الجمعة 2022/09/09

آخر تحديث: 10:31 (بيروت)

حين يستولي باسيل على ميشال عون

الجمعة 2022/09/09
حين يستولي باسيل على ميشال عون
باسيل.. الادعاء المضخم بالإنجازات، والنتيجة الصادمة والكارثية من اللاإنجازات (المدن)
increase حجم الخط decrease

كانوا لجنة متماسكة وصلبة ومؤمنة بأهدافها من عدة أشخاص. وكانت مهمة هذه اللجنة أولاً العمل على إنضاج قانون انتخابي يحقق تحسين التمثيل النيابي المسيحي. والمهمة الثانية كانت العمل لانتقال العماد ميشال عون من الرابية إلى بعبدا. وهؤلاء الأشخاص هم سليم جريصاتي، كريم بقرادوني، جان عزيز، وإيلي الفرزلي ووزير الخارجية الحالي عبد الله بوحبيب.

استمرت اجتماعات ومساعي اللجنة الاستشارية، أو "لجنة السبت" لأنها كانت تجتمع كل يوم سبت، لأكثر من سنتين مع العماد عون في الرابية. لكن في النهاية نجحت في تحقيق الهدفين، وهما إقرار قانون الانتخاب الحالي الذي نقل الأكثرية والسيطرة في البرلمان من جهة إلى جهة، وإدخال النسبية التي دمرت القانون الماضي وضربت صيغاً ومعادلات كانت مسيطرة. كما نجحت في إيصال العماد عون إلى الرئاسة الأولى.

بعد مرور أقل من ثلاث سنوات على انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية كان أغلب أعضاء اللجنة المذكورة قد تفرقوا وابتعدوا عن الرئيس العماد "بيّ الكل".

لم يتردد أغلب أعضاء اللجنة، وفي مناسبات متفرقة، من الجهر بحقيقة استنتاجاتهم التي وصلوا إليها من التجربة العونية. وقد أعلنوا عبر وسائل الإعلام في مناسبات متفرقة إقرارهم أن الذي يتحمل المسؤولية الكبرى عن فشل عهد الرئيس ميشال عون هو الدور الذي لعبه صهره جبران باسيل، عبر التدخل والتأثير على الرئيس وقرارته في أغلب المفترقات والمواضيع التي كانت تطرح.

وبطبيعة الحال، فإن النتيجة أن أغلب أعضاء اللجنة الاستشارية تركوا دائرة الرئيس وأعلنوا الخصام معه، باستثناء بو حبيب وجريصاتي. وقد نسجت حول الاثنين روايات كثيرة عن انزعاجهم وتبرمهم من تدخلات ومواقف وتأثير الصهر على عملهم ومواقف الرئيس.

لم يتردد جبران باسيل بالإصرار على دوره وتكبير تأثيره ومد نفوذه. وقد خاض معارك متعددة في التيار الوطني الحر وخارجه، من أجل فرض سيطرته وإعلان نيته التدخل والتأثير والمحاشرة مع الآخرين لفرض موقفه، وسطوته على المواقف والمواضيع والملفات المطروحة. ولم يتردد حتى في التدخل في بعض الأحيان في مناسبات متعددة مع الرئيس إلى حدود الإحراج.

بطبيعة الحال، ما كان كل ذلك يتم لو لم تكن رغبة الرئيس عون موجودة ومؤثرة وقابلة وراغبة في ترجيح كفة باسيل على الآخرين، إن في الدائرة الضيقة العائلية والحزبية أو الدائرة الأوسع على المستوى السياسي الوطني.

ما كان يمكن لأي شخص أن يصل إلى ما وصل إليه باسيل من قدرة على التأثير والسيطرة والتخريب، لو لم يكن رئيس الجمهورية راضياً وراغباً في ذلك. وليس من السهل شطب الجملة الشهيرة من ذاكرة اللبنانيين، حين أعلن العماد عون جملته الشهيرة آنذاك من الرابية قائلاً "لعيون صهر الجنرال ما تتألف حكومة". وقد أخّر تشكيل الحكومة يومها ستة أشهر من أجل توزير الصهر، الذي لم يتمكن من تحقيق أي خطوة ناجحة على مستوى عمله الوزاري في القطاعات الحيوية التي أمسك بها، وخصوصاً الاتصالات، ومن ثم في الملف الكارثي المدمر للبنان واقتصاده، أي ملفي الكهرباء والمياه.

يعتقد كثر من التيار العوني أن مؤامرة نسجت لتدمير سمعة باسيل والافتراء عليه، وعلى وجه الخصوص ظهور موجة الكره الوطنية له في أغلب المناطق، حين اندلعت انتفاضة 17 تشرين. لكن الغريب أن هذا الاعتقاد لم يصل إلى حدود طرح السؤال الجوهري الضروري لدى نخبة التيار وهو "لماذا يكرهوننا؟". ولم يخطر على بال هؤلاء أن سبب الكره هو الادعاء المضخم بالإنجازات، والنتيجة الصادمة والكارثية من اللاإنجازات على أرض الواقع.

ليست مبالغة الاتهامات التي يسوقها باسيل ومن حوله تجاه بعض الساسة والمسؤولين من فساد وإفساد وهدر أموال. ولكن في المقابل لم يقدم باسيل أي خطوة تشير إلى مراجعة داخلية لتصحيح بعض الأخطاء والارتكابات.

بالرغم من كل الفشل المتراكم، لم يقدم التيار الوطني الحر أي تجربة أو خطوة نقدية أو تصحيحية واحدة ولو بسيطة، مما فاقم مقدار الحنق والكره والسخط لدى الآخرين.

غياب الكهرباء بما تمثله من كارثة اقتصادية وطنية. تجربة سد المسيلحة وغيره من السدود الفاشلة الفارغة، التي هُدرت فيها علناً الأموال العامة، أكبر دليل ساطع على درجة الانكار الهائلة التي يتمتع بها ويعيشها باسيل والشلة المحيطة به في التيار.   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها