السبت 2024/02/03

آخر تحديث: 07:46 (بيروت)

كي يكون العرب الأميركيون مرئيين

السبت 2024/02/03
كي يكون العرب الأميركيون مرئيين
متطاهرون الأميركية واشنطن ضد الدعم الأميركي لإسرائيل
increase حجم الخط decrease



ما أن بدأ جو بايدن بإلقاء كلمته، حتى قوطع أول مرة. Genocide Joe صرخ أحد الحاضرين في اللقاء الذي يعقد في ولاية فيرجينيا لدعم حق المرأة بالإجهاض.مقاطعة السياسيين بالاحتجاج عادة أميركية ظل دونالد ترامب يواجهها في كل جولاته الانتخابية حين ترشح أول مرة للانتخابات الرئاسية. يجلس متخفياً بين الحضور ناشطون سياسيون يحتاجون إلى جرعة عالية من الجرأة ليقدموا على كشف هويتهم وسط جمهوره العصبي في العادة، وترامب الأكثر عصبية ينصح مناصريه بلكم هؤلاء الخاسرين قبل طردهم خارج القاعة.
جو بايدن ليس معتاداً على المندسين، على الرغم من وجوده في السياسة أكثر من خمسين سنة. لكن، ومنذ بداية الحرب على غزة، يكاد لا يمر ظهور عام له من دون أن يجد من يلقي على مسامعه السؤال صراخاً: كم فلسطينياً قتلت اليوم يا جو؟ وبايدن الرزين لا يستطيع أن يقلّد ترامب بالطبع. في المرات السابقة كان إما يتجاهل الناشطين أو يحاول احتواء الموقف بالقول إنه يعمل بصمت على حل المسألة.
في فيرجينيا، كان واضحاً أنه لن يخرج عن النص المكتوب ويذكر الحرب. كل ما فعله هو الصمت بانتظار الأمن كي يخرج الناشط. سكت بينما الحضور يسعف رئيسه الذي سمع اسمه للتو مرتبطاً بمصطلح إبادة، بالهتاف والتصفيق: "أربع سنوات جديدة..". هؤلاء الناشطون، نساء ورجالاً، جالسين في أماكن متفرقة سيكررون المشهد نفسه 13 مرة إضافية في الخطاب الذي لم تتجاوز مدته النصف ساعة. وفي كل مرة، سيحاول الجمهور أن يغطي على الصوت المعترض بترديد الهتاف عينه، والتصفيق، ليتحول اللقاء إلى هرج ومرج لا شك أنهما أزعجا بايدن، لكنهما ساعدا قليلاً في شفاء غليل الغاضبين على هذا البايدن بالتحديد، كما على إدارته وحزبه الديموقراطي.
بايدن لا يكترث حين سئل مباشرة عن مدى تأثير موقفه من الحرب الإسرائيلية على قرار الناخبين العرب الأميركيين (جمهوره المفترض) ردّ على الصحافية بالقول إن دونالد ترامب حين كان رئيساً منع العرب من دخول أميركا، لذا فهم يعرفون من هو الرئيس الأفضل لهم.
هكذا، فإن على العرب المفاضلة بين الأسوأ، أي ترامب، والسيء، أي هو، وأن يقبلوا به بسيئاته لأن لا خيار ثالثاً لهم. أن يغضوا النظر عن دعمه المنقطع النظير لإسرائيل في حرب الإبادة التي تخوضها. أن يغضوا النظر أيضاً عن أنه يرفض إبداء أدنى تعاطف صادق مع الفلسطينيين، أو على الأقل مع الأميركيين الذين فقد بعضهم عائلات بكاملها في غزّة. أن يغضوا النظر عن خذلانه مكوّناً أميركياً برمّته، فقط لأنه أفضل لهم من ترامب.
التهويل بترامب ليس كافياً.

الإعلام الغربي يصف موقف العرب والمسلمين الأميركيين من بايدن بأنه "نقمة عارمة". الرئيس الديموقراطي الذي انتخبته الأقليتان بغالبية كبيرة قبل أربع سنوات، أبقى برنامج زيارته إلى ميشيغان الخميس سراً، واضطر موكبه إلى سلوك طرق فرعية لتجنب تظاهرات متفرقة ضده. وبالطبع، لم تتضمن زيارته أي لقاء مع العرب يبلغ عددهم نحو 300 ألف. في الانتخابات الأخيرة، تقدم بايدن على ترامب ب 150 ألف صوت في ميشيغان. ترامب يتقدم عليه حالياً بنحو 8% في استطلاعات الرأي في الولاية التي قد تصل خسارة بايدن فيها، إلى خسارته البيت الأبيض.

ليس لدى العرب جماعات ضغط فاعلة كتلك التي لإسرائيل في الولايات المتحدة، لكن لديهم أصواتهم، وهم يبدو أنهم قرروا استخدامها لمعاقبة الرئيس والديموقراطيين. حملة التخلي عن بايدن (Abandon Biden) التي انطلقت قبل فترة تطالب بالامتناع عن التصويت لبايدن لكنها لا تدعو للتصويت لمنافسه المرتقب دونالد ترامب. كذلك، فإن مقاطعة التصويت تماماً تعني غياب صوت هذه الأقلية. الآن، وبينما الحزبان يتحضران للحرب الانتخابية الشرسة ويتنافسان على كسب ود إسرائيل، يبدو أن على الصوت العربي أن يلجأ إلى خيار ثالث، في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان، ليهزموا بايدن.
هذا ليس بالضرورة انتقاماً فحسب. خسارة بايدن بسبب موقفه من حرب غزة، ستجعل هذه الأقلية مرئية. الدرس الذي سيلقنه العرب للحزب المحسوب عليهم، إذا ما تحقق، سيكون قاسياً عليهم لا شك، لأن لا أحد أسوأ من ترامب. لكن الديموقراطيين سيعرفون أن فرض الاختيار بين السيء والأسوأ ليس خطة ناجحة. قد يكون اختيار الأسوأ آخر سلاح للمغبون، حتى ولو نكاية بالسيء فحسب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها