الجمعة 2014/03/14

آخر تحديث: 08:21 (بيروت)

تركيا: معركة انتخابية مع الكيان الموازي

الجمعة 2014/03/14
تركيا: معركة انتخابية مع الكيان الموازي
من تشييع الفتى بركين إيلفان في إسطنبول (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
 في الوقت الذي رفضت فيه محكمة القضاء الإداري السادسة، وبحسب جريدة راديكال المعارضة، قضية رُفعت لمنع بناء مركز للتسوق على موقع حديقة غيزي، التي كانت شرارة احتجاجات عارمة الصيف الماضي، ورغم خروج الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع يومي الثلاثاء والأربعاء في جميع أنحاء البلاد للاحتجاج على وفاة الفتى بركين إيلفان، وهو صبي يبلغ من العمر 15 عاماً توفي الثلاثاء الماضي بعدما دخل في غيبوبة لمدة تسعة أشهر إثر إصابته خلال احتجاجات حديقة غيزي، لم يتوقف حزب العدالة والتنمية عن توجيه الضربات لـ"الكيان الموازي"، كما يطلق عليه، والتي كان آخرها مصادقة الرئيس التركي عبد الله غول على قانونين، أحدهما متعلق بالتعليم مررهما البرلمان في وقت سابق الشهر الحالي، والذي يلغي مصطلح "درس خانة"، من قانون الهيئات التعليمية الخاصة، حيث تمتلك حركة الخدمة بقيادة فتح الله غولان نسبة كبيرة منها، وعارضت بشدة التعديلات على القوانين المتعلقة بها.
 
ضربة ثانية وجهه رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إلى غولن والمعارضة بشكل عام، عندما أشار إلى استعداده لترك رئاسة حزب العدالة والتنمية في حال لم يفز الحزب بالمركز الأول في الانتخابات البلدية، التي ستُجرى في الثلاثين من الشهر الحالي.
 
أردوغان قال أمام أنصاره، لمعارضيه، الذين يصفونه بالديكتاتور "لو كنت ديكتاتوراً هل كنتم ستتمكنون من توجيه الإساءات لي بهذه الطريقة؟ هل يمكنكم الحديث بهذا الأسلوب في بلد يحكمه ديكتاتور؟ أنتم تقومون بتوجيه الإساءات والإهانات كما يروق لكم، هل هناك حرية أكبر من تلك؟ ".
 
وأضاف "من هنا أخاطب الذين يصفونني بالديكتاتور، أمامنا 22 يوماً على موعد الانتخابات. بعد 22 يوماً ستكون صناديق الانتخابات في الواجهة، تفضلوا وأسقطوا ذلك الديكتاتور".
 
غولن، من ناحيته، لا يصمت أيضاً، إذ حثّ تركيا على "كتابة دستور جديد كوسيلة لانقاذ ديمقراطيتها" على حد تعبيره، وذلك في مقال افتتاحي نشر في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، الاثنين الماضي، مؤكداً أن "الثقة المتأصلة"، التي بنيت بشق الأنفس في تركيا على مدى العقد الماضي، في حكومة ديموقراطية ومسؤولة تحترم سيادة القانون، حتى وقت قريب، كان ينظر إليه على أنه مثال على هذا البلد الذي ازدهر مع الحفاظ على حكومة ديموقراطية يديرها قادة مسلمون متعصبون، إلا أن هذا الأمر "لم يعد قائماً" على حد وصفه، مدعياً بأن الحكومة "فقدت دعم شريحة واسعة من الجمهور التركي، جنباً إلى جنب مع الفرصة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي"، داعياً إلى كتابة دستورجديد، "يجب أن يكون ديموقراطي، يكتبه المدنيون"، مؤكداً "إن الديموقراطية لا تتعارض مع مبادئ ومقاصد الشريعة الإسلامية، مثل حماية الحياة والحرية الدينية".
 
من جهة ثانية، ارتفع عدد الذين تم إخلاء سبيلهم في قضية انقلاب الـ"أرغنكون" إلى 21 شخصاً، من أبرزهم رئيس الأركان التركية السابق الجنرال إيلكر باشبوغ، والأمين العام لحزب العمال التركي دوغو برينجَك، والإعلامي تونجاي أوزكان، ورجل الأعمال سادات بيكر، والعقيد المتقاعد لاوند كوكطاش، والعقيد الركن في البحرية التركية دورسن جيجك، والمحامي ألب أرسلان أرسلان، المتهم بتنفيذ الهجوم على المحكمة الإدارية العليا عام 2006.
 
تأتي هذه الإخلاءات بعد مصادقة البرلمان التركي على مقترح قانوني تقدمت به الحكومة لإلغاء المحاكم ذات الصلاحيات الخاصة، في أعقاب الشبهات التي تقول الحكومة إنها باتت تكتنف قرارات هذه المحاكم، بعد اتهامها لحركة الخدمة التي أطلقت عليها اسم "الكيان الموازي" بالتغلغل في مؤسستي الأمن والقضاء، الأمر الذي اعتبر أنه يشكل طعناً في موضوعية ما يصدر عنها من قرارات، وهو ما استند إليه محامو المتهمين في قضية "أرغينكون" في تقديم طلبات إخلاء السبيل.
 
تجدر الإشارة إلى أن شبكة "أرغينكون" هي منظمة سرية يُرجح أنها تأسست عام 1999، وتزعم بأن أهدافها المحافظة على علمانية الدولة التركية، وتُتهم بمحاولة الانقلاب على حكومة حزب العدالة والتنمية في عامي 2003-2004.
 
  مما سبق يبدو بأن خريطة التحالفات السياسية في تركيا بدأت بالتغيير. بعد أن كان كل من أردوغان وغولن حليفين أساسيين ضد سلطة العسكر، بل ونجحا معاً في القضاء على منظمة "أرغينكون" السرية، أصبحا في حرب باردة لاتتوقف، اضطرت حزب العدالة في مواجهة الحركة، للإفراج عن القيادات العسكرية الكبيرة في محاولة للتحالف معها، حيث أن الحركة باتت تحاول السيطرة على مؤسسات الدولة، بحسب الحكومة، بل وأصبح زعيمها بمثابة حاكم ديني للجمهورية التركية من وراء الستار.  
 
increase حجم الخط decrease