الثلاثاء 2023/10/17

آخر تحديث: 12:20 (بيروت)

في حالة الحرب: ماذا تخطط المنظمات الدولية للمقيمين بلبنان؟

الثلاثاء 2023/10/17
في حالة الحرب: ماذا تخطط المنظمات الدولية للمقيمين بلبنان؟
في حالة الحرب.. ما مصير اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين والعمال الأجانب؟ (Getty)
increase حجم الخط decrease

إن شئت التّمعن ولو لحظات بالقاسم المشترك الذي يجمعنا وسائر سكان المنطقة الإقليميّة ودول العالم الثالث إجمالًا، فلعلّ أول ما قد يخطر ببالك، هي الذاكرة الجمعيّة، التّي تنطوي على مشاهد الحروب الدمويّة وأهوال الاقتتال والقلاقل الأمنيّة والشقاق السّياسيّ (وغيره طبعًا)، الذي لم يدفع ثمنه سوى سكّان هذه الشعوب، بأجسادهم وعائلاتهم وما يملكونه ماديًّا، واستتبابهم النفسيّ والعاطفيّ. القاسم المشترك، هو هذه "التروما"، العبء الفادح الذي تنوء به كواهل السكّان، وكذلك المدن، التّي بُنيت وهُدمت وأُعيد تشييدها بدّمهم ولحمهم.

اليوم وأمام المقتلة التّي تحصل في غزّة، الشّاخصة للعيان، الفاجعة المُطلقة بالحدّ الأدنى، يقف سكان لبنان، من اللّبنانيين والسّوريّين والفلسطينيين (وغيرهم)، مستشرفين الأسوأ: التّورط بحربٍ وشيكة، قد تكون هي جلّ ما يخشونه. هذا السّيناريو الذي لا يقتصر وحسب على مضاعفة نكبتهم، بل الأسوأ جعل تلك النكبات هامشيّة إزاء شبح الحرب.

خطة طوارئ؟
وأمام واقع حركة النزوح السّكاني من الجنوب اللّبنانيّ والضاحيّة الجنوبيّة، التّي يصعب تقييم وتيرتها حاليًّا، فضلًا عن التهافت النسبي لشراء المؤون والمحروقات، والمقرونة غالبًا بحالة من الفزع العموميّ وتضارب الرؤى بين التشاؤم والحذر، وتفاوت مقدرة النازحين (في حالة الحرب أم لا)، في الوصول إلى الأساسيات التّي تضمن أمنهم الشخصيّ والغذائي.. يبدو التّساؤل مشروعًا، عن مصير أولئك اللاجئين السّوريّين والفلسطينيين والأجانب عمومًا في حالة نشوب حرب (التّورط بها)، وهل تُبطن الجمعيات والمنظمات الإنسانيّة، أي نيّة لتدارك هذا الواقع، لجهة وضع خطة طوارئ حقيقيّة، تزيح عبئًا إضافيًّا عن السّلطات في هذه الحالة؟

عطفًا على ما أشرنا إليه في تقريرٍ سابق عن حركة نزوح السّوريّين من القرى الحدوديّة لمناطق قد تكون ملجأ آمناً لهم (راجع "المدن")، وما تبعها من ردود فعل شعبيّة، ساخطة ورافضة لنزوح هؤلاء، لاعتباراتٍ تتماشى مع واقع الحملات الرسميّة وغير الرسميّة ضدّ اللاجئين، وتمسك المجتمع الدوليّ وخصوصًا الأوروبيّ، بمبدأ أن لبنان هو سدّ منيع يحمي أوروبا من أفواج المهاجرين غير الشرعيين. ساءلت "المدن" عددًا من المنظمات الإنسانيّة عن خططها الطارئة في سناريو الحرب، ودورها في تدارك ما يحصل الآن في الجنوب اللّبنانيّ، بما يخص بوضع اللاجئين.

اللاجئون السّوريون
بما يختصّ بوضع اللاجئين السّوريّين، صرّحت المفوضيّة السّاميّة لشؤون اللاجئين UNHCR، في حديثها إلى "المدن" أنها وتحت "قيادة الحكومة اللّبنانيّة، تعمل حاليًّا على وضع خطط للاستعداد والاستجابة، ذلك بالتّنسيق والشراكة مع منظمات الأمم المتحدة في لبنان". مُشيرةً لكونها تقوم حاليًّا بدعم النازحين في جنوب لبنان، بمواد الإغاثة الأساسيّة، بما في ذلك الفرش والبطانيات عالية الحرارة. فيما أكدّت أنها عمومًا قد وضعت خطط الطوارئ الخاصة بها، والمنظمة مستعدة لدعم احتياجات النازحين.

إلا أن المفوضيّة لم تقم بذكر أي تفاصيل تتعلق بخطة الطوارئ التّي أعدّتها أو حتّى التّدابير التّي هي في صدّد إعدادها، فضلًا عن السّيناريوهات المطروحة حاليًّا، رغم سؤال "المدن" عنها. وهذا بالضبط ما لاحظناه في حديثنا مع سائر المنظمات الحقوقيّة والإنسانيّة التّي تواصلنا معها، حيث تتجه هذه المنظمات وضمن سياسة لائقة لتدارك الوضع، في مختلف السّيناريوهات التّي قد تحصل، وطبعًا لعدم بثّ أي تصريحات تزيد من حالة الذعر والهلع العاميين.

هذا فيما لا تُنكر أي من المنظمات، أنه ومن حقّ هؤلاء اللاجئين، النزوح من المناطق الحدوديّة (عيتا الشعب والضهيرة ورميش..) التّي تتعرض لاعتداءات اسرائيليّة مُتكرّرة. وهذا الحقّ على السّلطات اللّبنانيّة تكريسه بالرغم من حالة الغضب الشعبيّ، ويندرج أساسًا ضمن الحقّ الإنساني المُطلق في اللجوء من مناطق النزاع، والاضطهاد، والتّي قد تجعل أي إنسان تحت خطر القتل أو التجويع أو حتّى التّعرض لانتهاكات.

النازحون من عين الحلوة والمهاجرون الأجانب
وفيما اضمحل تقريبًا الحديث عن أوضاع النازحين من عين الحلوة (لبنانيين وفلسطينيين وسوريين)، الذين لا يزالوا وبقسمٍ كبيرٍ منهم خارج المخيم الذي عاش الاشتباك والاقتتال الأسوأ في تاريخه، في الشهرين الأخيرين (ذلك مرّده احتلال الخبر الفلسطيني واجهة الأخبار، حاليًّا). إلا أن "المدن" علمت، خلال متابعتها الميدانيّة المستمرة لأوضاع النازحين، أن نذرًا يسيرًا منهم، يشعرون بالقلق والتّوجس من تصاعد وتيرة الصراع، وتمدّده إلى الداخل اللّبنانيّ. هم الذين فقدوا منذ مدّة وجيزة كل ما يملكون، ولا يزالون يعيشون في مراكز الإيواء المؤقتة، من دون أي أُفق واضح.

وحاولت "المدن" مرارًا التّواصل مع مسؤولين في الأونروا للحصول على تصريحٍ رسميّ، لكن الأخيرة تكتفي لحدّ اللحظة، بالمتابعة اللوجستيّة ومساعدة نازحي عين الحلوة، من دون التّطرق لأي تفاصيل تختص بفرضية نشوب حرب في لبنان. فيما أشارت منظمة "أطباء بلا حدود"، إلى "المدن" أنها حاليًّا غير مُصرح لها بالحديث عن أي فرضيّة وخصوصًا أن السّيناريوهات مُتعددة، وتتفاوت نسب تحقيقها. وعليه، فإنها مُلتزمة بدورها الإنسانيّ، من دون الخوض في أي سيناريو قد يبث حالة من الخوف العموميّ لا أساس له.

وفيما يتعلق بأمن العمال الأجانب والعاملات المُهاجرات، في سيناريو الحرب، فحتى الآن لم يتمّ تفعيل أي مبادرة جديّة لوضع خطة طارئة، تحمي هؤلاء أيضًا، فيما يبدو التّعويل حاليًّا على السّفارات التّي لم تدع حتّى هذه اللحظة أي من رعاياها من العمال الأجانب لأخذ أي إجراءات استباقيّة، حسب ما تبعته "المدن". فيما يبقى مصير العاملات المنزليات مُعلقًا بمصير أرباب العمل ومكاتب التشغيل.

لا شكّ أنه وفي خضم التّطورات التّي تشهدها المنطقة، وتوافد الأخبار عن المجزرة التّي يرتكبها المستوطن الإسرائيليّ بحقّ الفلسطينيّ، وفي عالمٍ يموج بملايين اللاجئين والمُهجرين، يبدو أن الشارع اللّبنانيّ قد حسم قراره في النأي بنفسه عن أي حربٍ مُحتملة (الأمر الذي لا ينفي انصهاره المطلق بالقضية الفلسطينيّة ودعمه غير المشروط لها). هذا الشارع الذي لم يُشف للآن من ذاكرته المضمخة بويلات الحرب والاعتداءات الإسرائيلية، وهو الشارع المسحوق بشظف عيشه ونكبته. الأمر الذي ينطبق على اللاجئ السّوريّ الذي لا يزال في سباقٍ مع كل أمم العالم هربًا من بطش نظامه، فضلًا عن الفلسطيني المُهجر، وناهيك بالعاملة التّي جاءت من مختلف أصقاع العالم بحثًا عن فرصة للعيش اللائق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها