السبت 2014/03/22

آخر تحديث: 06:41 (بيروت)

تركيا: نوروز والماركسي السجين!

السبت 2014/03/22
تركيا: نوروز والماركسي السجين!
أوجلان: العلاقات بين الكرد والترك ستواجه إصلاحات ديموقراطية واسعة (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
في احتفال جماهيري كبير ناهز الحضور فيه 700 ألف شخص، تجمعوا في الساحة الرئيسية في مدينة دياربكر ذات الغالبية الكردية، يوم الجمعة، وجه زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، لمناسبة يوم عيد النوروز، رسالة من سجنه بجزيرة إمرالي، إلى الشعب التركي كله، مطالباً بتحويل محادثات التسوية الجارية منذ عام 2012 إلى مفاوضات حقيقية بغطاء قانوني.
 
وقال أوجلان:"إن المرحلة حتى الآن كانت مرحلة المباحثات وكانت مرحلة مهمة، في هذه المرحلة استطاع الطرفان اختبار نوايا بعضهم الحسنة والحقيقية. ونتيجة لهذا الاختبار ورغم سياسة المماطلة والتمديد والتهرب من إعطاء الصفة القانونية للمرحلة، إلا أنها أظهرت أن الطرفين مصران على البحث عن سبيل للسلام". وانتقد عبد الله أوجلان حزبَ العدالة والتنمية متهماً إياه بالتلكّؤ في عملية التسوية، لكنه أكد بأن الحكومة ظلت ملتزمة بها. كما حذر من وجود "مؤامرة دولية" لتقويض عملية السلام، وقال أن التأكد من إفشال هذه المحاولات هو مسؤولية تاريخية.
 
وقُرئت رسالة أوجلان باللغتين الكردية والتركية، حيث قامت زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب السلام والديمقراطية "ابيرفين بولدان" بقراءتها باللغة الكردية، أما باللغة التركية فقد قرأها النائب عن حزب الشعب الديموقراطي الكردي سرّي أوندر، وذلك في احتفالات، نظمها حزب السلام والديموقراطية، الذي يُعتبر الذراع السياسي لحزب العمال الكردستاني، والتي تم افتتاحها بالنشيد الوطني الكردي، إلا أن المختلف هذا العام هو اللافتات التي رفعت، فإضافة لأعلام حزب العمال الكردستاني ورايات حزب السلام والديموقراطية وصور عبد الله أوجلان، كانت هناك لافتات كتب عليها " قيادة حرة، كردستان حرة" في إشارة إلى أوجلان، لكن الغريب هو إقامة صلاة الجمعة ضمن الاحتفالية التي نظمها "الحزب الماركسي"، مسبوقة بخطبة باللغة الكردية.
 
أكّد أوجلان في خطابه على وحدة تركيا قائلاً:"يا عموم تركيا توحدوا"، مشيراً إلى أن "العلاقات بين الكرد والترك والتي ترسخت عبر التاريخ ستواجه إصلاحات ديموقراطية واسعة، وستعمل على إيجاد الحل من خلال بناء نظام دستوري ديموقراطي وستحطم الأنظمة الانقلابية المتآمرة. أما جميع الأساليب والطرق المؤقتة والمرحلية فقد ولى زمنها".
 
وتجنّب أوجلان توجيه انتقادات حادة لحزب العدالة والتنمية، والذي يعتبر الشريك الوحيد في عملية السلام، في ظل معارضة شديدة من قبل باقي الأحزاب التركية لعملية السلام ، والتي تعتبر أن الحكومة تقود محادثات مع مجموعة إرهابية، الأمر الذي لا يمكن قبوله إطلاقاً، بحسب أحزاب المعارضة التركية، التي أكد أحدها، وهو حزب الحركة القومية، على لسان رئيس كتلته البرلمانية تعليقاً على قرار إغلاق معاهد "الدرس خانة"، في وقت سابق، أن المستفيد الوحيد من هذا القرار هو حزب العمال الكردستاني، الذي كان قد بدأ يخسر قاعدته لصالح حركة الخدمة ذات التوجه الإسلامي.
 
لم يفت الخطاب ذكر "روج آفا"، وهي التسمية الكردية لمناطق الشمال الشرقي من سوريا والتي تسكنها غالبية كردية وتسيطر عليها وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي، مؤكداً على أن تحقيق السلام لا يتم إلا عبر الحلول القانونية والديمقراطية، الأمر الذي كان واضحاً في المنصة التي كتب عليها باللغة الكردية "إن ثورة روج آفا هي ثورة الشرق الأوسط". 
 
كان خطاب أوجلان، هذا العام أيضاً، خطاباً إنسانياً ماركسياً انتقد فيه "الأنظمة الانقلابية والمتآمرة" التي لازالت "تستند إلى  الحداثة الرأسمالية"، وأكّد على الثورية قائلاً:" إن مقاومتنا لم تكن في مواجهة الشعوب الشقيقة بل كانت ضد النظام المهيمن، الإنكاري الذي كان يمارس الظلم والاضطهاد. لذلك فإن السلام الذي نصبو إليه لن يكون لأجل الحكومات والدول بل لأجل شعوب الأناضول، كردستان وميوزوبوتاميا، تلك الشعوب التي عايشت ومنذ آلاف السنين القيم التاريخية لهذه الأرض والمؤسسين للميراث الثقافي العالمي".
 
ومن الملفت للنظر هو غياب أي ممثل عن الحزب الديموقراطي الكردستاني، بقيادة مسعود برزاني، على الرغم من الحضور الواسع من بعض الأحزاب الكردية في دول الجوار، مثل حضور زوجة الرئيس العراقي جلال طالباني (زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني)، هيرو طالباني، والرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديموقراطي الذي يشكل فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا، أسيا عبد الله، إذ فسّر مراقبون هذا الغياب، بالخلافات الأخيرة بين كل من الحزبين حول تصرفات حزب الاتحاد الديموقراطي المتحالف ضمنياً مع النظام في سوريا.
 
يذكر بأن المحادثات الجارية بين أوجلان ومسؤولي الحكومة التركية هي استمرار لمفاوضات عام 2010 التي بدأت في أوسلو ولكن انقطعت عام 2011 في أعقاب هجوم حزب العمال الكردستاني على إحدى وحدات الجيش الترك، لتستأنف مرة أخرى بعد أن تدخل أوجلان لإنهاء إضراب عن الطعام  نفذه سجناء أكراد في السجون التركية في توفمبر 2012، حيث أكّد أوجلان مراراً أن حزب العمال الكردستاني لا يريد وطناً مستقلاً من تركيا، ولكنه يرغب في مزيد من الحريات للأكراد ودرجة من الحكم الذاتي لجنوب شرق تركيا الذي تسكنه الغالبية الكردية.
 
increase حجم الخط decrease