الأحد 2014/03/16

آخر تحديث: 20:37 (بيروت)

'إن أضعت سورياً في تركيا ابحث عنه في فاتح'

الأحد 2014/03/16
'إن أضعت سورياً في تركيا ابحث عنه في فاتح'
السوريون في فاتح باتوا يمتلكون عقارات ومهن (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
 من بين ما يقارب 700 ألف لاجئ سوري في تركيا، يقطن في إسطنبول، وبحسب إحصاءات غير رسمية، مايقارب المئتي ألف سوري يتوزعون على مختلف بلديات إسطنبول، لكن التمركز الأكبر لهم هو في بلدية فاتح في قلب العاصمة، والتي سميت بهذا الاسم نسبة إلى السلطان العثماني محمد الفاتح، حيث تستطيع وبسهولة أن تحصل على أي خدمة باللغة العربية، حتى أن الصيدليات تكتب على بواباتها الجملة التي بتت تراها في كل مكان "هنا نتكلم العربية".

يمثل السوريون في بلدية فاتح الجيل الثالث من المهاجرين العرب بعد العراقيين والليبيين، وأصبحوا المكون العربي الأكبر بعد أن خفت أعداد الباقين، بل ويمتلكون هناك مطاعمهم، أفرانهم، مكاتبهم العقارية وحتى محلات الهاتف المحمول المختصة بفك تشفير جميع الهواتف النقالة العربية لتصبح صالحة للاستخدام على الشبكات التركية بمبالغ زهيدة بدل الاضطرار لتسجيلها بما يقارب الـ 70 دولار بشكل رسمي.
 
يؤكد أبو محمد، وهو سمسار عقارات حلبي يدعي بأنه خريج هندسة مدنية من الولايات المتحدة الأمريكية، مازحاً بلغة عربية فصحى قائلاً: "إن أضعتَ سورياً، فابحثْ عنه في فاتح"، وذلك بعد انتهائه من الحديث عن استخدام الأتراك للنموذج الفرنسي في بناء أدراج العمارات، الأمر الذي اعتبره من أكثر الأشياء التي أزعجته أثناء زيارته لفرنسا قبل 5 أعوام أي "أيام العز" على حد تعبيره. مضيفاً في حديث لـ"المدن" أن السوريين يعملون الآن في كل شيء من بناء العقارات وحتى التهريب، حتى أنهم يمتلكون الآن شققا سكنية في فاتح يقومون بتأجيرها.
 
أما أبو رياض الذي أصر على أن يذكر لقبه وليس اسمه، ليس لأنه يخشى أمن النظام السوري كالعادة، بل لأن "الناس تعرفه بهذا الاسم" على حد قوله، فهو رجل دمشقي أصله من حي العمارة، كان يعمل في التخليص الجمركي، اضطر للقدوم إلى إسطنبول لعلاج زوجته التي أصيبت بورم دماغي، حيث تقدم المشافي الحكومية التركية العلاج مجانا للسوريين،  فباع كل ما يملك، وبحث عن شقة مفروشة لمدة شهر، مصدوماً بأسعار الشقق المفروشة، إذ يتراوح الإيجار للشقة المفروشة بين 1500 و2500 دولار، بينما الشقق الفارغة فتتراوح أسعارها بين 500 و800 دولار، وتزداد الأسعار عند بدء الموسم السياحي.
 
 بعد أكثر من ثلاث سنوات على اللجوء السوري الأول إلى تركيا، كسر الكثير من السوريين حاجز اللغة، وبدأوا بالعمل في تركيا، كما يؤكد أبو محمد الذي عانى في البداية من حاجز اللغة، حيث أنه كان يخلط كل ما يعرفه من لغات عند الحديث بالتركية، فيستخدم كلمات فرنسية وإنجليزية. 
 
الأمر اختلف الآن بحسب، أبو حمزة، الشاب السوري الذي يعمل في التمديدات والصحية، الذي عبّر عن حبه الشديد لمنطقة الفاتح وأهلها، إذ أنهم متدينون رحبوا ترحاباً شديداً بالسوريين، وساعدوه مثل غيره على إيجاد فرصة عمل للعيش بكرامة وليسوا كالأحياء العلمانية، على حد وصفه، التي لا تتوقف عن محاربة السوريين.
 
وأضاف في حديث لـ"المدن" أنه قدم إلى إسطنبول ليجمع المال الكافي للهرب إلى السويد، فيقاطعه أبو المجد، وسيط شبكة تهريب سوريين، ضاحكاً:" تريد أن تذهب لأرض الكفار وتشتم العلمانيين؟!". 
 
أبو المجد تحول إلى وسيط بين مهربين وسوريين يرغبون في دخول الدول الأوروبية بطرق غير شرعية، بعدما كان صاحب نادٍ رياضي لبناء الأجسام في حي برزة الدمشقي.
 
يتذمر أبو المجد من عدم قدرته على الوصول إلى رأس شبكة التهريب، بسبب سوري آخر من النازحين من الجولان، والذي يعمل وسيطاً هو الآخر بين أبو المجد والزعيم التركي للشبكة.
 
حمل السوريون معهم إلى فاتح كل شيء، عاداتهم وتقاليدهم ومشاكلهم وحتى، رغيف الخبز السوري، بل وأصبح أهل بلدية فاتح يستطيعون التمييز بين السوريين بحسب أبو محمد، إذ أنهم الآن يفضلون أبناء دمشق على باقي أبناء المحافظات السورية، لكنهم بشكل عام لا يتوقفون عن مساعدة السوريين بعكس السوريين أنفسهم، الذين لايتوقفون عن نهش بعضهم، مضيفاً بأن السوريين لا يكفون عن الحديث عن رغبتهم بالابتعاد عن بعضهم على الرغم من أن تجاربه أثبتت بأن السوري لا يستطيع العيش إلا مع السوري، ليعود وينصح أبو حمزة بالذهاب إلى النروج لأنها "أنظف" -على حد تعبيره- حيث أنها لم تزدحم بالسوريين بعد.
 
increase حجم الخط decrease