الأربعاء 2014/09/03

آخر تحديث: 18:28 (بيروت)

فنيدق تشيّع شهيدها: الدولة ذلّتنا

الأربعاء 2014/09/03
فنيدق تشيّع شهيدها: الدولة ذلّتنا
جانب من تشييع الشهيد علي السيّد (تصوير: عامر عثمان)
increase حجم الخط decrease

 

في خط واحد يعيش الشمال غضباً مكرراً. ربما مرّ تشييع الشهيد علي السيد مروراً سليماً. حضر التشييع رسميون واهالي القرى المجاورة وسكان بلدة فنيدق، لكن كل ذلك صورة ناقصة، لها دلالتها العميقة، عما سيحل في مناطق الجرد الغاضبة، التي تبعد عنها الدولة وتهمشها، وتتركها أمام مصائبها عاجزة.

 

يعبّر الاهالي عن غضبهم جهاراً: "الدولة تركت علي امام مصيره من دون جهود كافية"، مشددين على التأكيد انهم سيكونون كفاً واحدة في مواجهة ضرب كرامتهم وسيأخذون ثأرهم.

 

لكن ممن الثأر؟ تسألهم فيجيب بعضهم: "الدولة. السوريين. الإرهاب".

العجز الذي يتهم اهالي البلدات الفقيرة والمنسية وراء بساتين خضراء دولتهم فيه، هو ليس عجزهم، الذي سيتحوّل الى سيناريو آخر يكون ضحاياه "نازحو سوريا"، ثم الجيش الذي ينال حصة من غضبهم وتعاطفهم في آن. حيث تعرض سوريون أمس الثلاثاء الى اعتداءات على خلفية ذبح ابن بلدتهم علي السيد. وتم ضرب بعضهم.

 

هذا النفور الأهلي التي عملت القوى السياسية من "تيار المستقبل" والنائب السابق وجيه البعريني، اضافة الى فعاليات سياسية تابعة للنائبين السابقين مخايل الضاهر وعصام فارس على تلطيفه واحتوائه بمساعدة حثيثة في اتصالات اجراها مفتي عكار الشيخ زيد بكار زكريا ابن البلدة، قابله مشهد مسلحين مدججين بجعب وقنابل وسلاح أطلق الرصاص غضباً على جهات عدّة: "داعش" في الواجهة، ثم الدولة في الخلفية.

 

يعرف الاهالي ان الدولة "قصّرت". هذا الكلام لن تسكته تصريحات هنا او هناك، ورغم نشر عائلة الشهيد بياناً باسمها، ناشدت عبره "أهالي فنيدق الحفاظ على إخوانهم الضيوف السوريين"، معتبرة أن "أي اعتداء عليهم يمس بحرمة الشهيد وعائلته، فلا نحملهم وزر غيرهم"، فذلك لن يمنع شبان البلدة الغاضبين من توجيه ضرباتهم الى خيم النازحين، الذين يقول البعض ان أولادهم يقاتلون في صفوف التنظيم.

 

يقول محمد احد ابناء البلدة انهم لن يسكتوا عن هدر دم علي، مشيراً الى ان "الدولة اذا لم تتحرك فسنقوم برد من قبلنا. الارهاب المتراكم جراء السوريين يودي بحياة اخوتنا، ليس كل السوريين بالطبع، لكن هناك مجموعات تتلطى وراء النزوح لتمارس القتل والترهيب"، مضيفاً ان على الدولة القيام بدور فاعل من أجل ارجاع الحق لأهله، ولا تزيد من الذل الذي يلحق بهم".

 

يقول احمد السيد والد الشهيد في اتصال مع "المدن" انه يطلب تحرك الدولة سريعاً، مؤكداً انه لا يريد سوى "الحقيقة"، طالباً من اهل بلدته التريث وعدم القيام بأي افعال تسيء لهم، ويوضح: "نحن أولاد عشائر لن نعتدي على احد بالزور والدولة تأخذ بثأر ابني الذي هو ابن مؤسستها، واستشهد دفاعاً عن هذه المؤسسة".

 

حزن والد علي وانكساره هو انكسار لمعظم ابناء البلدة ونسائها اللواتي خرجن بسلاحهن واطلقوا الرصاص في الهواء. بدا المشهد بين القلمون على تخوم طرابلس وصولاً الى بلدة فنيدق واحداً: قلق شعبي لا تستوعبه خطط الدولة الموقتة لتهدئة الشارع السنّي.

 

يقول شيخ سلفي في اتصال مع "المدن" ان المفاوضات يجب ان تكون جدّية أكثر وعلى الدولة ان تخطو خطوة ثنائية بين العلماء والمشايخ والجهات الحكومية من جهة أخرى والتنازل في بعض مطالبها مما سينعكس على مسار تحرير الاسرى ويوصل الى نتائج ملموسة"، موضحاً انه إن بقيت الدولة متعنتة ولا تريد التفاوض بشكل كامل مع كل المعطيات المطروحة فربما سنشهد ذبحاً لجنود آخرين".

 

شيّعت فنيدق ابنها الشهيد. سلاح وغضب يبدأ بالدولة ولا ينتهي بالنازحين السوريين. صار غضب عكار كل شيء، فيما هناك من  يريد أن يبحث عن هيبة لدولة، لم تلتفت إلى أبنائها يوماً، وتحديداً إلى أولئك المنسيين منذ زمن.

 

 

increase حجم الخط decrease