الأحد 2018/04/15

آخر تحديث: 09:17 (بيروت)

هذا هو لغز سد عين دارة- العزونية

الأحد 2018/04/15
هذا هو لغز سد عين دارة- العزونية
موقف البلدية سيكون مثل موقف الأهالي رافضاً للسد (أنور عقل ضو)
increase حجم الخط decrease

ليس ثمة بلدة في قضاء عاليه لا تعاني تلوثاً في مياهها وهوائها. فكل مجرى مياه تحول إلى "مجرور"، فيما حكومات ما بعد الطائف المتعاقبة عجزت عن بناء شبكة صرف صحي وربطها بمعامل تكرير حديثة. فلا موازنات للبدء بمشاريع حيوية تلحظ صحة المواطن قبل أي شيء آخر، أما كيف تتوفر الأموال للسدود السطحية؟ فهذا ما لم يمكن تفسيره إلا بـ"معجزة" لبنانية عنوانها الفساد، وديدنها الهدر وتقاسم التنفيعات بالقسط والعدل بين أُولي الأمر.

ويبدو أن الفساد عاد ليضرب في عين دارة، أو هو لم يتوقف أساساً فيما لا تزال تختفي قممها نهشاً بالكسارات ليأتي مشروع السد في أسفل البلدة ويكمل دورة التخريب، من نهش أحراج الصنوبر التي قضمت المرامل مواقع منها، إلى مجمع الاسمنت المزمع إنشاؤه إلى السد الذي أطلق عليه "سد العزونية". كأن ثمة أخطاء تطاول جغرافيا الإهمال والفساد، علماً أن مشروع السد تصدى له أبناء البلدة في العام 2010، وظنوا أنه طوي إلى غير رجعة.

تلوث المياه
يقول المهندس جان بدر، وهو من عين دارة، إن "الإسم الذي أطلقته وزارة الطاقة على هذا المشروع (سد وبحيرة العزونيه) لا يمت إلى الحقيقة، كونه يقع كاملاً في بلدة عين دارة". وإذ عرض لأمور فنية وتقنية حيال طبيعة الأرض الجيولوجية والهيدرولوجية، يشير بدر إلى أن "دراسة الأثر البيئي لم تلحظ أي أضرار لنشاط الكسارات في أعالي عين دارة، حيث المصدر الأساس للنهر الموسمي والينابيع والمتساقطات التي سوف تغذي البحيرة الناتجة عن السد، بل اكتفت بالإشارة إلى أضرار المبيدات الزراعية".

يضيف: "المعمل سيلوث المياه التي تغذي هذه البحيرة بالتأكيد. فالكل يشهد على تلوث وتلون مياه عين دارة عند أبسط تفجير في منطقة الكسارات. فهل لدى وزارة الطاقة والمياه القدرة على إيقاف عمل الكسارات والزفاتات والغاء الترخيص لمعمل الإسمنت؟ وهل التخطيط الاستراتيجي للتوازن المائي، يسمح بنشاطات صناعية ثقيلة فوق البحيرة، أي منطقة الحوض التي تبلغ مساحتها 14.2 كيلومتراً مربعاً، كما ذكر المهندس أنطوان سلامة من شركة جيكوم (الجهة الإستشارية الموكل إليها دراسة السد من الناحية البيئية)؟".

وتوقف بدر عند مشكلة الصرف الصحي، مشيراً إلى أنه "قبل البدء بمشروع السد على المعنيين الانتهاء من تنفيذ شبكة الصرف الصحي وتشغيل محطة التكرير، خصوصاً في عين دارة ومهريه اللتين تقعان ضمن الحوض"، مشيراً إلى أن "منطقة عين دارة معروفة بهوائها الصحي الجاف، نظراً لوجود حاجز جبلي يمنع الرطوبة، وفيها مصح للأمراض الصدرية، ومن المؤكد أن استحداث بحيرة بسعة 4,1 مليون متر مكعب سيؤدي إلى زيادة نسب الرطوبة وتغير مناخي محتمل. ما يحتاج إلى دراسة معمقة، فضلاً عن خسارة الأراضي الزراعية".

استمرار المهزلة
يؤكد الخبير في مجال الهيدروجيولوجيا الدكتور سمير زعاطيطي لـ"المدن" أن "المياه الجوفية متوفرة في المنطقة وعلى أعماق قليلة. ويدل على ذلك آبار الباروك والصفا في مواقع مشابهة، وبكميات كبيرة وأكلاف بسيطة". ويسأل: "لماذا الإصرار على هذا السد؟"، مشيراً إلى أن" السد سيحرم الأهالي من بساتين الكرز المعروفة في المنطقة والتي تشكل المورد الأساسي لأهل عين دارة والعزونية، ويؤدي بالتالي إلى تهجير المزارعين وإنتقالهم إلى المدن".

ويشدد على أن "السياسة المائية المتبعة في لبنان والمسماة الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه، والمعتمدة كلياً على التخزين السطحي لمياه سطحية عكرة على مدار السنة وملوثة بمياه الصرف الصحي وكل أنواع الملوثات عبر السدود، ولبلد جبلي يبلغ المخزون المائي الجوفي فيه 3 مليار متر مكعب متجدد سنوياً وفق تقرير الأمم المتحدة للتنمية في التقرير الأزرق (لبنان- المياه الجوفية) تعتبر علمياً فاشلة وليس لها أي مردود مائي يسد حاجات المواطنين".

ويسأل: "من أين سيتم ملء السد في حال إنشائه ولا يوجد مصدر مائي مهم، بل ينابيع موسمية صغيرة تختفي معظمها بعد فصل التغذية بالأمطار؟". ويرى زعاطيطي أن "سد عين دارة- العزونية سيكون إستمراراً لمهزلة من جملة مهازل السدود، جنة وبسري وبقعاتة كنعان واللائحة تطول لمزاريب الهدر في بلد مديون حتى العظم".

بلدية عين دارة
ويشير عضو بلدية عين دارة العميد المتقاعد مارون بدر إلى أن "موقف البلدية سيكون موقف الأهالي، وستلتزم البلدية بهذا الموقف مهما كان الثمن، كما التزمت رفض معمل الموت (مجمع صناعة الاسمنت) وما تزال".

ويشير بدر إلى أن "موقع السد في أسفل البلدة، وفي منطقة خصبة وتربة رملية لا تصلح لبناء سد، فضلاً عن الصرف الصحي الذي لوث المياه، وليس ثمة مراقبة". ويؤكد أن "لا ثقة لنا بوزارتي البيئة والطاقة والمياه".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها