين شهدت أسعار بعض السلع ارتفاعاً جديداً، مثل  اللحوم البيضاء والحمراء، حيث وصل سعر الكيلو اللحم إلى عشرين ألف ليرة، كما ارتفعت أسعار المشتقات الحيوانية من ألبان وأجبان وبيض ووصل سعر طبق البيض إلى أربعة ألاف ليرة.

وتُعتبر هذه المواد من ضروريات التجهيز للعيد، كالحلويات المنزلية، ولا تتناسب أسعارها إطلاقاً مع دخل المواطن الذي يبلغ اليوم في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد وسطياً بين 35000 و50000 ليرة، ما يعادل 20 إلى 30 دولاراً أميركياً شهرياً، مقابل معدل احتياجات الأسرة الصغيرة الذي يقارب المئتي  دولار أميركي، وبالتالي فإن التجهيز لاستقبال العيد بالطريقة التقليدية أصبح مستبعداً، حيث يبلغ المعدل الوسطي لتأمين احتياجات العيد الأساسية ما يقارب الأربعمئة دولار.

إجراءات حكومية وتشكيك المواطنيين
وفي محاولة منها توفير السلع وخفض الأسعار، أعلنت "المؤسسة السورية للتجارة" التابعة لحكومة النظام، بدء بيع منتجاتها المتوفرة في صالات ومنافذ البيع التابعة لها بالتقسيط ودون فوائد، لكن فقط للعاملين بمؤسسات الدولة، بمناسبة حلول عيد الأضحى، وهو إجراء كان محل شك وسخرية.

وقد سبق ذلك إعلان حكومة النظام عن حزمة قرارات ومشاريع تهدف إلى التقليل من ظاهرة الطوابيير، وتوفير السلع للمواطنين قبيل عيد الأضحى، ومنها إعادة تفعيل صالات البيع التابعة لها، وتزويدها بالمواد التموينية والغذائية والاستهلاكية، إضافة إلى تفعيل مراكز بيع التجزئة، التي تعتمد في بيعها على البطاقة الذكية، إلا أن كل هذه الإجراءات لا ترقى إلى مستوى تلبية احتياجات السكان، خاصة وأن نسبة الموظفين المشمولين بقرار التقسيط لايتجاوز العشرة في المئة من اليد العاملة، بينما خفض الأسعار بمعدل مئتي ليرة أو أكثر بقليل، لا يحل الأزمة التي يسببها انخفاض القدرة الشرائية بشكل عام.

كما أن الصالات المفتتحة مؤخراً، تضم القليل من السلع المدعومة، في الوقت الذي تبقى فيه غالبية السلع والمواد غير مشمولة بالدعم ولا تتوفر في صالات مؤسسة التجارة الحكومية، التي لا يلتزم الكثير منها، رغم ذلك، بالبيع وفق لائحة الأسعار المعلن عنها.

ركود وكساد
تعتبر الأعياد بمثابة موسم تجاري لتصريف المنتجات والبضائع، خاصة بالنسبة لسوق الألبسة والأحذية، لكن، مثل عيد الفطر المنصرم، لا يبدو أن الحركة التجارية قبيل عيد الأضحى مبشّرة.

ويرى التجار وأصحاب المحال التجارية أن تراجع الحركة  في الأسواق وانخفاض معدلات
البيع يعد طبيعياً، نظراً لارتفاع أسعار السلع بنسبة 300 في المئة عما كانت عليه الموسم الماضي، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الخام اللازمة في التصنيع، ومعظمها مستورد ومحتكر من قبل رجال الأعمال والتجار الكبار المرتبطين بالنظام، بالإضافة إلى الانحسار الكبير في عمليات التصدير، مع بدء تطبيق قانون قيصر.

وحسب مراقبة "المدن" فقد وصل سعر البنطال المصنع محلياً إلى 25 ألف ليرة والسترة متوسطة الجودة الى 12 ألف ليرة، في حين كانت تباع الموسم الماضي ب4 ألاف ليرة، ووصل الأمر إلى الأحذية التي أصبحت أسعارها خيالية حيث بلغ سعر "المشاية" 8 ألاف ليرة سورية، بينما تعتبر أسعار بقية أصناف الأحذية خارج القدرة الشرائية لمعظم المواطنين.

وعليه يتوقع الكثيرون من التجار الذين تواصلت معهم "المدن" في دمشق وحلب، كساداً غير مسبوق، بسبب العزوف الواضح من قبل السكان عن التسوق، وهو الأمر الذي سبق وأن توقعه وزير الاقتصاد في حكومة النظام بتصريح سابق له هذا الشهر، وأكد فيه أن البلاد ستشهد ركوداً كبيراً خاصة في سوق الأقمشة المنتجات النسيجية، من دون الاشارة إلى أي إجراءات يمكن للحكومة القيام بها من أجل لمساهمة في حل هذه المشكلة.

ويرى الكثيرون أن قرار حكومة النظام بحصر استلام الحوالات الخارجية، التي يعتمد عليها الكثيرون من المقيمين بمناطق سيطرتها بشركات التحويل المعتمدة ووفق سعر الصرف الرسمي للدولار، الذي يقل عن سعر الصرف الحقيقي بنسبة كبيرة، أدى إلى انخفاض كبير في حركة التحويل، ما أسهم في التقليل من السيولة النقدية وانخفاض القدرة الشرائية، وهي عوامل تسهم مجتمعة في تكريس حالة الركود التي تعاني منها السوق السورية في مناطق سيطرة النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها