الثلاثاء 2022/04/05

آخر تحديث: 10:34 (بيروت)

في أسباب تعطيل الانتخابات وبطلانها

الثلاثاء 2022/04/05
في أسباب تعطيل الانتخابات وبطلانها
انتخابات 2022 ستكون إذا حصلت، الأسوأ في تاريخ لبنان (Getty)
increase حجم الخط decrease

تذكّرني تصريحات وزراء حكومة تأمين انتقال السلطة، وعدد منهم أصدقاء لي، بأمثولة الاستظهار في الصفوف الابتدائية، وأكثرها شهرة وليدة إيليا أبو ماضي الشعرية "وطن النجوم أنا هنا". إذ ما أن توجه سؤالاً إلى أحدهم يجيبك ببغائياً "نحنا أنجزنا ما علينا"، ولا تفهم شيئاً من تلك الأسطوانة المكسورة. حتى إذا ما ألححت وتعمقت في السؤال جاءك الجواب "نحن مستعدون"، أي الشطر الآخر من "الاستظهار": "حدّق أتذكر مَن أنا؟"

ونعود إلى الانتخابات المعلنة في أيار، وهي انتخابات يبدو عدم حصولها طبيعياً، أما حصولها "فلا حول ولا".

حزبان لا شك في أنهما موافقان على حصول الانتخابات، إذ هما مرتاحان إلى النتيجة الافتراضية، وهما "حزب الله" و"القوات اللبنانية". أما كل ما عداهما فـ"تخبزوا بالأفراح". والحزبان قد يربحان عدداً من النواب، أما إذا خسرا، فالخسارة مقبولة.

كل شيء حتى الآن لا يدعو إلى القلق وخصوصاً أن القادر على "تطيير" الانتخابات أي "حزب الله" لا يزعجه إجراؤها، على عكس الشريك الآخر في الثنائي الشيعي حركة "أمل".

أسباب أمنية وسياسية
هذا يعني أن الانتخابات حاصلة. ولكن ثمة أسباباً لـ"تطييرها"، منها سياسية أوأمنية أو تقنية.

فالأسباب الأمنية، كأن يحصل حدث أمني يقلب المعادلات ويطيح الانتخابات، خصوصاً أن الممسكين بالأمن قادرون على التحرك بسهولة، سواء من الداخل حيث السلاح المنظّم أو المتفلت كثير، والارتباطات بالخارج أكثر من أن تحصى، والتمويل إقليمي ودولي.

أما الأسباب السياسية، فمنها أن "حزب الله"موافق على الانتخابات وماضٍ فيها، ولكن ماذا إذا أتاه حليفه المدلل النائب جبران باسيل وقال له "أنا مأزوم". وهو فعلاً مأزوم وفي حاجة إلى مجرد صوت لولوج باب قصر بعبدا. ألم يفز الرئيس سليمان فرنجية عام 1970 بفارق صوت واحد (50 ــ 49) على منافسه الرئيس الياس سركيس.

مسألة فيها نظر.

أسباب تقنية

أما تقنياً، فالقضية أكثر تعقيداً، والأمثلة أكثر من أن تُحصى:

1- أعطي كل مرشح الحق في صرف مبلغ معين للدعاية الانتخابية. وهو مبلغ لا يناسب الظروف ولا يناسب السعر الجديد للإعلان الانتخابي، وبالتالي، فقد تخطت قيمة الإعلانات التي صُرفت حتى الآن في المحطات التلفزيونية والإذاعية أضعاف ما هو مخصص لها. وهذا أمر يمكن الاعتداد به في مراجعة المجلس الدستوري.

2- لا يجوز للمجنّس أن ينتخب إلا بعد مرور 10 سنوات على تجنيسه، واليوم مرّ أكثر من 25 عاماً ، أي ثمة 200 ألف ناخب جديد منذ عهد الرئيس الياس الهراوي، معظمهم معروفة اتجاهاتهم.

3- كيف يمكن تسهيل سير انتخابات المغتربات؟

4- ماذا عن تأمين كاميرات خاصة (سكانر) لفرز الأصوات عبر تسليط الأضواء على ورقة الاقتراع لتظهر على الشاشة؟ وكيف يتم تأمين هذه الأجهـــزة لـ7500 قلم اقتراع في كل لبنان؟ وإذا سلّمنا جدلاً أن مؤسسات أميركية وأوروبية قد تؤمن هذه الأجهزة، فذلك لا يعني "تدخلاً امبريالياً واستعمارياً" في الانتخابات، إلا إذا حصلنا عليها هبة من جزر القمر؟ وبالتالي، من يضمن عدم الطعن من أي مرشح لم تؤمن آلة سكانر في أحد مراكز ترشحه، ثم مَن يضمن تأمين تيار الكهرباء أقله 12 ساعة في كل لبنان، وكيف يكون التمويل، علماً أن أي قطع للكهرباء يكون مادة للطعن. ألم يكن من الأجدى إجراء انتخابات على مراحل حيث يقتصر تأمين التيار على محافظة أو اثنتين واستعمال عدد أقل من السكانر وأكثر من مرة؟!

في أي حال، بدأت "شحادة" وزارة الداخلية كهرباء لليوم المشهود من مولدات لمؤسسات دينية واجتماعية في المدن والقرى.

5- أين أصبحت البطاقة الانتخابية الممغنطة، وهل عدم إصدارها سبب للطعن من أي مرشح ولو نال صوتاً واحداً؟

6- والكذبة الكبرى انتخاب المغتربين، فكيف يمكن أن تموّل الدولة مركز اقتراع لكل 300 ناخب من 240 ألف مسجل، مع موظفيه (3 ديبلوماسيين) وأماكن اقتراع مستأجرة وتجهيزات وعازل وطاولات وقرطاسية، وسكانر لايقل ثمنها عن 100 دولار؟ أضف إلى ذلك بطاقات السفر وأماكن الإقامة ليلتحق الديبلوماسيون بمراكزهم .وكيف يمكن تأمين العدد المطلوب وفي وزارة الخارجية -وفق مصدر مطلع ومتابع- 180 ديبلوماسياً. والأدهى أن وزيراً سابقاً طلب قبل فترة جواز سفر ديبلوماسياً، وقيل له أن لا ورق لإصدار الباسبور. والسؤال هنا، ألا يحق لأي مغترب الطعن في الانتخابات إذا لم يتأمن مركز اقتراع في مكان تسجيله؟

7- ماذا عن أمن المراكز (5 عناصر في أدنى حد كل ثماني ساعات، أي نحو نحو 75 ألف عنصر) من دون أن ننسى الساحات الأمنية والأحياء "الساخنة"؟ وماذا عن رواتبهم ورواتب الموظفين؟

8- أما هيئة الإشراف على الانتخابات فلم تُصرف مخصصاتها. وهي تتفرّج على "غزو" المرشحين لوسائل الإعلام متخطّين الموازنات المقرّرة لكل منهم أضعافاً مضاعفة؟

الأسوأ والأخطر
وفي رأي مصادر سياسية وقانونية خبيرة، فإن انتخابات 2022 ستكون إذا حصلت، الأسوأ في تاريخ لبنان، وستشهد مقاطعة واضحة من طائفة قد تكون الأكبر. صحيح أن انتخابات 1992 شهدت مقاطعة واسعة من طائفة كبرى، إلا أن ثمة ضوابط دولية كانت موجودة، أما اليوم فالنواب الجدد سيكونون شهود زور في مجلس يشوبه خلل سنّي وهو أقرب إلى اللون الواحد، ما يؤدي حتماً إلى مؤتمر تأسيسي تخشى قيادات مسيحية وفي مقدمها البطريرك الماروني أن ينتزع ما تبقى من حقوق لهذه الطائفة.

وحتى 15 أيار الموعد المعلن، كل الأعين شاخصة إلى هذه الانتخابات التي ترى أوساط سياسية أنها ستقضي على ما تبقى من لبنان. فهل مَن يجرؤ على إعلان وفاتها سريرياً أو بصعقة كهرباء؟!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها