الأربعاء 2014/03/05

آخر تحديث: 01:11 (بيروت)

تركيا: إصلاحات ومعارك

الأربعاء 2014/03/05
تركيا: إصلاحات ومعارك
قانون يسمح بتعليم لغات ولهجات غير التركية في المدارس الخاصة (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
على الرغم من اقتراب موعد الانتخابات المحلية وانشغال حزب العدالة والتنمية بالحملة الانتخابية والحرب الشرسة التي تشنها ضده حركة الخدمة، بقيادة العالم التركي فتح الله غولن، بتحالفات غير معلنة مع أحزاب المعارضة، إلا أن أردوغان ومن ورائه حزب العدالة والتنمية، ما زالا مستمرين في تمرير القوانين، حيث أقر البرلمان التركي، مؤخراً، قانوناً يتضمن تعديلات على عدد من القوانين، بهدف توسيع نطاق الحريات والحقوق الأساسية، ضمن ما يعرف بحزمة الإصلاحات الديموقراطية.
 
وتضمن مشروع القانون السماح باستخدام لغات ولهجات أخرى غير التركية في الدعاية الانتخابية، سواء للانتخابات المحلية والعامة، الأمر الذي بدأه حزب العدالة والتنمية وذلك باستخدامه للغة الكردية بلهجتيها الزازية والكورمانجية في حملته للانتخابات المحلية في ولاية دياربكر (ولاية آميد باللغة الكردية)، في سابقة هي الأولى في تاريخ الجمهورية التركية.
 
كما سمح القانون الجديد بتعليم لغات ولهجات غير التركية في المدارس الخاصة، ويحدد مجلس الوزراء اللغات واللهجات التي ستدرسها تلك المدارس.
 
ووفقا للقانون الذي تم إقراره، أصبحت إعاقة حق التعلم والتعليم جريمة يُعاقب عليها بالحبس من عامين إلى 5 أعوام، وكذلك إعاقة الأفراد عن أداء عباداتهم، أو عن ممارسة التزاماتهم التي تفرضها عليهم عقيدتهم، أو منعهم من التعبير عن معتقداتهم الدينية أو أرائهم، ويُعاقب القانون من يقوم بتلك الأفعال بالسجن من عام إلى 3 أعوام.
 
كما جعل عقوبة العنصرية وجرائم الكراهية بالسجن من عام إلى 3 أعوام، وفتح الباب أمام إعادة الأسماء القديمة للقرى التي تم تغيير أسمائها في تركيا بعد اندلاع التمرد الكردي في الثمانينيات بقيادة حزب العمال الكردستاني.
 
وفي إطار الحرب المستعرة بين حزب العدالة والتنمية وحركة الخدمة، كان البرلمان التركي قد وجه ضربة قاسية لحركة الخدمة، عندما أقر قانوناً، يقضي بإغلاق مدارس التقوية التعليمية، التي يطلق عليها في تركيا "درس خانة" والتي  يدير العديد منها الداعية فتح الله غولن والتي تعتبر مصدر تمويل رئيسي لحركة الخدمة إضافة إلى تبرعات الأعضاء، وتساعد على ترسيخ نفوذ الحركة عبر شبكتها المنتشرة في شتى أنحاء تركيا والعالم.
 
وفي إشارة إلى التحالفات غير المعلنة، بين حركة الخدمة وأحزاب المعارضة التركية، دعا رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان مخاطباً جماعة غولن "إذا كنتم ترغبون خوض غمار العمل السياسي، فلا تستتروا خلف حزب الشعب الجمهوري أو حزب الحركة القومية، المعارضين، بل أسسوا حزبكم الخاص، وإذا كنتم تبحثون عن رئيس يتزعّم ذلك الحزب، فهو قابع في ولاية بنسلفانيا الأميركية (في إشارة إلى فتح الله غولن الذي يقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1999 ).
 
جاء ذلك في كلمة له أمام أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم، الاثنين الماضي، في مدينة نيده، وسط تركيا، دعا خلالها غولن للعودة إلى تركيا قائلاً "أليست تركيا وطنه أيضاً؟ فليأت إلى أرض الوطن إن كان كذلك، لماذا لا يأتي؟ إن حكومتنا ستحاسب أولئك الذين يعملون على زعزعة أمن تركيا وهم جالسون في بنسلفانيا".
 
وبالرغم من أن حركة الخدمة ، وبحسب مراقبين، كانت من أكثر الجماعات الإسلامية التي استفادت من وجود أردوغان على رأس الهرم السياسي، فقد استطاعت في الفترة ما بين 2002 و2011 التغلغل في كل أجهزة الدولة وتوسيع نشاطهاتها العامة أضعافاً مضاعفة، إلا أن فتح الله غولن بات يتبنى بشكل عملي وواضح أطروحة المعارضة السياسية لأردوغان أولاً، ويتبنى الدعم المباشر لحزب "الشعب الجمهوري" المعارض اللدود لأردوغان ثانياً، الأمر الذي نفاه غولن في مقابلة أجرتها معه صحيفة "وول ستريت جورنال" في نهاية كانون الثاني، وأخيراً تحولت معارضته من معارضة فكرية نظرية إلى أعمال خارجة على القانون والعرف السياسي العام، وذلك بحسب الإعلام المؤيد للحكومة، بعد اتهامه الأخير للحركة، بالقيام بالتجسس على الآلاف من كبار المسؤولين الحكوميين من بينهم رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، إضافة إلى رجال أعمال وصحافيين وذلك منذ العام 2011.
 
وفي إطار التحالف بين حركة الخدمة وحزب الحركة القومية، استنكر الأخير بشدة إغلاق "الدرس خانة" على لسان أحد نوابه في البرلمان، مؤكداً أن هذه الخطوة تصب في مصلحة حزب العمال الكردستاني الذي خسر الكثير من شبابه لصالح هذه المعاهد الإسلامية التوجه.
 
يشار إلى أن فتح الله غولن أكد مراراً أنه لن يسمح للحركة بدخول المعترك السياسي إطلاقاً حتى وصل به الأمر أن قال "لو جاءني جبريل وطلب مني إنشاء حزب سياسي أو الانخراط في عمل سياسي لما استمعت إلى توجيهاته"، إلا أن المتتبع لأحاديث غولن سيجد له مقولة، أو رأياً، في كل تفاصيل المشهد السياسي التركي منذ انقلاب عام 1997 ضد حكومة حزب الرفاه الإسلامية وتحالفه مع العسكر، مروراً بمحاكمات قيادات الانقلابات العسكرية في ما عرف بـ"قضية المطرقة" وحتى أحداث حديقة غيزي، وسيجد غزله الدائم بالمؤسسة العسكرية ،حتى أن مؤيدي الحكومة أصبحوا يطلقون على الحركة  اسم الجناح الديني لتنظيم "الأرغنكون"، في إشارة إلى "تنظيم الإرغنكون" الذي كان مكونا من ضباط جيش ومخابرات وقفوا وراء جميع الانقلابات العسكرية في تركيا بحجة الحفاظ على  علمانية الجمهورية التركية.
 
increase حجم الخط decrease