الإثنين 2023/10/23

آخر تحديث: 12:34 (بيروت)

خطط طوارئ المنظمات الأمميّة في لبنان: الاستعداد بلا ذعر

الإثنين 2023/10/23
خطط طوارئ المنظمات الأمميّة في لبنان: الاستعداد بلا ذعر
نزح نحو 12,854 شخصًا من القرى الحدودية (Getty)
increase حجم الخط decrease

يبدو أن الحقبة الممتدّة منذ ما يربو عن الأربع سنوات، والأحلك في التّاريخ اللّبنانيّ، قد تصبح هامشيّةً أمام هول التّورط بحربٍ إقليميّة، من شأنها واقعيًا، رمي من نجا من الانهيار المستفحل في كارثة جحيمية.

وهذا التّهديد الموصول الذي يؤرق سواد اللّبنانيين منذ بداية الاعتداء الإسرائيليّ على قطاع غزّة، وتواتر المعطيات وتفاوت التّحليلات السّياسيّة، دفع شطرًا من المقيمين والمواطنين وخصوصًا القاطنين في الجنوب والضاحيّة الجنوبيّة لبيروت، للنزوح إلى دور الإيواء المؤقتة أو استئجار شقق سكنيّة في مناطق قد تكون ملاجئ آمنة في حال الحرب، بينما دعت سفارات دول عدّة مواطنيها للخروج الفوريّ من لبنان، احتياطًا. ولحدّ اللحظة، لا يُمكن تقدير نسبة هذه الحركة، أو حجم الخسائر التّي تكبدها الاقتصاد اللّبنانيّ، على المدى المتوسط والبعيد.

مستجدات الاشتباكات الحدوديّة
وللآن تشهد الحدود الجنوبيّة للبنان، تصاعدًا طرديًّا للتوتر بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيليّ، حيث يتواصل القصف المتبادل بينهما. هذا القصف الذي لم تستطع أي من الجهود الدبلوماسيّة والسّياسيّة لجمه لحدّ الآن.

هذا الواقع المشحون والمحفوف بالمخاوف الشعبيّة والرسميّة والخارجيّة، من توسع رقعة الاشتباكات، دفع بالسّلطات اللّبنانيّة لتحضير خطط طوارئ، حكوميّة وصحيّة (راجع "المدن") في حال نشوب حرب. وفيما تساءلنا في تقاريرنا السّابقة (راجع "المدن")، عن خطط الطوارئ التّي قد تعتمدها الجمعيات الحقوقيّة والإنسانيّة، لنجدة المقيمين من اللاجئين والأجانب، في سيناريو الحرب.. تنبثق اليوم الحاجة لمعرفة إن كانت هذه الجمعيات الإنسانيّة والأمميّة قد أعدت بالفعل خطط طوارئ عامة، تُغطي كافة المقيمين من مواطنين وأجانب، وخصوصًا بعدما تداولت بعض المصادر الصحافيّة والرسميّة، أن هذه الجمعيات، قد بدأت بإجلاء موظفيها وكوادرها، بينما لفتت أخرى لعجز هذه المنظمات عن تقديم المساعدات للمنكوبين في حال الحرب.

الهشاشة في الحماية الاجتماعيّة
الأمر الذي خلق حالًا من الذعر لدى المواطنين الذين -ومع تراكم الفشل في إطار الحلول وطرح السّياسات المُعالجة في خضم الأزمات المتناسلة- اعتمد غالبيتهم على شبكات دعم اجتماعية ومنح تمويلية، التّي وُفرّت عبر هذه المنظمات، لتدارك وطأة الإفقار القسريّ لغالبية الفئات والطبقات الاقتصادية وتعاظم هشاشتها تباعًا.

أما في حال الحرب ماذا ستفعل هذه المنظمات، لتلبيّة حاجات المُتضررين؟

معظم الجمعيات الأهليّة والمنظمات الإنسانيّة التّي تواصلت معها "المدن" فضلّت عدم التّصريح عن خطط الطوارئ الخاصة بها، كي لا تبث أي معطيات تفاقم الذعر، لكنّها أكدّت بالمقابل، استعدادها لأيّ طارئ، فيما طمأنت المواطنين أنها حاضرة لتنفيذ واجبها الإنسانيّ في سيناريو الأحداث الأمنيّة والعسكريّة الاستثنائيّة.

وفي هذا السّياق تشرح منظمة أطباء بلا حدود لـ"المدن" أنها تقوم منذ نحو الأسبوعين بتعزيز شبكاتها وتواصلها مع مختلف الفاعلين في المجال الصحّي على المستوى المحليّ والوطنيّ. مُضيفةً: "كما وتقوم فرقنا بتزويد وتجهيز مخازن المواد والمعدات الطبيّة، والتحضّير للاستجابة في حال دعت الحاجة". مُذكرةً أن أطباء بلا حدود هي منظمة طبية إنسانية طارئة، عملت لأول مرة في لبنان خلال الحرب الأهلية عام 1976 وتقدم المساعدة الإنسانية والطبية المستمرة منذ عام 2008 للمتضررين من الأزمات.

مراكز الإيواء المؤقتة
وفيما نزح جزءٌ لا يُستهان به من قاطني القرى الحدوديّة باتجاه مدن السّاحل وتحديدًا صيدا وصور والعاصمة بيروت فضلًا عن النبطيّة وجبل لبنان، حيث نزح نحو 12,854 شخصًا من القرى الحدودية، 2,329 منهم تركوا قراهم خلال الأيام الثلاثة الأولى لبدء المعارك (بحسب تقرير لمنظمة الهجرة الدوليّة). ساءلت "المدن" هذه المنظمات عن دورها في الاستجابة الطارئة للنازحين، فما كان منها سوى الإشارة لكونها في صدّد وضع استراتيجيات ظرفيّة سريعة، للاستجابة لهؤلاء، متوعدةً بحلّول ومساهمات طارئة.

منظمات الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبيّ
وعن صحّة ما يتداول عن إجلاء منظمات الأمم المتحدة لموظفيها رفيعي المستوى وكذلك أسرهم، إلى خارج لبنان، استباقًا لأي خلّل أمنيّ داهم، تواصلت "المدن" مع عددٍ من هذه المنظمات، التّي اكتفت بالتعليق على كل ما يتداول بتأكيدها على البيان الصحفيّ الذي صدر الثلاثاء الماضي 17 تشرين الأول الجاري، والذي يفيد بأن الأمم المتحدة، وردًا “على التقارير الإعلامية الأخيرة التي تشير إلى نقل موظفي الأمم المتحدة من لبنان إلى الأردن وبلدان أخرى، تود الأمم المتحدة التوضيح أنه لم تحدث عمليات إجلاء من هذا القبيل لموظفيها الأمميين ولا لأسرهم فيما "تستمر عمليات وأنشطة الأمم المتحدة في لبنان من دون انقطاع، ولا تزال الأمم المتحدة ملتزمة بدعم لبنان وشعبه خلال هذه الفترة العصيبة"، خاتمةً "وبغية تجنب انتشار المعلومات المُضلِّلة والمخاوف غير الضرورية التي قد تنتج عنها خلال هذه الفترة الحسّاسة، تحثّ الأمم المتحدة وسائل الإعلام على التحقق من دقّة التقارير قبل نشرها ومشاركتها مع الناس". 

واتصلت "المدن" ببعثة الاتحاد الأوربيّ في لبنان، للاستفسار منها عن وضعها وعن خطط الطوارئ في حال تورط لبنان بحربٍ مع الجانب الإسرائيليّ أو تمدّدت رقعة الاشتباكات إلى الداخل اللّبنانيّ، وكذلك عن توصياتها.. ليأتي الرّد من البعثة موجزًا كالتّالي: "لا تقدم بعثة الاتحاد الأوروبي نصائح سفر أو تحذيرات للمواطنين الأوروبيين، سواء كانوا يرغبون في دخول لبنان أو للمقيمين هنا. يتم الاهتمام بهذا من قبل السفارات الوطنية. يقع على عاتق وفد الاتحاد الأوروبي واجب رعاية موظفيه ولديه خطة الطوارئ اللازمة. ومع ذلك، لا يزال وفدنا في بيروت مفتوحاً وعاملًا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها