الإثنين 2014/03/03

آخر تحديث: 01:58 (بيروت)

تركيا.. قبلة الجامعيين السوريين

الإثنين 2014/03/03
تركيا.. قبلة الجامعيين السوريين
أكبر المشكلات التي تواجه الطلاب السوريين هي تعليم اللغة التركية (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
 كان قطاع التعليم الجامعي السوري من أسوأ القطاعات في البلاد، بل إن سياسات النظام السوري التعليمي حولت الجامعات إلى ما يشبه الفروع الأمنية، وتكفي الدلالة على ذلك في الترتيب الذي حازته أفضل الجامعات السورية، جامعة دمشق، التي حصلت على الترتيب 5383، على المستوى العالمي، أما جامعة حلب وهي ثاني أكبر الجامعات في سوريا، حصلت على الترتيب 5596 على المستوى العالمي، في عام 2011، أي في سنة اندلاع الثورة. ورغم هذا فإن السوريين وبسبب الحرب التي بدأها النظام فقدوا حتى الحد الأدنى من التعليم الجامعي المتوافر.
 
وبسبب ما لاقاه الطلاب السوريون، من ملاحقات، نتيجة مواقفهم، اضطرت شريحة كبيرة جداً منهم الى الهرب من سوريا واللجوء إلى دول الجوار، حاول بعضهم متابعة تحصيله العلمي، لكنه اصطدم بصعوبات جديدة. لم تتوقف القرارات الغامضة بشأن الطلبة السوريين في جامعات الدول المحيطة التي لجِأوا إليها، إلى أن أصدر مجلس التعليم العالي التركي قراراً تكفّل بموجبه تسديد كافة الأقساط الجامعية عن الطلبة السوريين من خلال إدراجهم ضمن لائحة "طلبة دول أقرباء تركيا".
 
وبناء على ذلك، ستعاد كافة المبالغ المدفوعة للجامعات خلال الفصل الدراسي الماضي للطلبة السوريين الذين انضموا إلى تلك الجامعات قبل صدور القرار، على أن يدرج هذا القرار ضمن لائحة القرارات القطعية. وسيحصل الطلاب السوريين على ضمان صحي يضمن بموجبه التداوي الصحي المجاني، كما يتم بموجبه الحصول على الأدوية اللازمة للعلاج بمبالغ رمزية.
 
وكان مجلس التعليم الأعلى التركي، في وقت سابق من العام الماضي، أصدر قراراً يشمل مساعدة الطلبة السوريين الجامعيين وطلبة الدراسات العليا، الذين انقطعوا أو قد ينقطعون عن دراستهم بسبب الاوضاع في سوريا، حيث سمح القرار لطلبة الجامعات السورية متابعة تحصيلهم العلمي في جامعات تركية محددة، كان أغلبها في المناطق الجنوبية القريبة من سوريا، و التي شهدت موجات النزوح الكبيرة. 
 
أظهر القرار تساهلاً واضحاً من قبل السلطات التركية مع الطلبة السوريين، إذ سمحت حتى للطلبة الذين لا يحملون وثيقة تثبت أنهم جامعيون التسجيل و متابعة التحصيل العلمي بشكل شرطي على أن يحضروا تلك الوثائق في وقت لاحق.
 
محمد شمسي، طالب سوري في كلية الهندسة في حلب، اضطر للهرب من سوريا بعدما تعرض للاعتقال مرتين وفصله من الجامعة، وصل إلى إسطنبول قبل سنة ونصف، واستطاع أن يحصل على غرفة في سكن طلبة.
 
يؤكد شمسي، لـ"المدن"، أن أكبر المشاكل التي واجهته هي موضوع اللغة التركية وعدم قدرته على الحصول على كشف علامات من الجامعة، مما اضطره، ولارتفاع قيمة الدراسة في المعاهد الخاصة، إلى الالتحاق بأحد المعاهد التي تعلم اللغة التركية مجاناً، والتابعة لهيئة الإغاثة التركية، ومن ثم وفّروا له وبشكل رمزي دورات لدخول امتحان الطلبة الأجانب والذي يتم بموجبه التقدم للحصول على مقعد جامعي، حيث تمكن أخيراً من دخول كلية الهندسة المدنية.
 
كما أن لتركيا برنامجا سخيا للمنح الجامعية، استطاع  الشاب أحمد العلي الحصول من خلالها على مقعد في كلية الطب البشري، حيث يوفر له البرنامج منحة لتعلم اللغة التركية لمدة عام ومن ثم منحة دراسية لمدة خمس سنوات تشمل كافة المصاريف والسكن الجامعي.
 
وفي العراق، على الرغم من سياسات الحكومة المركزية المساندة للنظام السوري، وإغلاقها الأبواب في وجه اللاجئين الذين لم يتجاوز عددهم أكثر من 5000 ألاف لاجئ، فإن وزير التعليم العالي والبحث العلمي كان قد أكد في العام 2012 بأنه " تم توجيه جميع رؤوساء الجامعات بقبول الطلبة السوريين بناء على وثائقهم"، وذلك بعكس إقليم كردستان الذي لم يسمح حتى الآن لأي سوري، كوردياً كان أم عربي للالتحاق بجامعاته، حتى وصل الأمر بأن وجهت الهيئة السورية العليا للطلبة الكورد، في تموز الماضي، نداء استغاثة إلى رئيس إقليم كوردستان العراق، مسعود بارزاني، ورئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، لفتح أبواب جامعات كوردستان أمامهم لكي يتمكنوا من إكمال دراسته، ولم يحصل أي تغيير في هذه السياسة. 
 
 أما في الأردن ولبنان فلا يقدم أي تسهيلات للطلبة السوريين في جامعات البلدين، حيث أن الطلبة السوريين المتواجدين يدرسون على نفقتهم الخاصة في ظل تكاليف باهظة قياساً لأوضاعهم على الأقل.
 
وشهد الطلاب السوريون في مصر جملة من التصريحات وتخبطاً في القرارات الرسمية بشأن طريقة التعامل معهم، بعد قرار الرئيس السابق محمد مرسي المعمول به العام الماضي، بخصوص معاملة الطلاب الجامعيين السوريين معاملة المصريين من حيث التكاليف الدراسية، والحديث عن  تراجع المجلس الأعلى للجامعات عن القرار
بعد عزل مرسي والإطاحة بحكومته، حيث اتخذ المجلس قراراً بعدم معاملة السوريين معاملة الطلاب المصريين خلال العام الدراسي المقبل، على أن يعاملوا معاملة الطلاب الليبيين واليمنيين وكافة طلاب العالم، وأن القرار الممنوح للسوريين كان لعام وقد انتهى، ليتراجع ويؤكد استمرار العمل بقرار الرئيس السابق محمد مرسي.
 
يشار إلى أنه لا يوجد إحصائيات دقيقة لأعداد الطلبة السوريين الذين قتلوا أو خسروا مقاعدهم الجامعية، لكن ما بات واضحاً، هو أن الصراع الدائر في سوريا لم يدمر فقط البنية التحتية، بل طال أيضاً مواردها البشرية، التي ستكون سوريا بأمس الحاجة إليها لإعادة البناء في حال قررت القوى الكبرى التدخل بشكل فعال لإنهاء الصراع. 
 
increase حجم الخط decrease