الجمعة 2022/11/11

آخر تحديث: 08:07 (بيروت)

موجة ترامب الحمراء.. التي لم تصل

الجمعة 2022/11/11
موجة ترامب الحمراء.. التي لم تصل
حوّل ترامب السباق الحالي إلى استفتاء جديد على شرعية الانتخابات الرئاسية السابقة
increase حجم الخط decrease


لدى دونالد ترامب استراتيجية يتيمة يعود إليها في الأزمات: حين يُحشر في الزاوية، يبدأ بالصراخ. وهو الآن يبدو كمن يصرخ على منصته الخاصة بالتواصل الاجتماعي Truthsocial. يهاجم مصداقية الانتخابات، والإعلام الليبرالي "المزيف"، وإعلام روبرت مردوخ، والديموقراطيين، ويهوّل على الجمهوريين، ويؤكد أن معظم الذين دعمهم في الانتخابات النصفية فازوا، مع أن معظم مرشحيه الترامبيين الأصليين، خسروا، أو ينازعون. ويبرر. يقول إنه دعم محمد أوز، المرشح الجمهوري الذي خسر مقعداً كان لحزبه في مجلس الشيوخ في بنسلفانيا أمام جون فيترمان، لكنه يلمح إلى أن السبب في خسارة النجم التلفزيوني يكمن في أنه ليس من رافضي نتائج الانتخابات الرئاسية 2020.

يضيف ترامب إلى قائمة خصومه نجم الجمهوريين الجديد حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، الذي أطلق فوزه الكاسح في الولاية عملياً حملته الرئاسية. دي سانتيز لكمة مباشرة كان ترامب بغنى عنها. فقد ظهر فجأة كالبطل المنقذ للمحافظين الذين يرون أن ترامب نفسه، بدعمه مرشحين متطرفين، رافضي نتائج الانتخابات، منع الموجة الحمراء المرتقبة، أي الفوز الكبير للجمهوريين في مجلسي الكونغرس. بدلاً من الموجة، سيكون فوزهم الذي لم يحسم بعد، هزيلاً في مجلس النواب، وسينتظرون مصير مجلس الشيوخ حتى السادس من كانون الأول المقبل موعد إعادة الانتخابات في جورجيا بين مرشح ترامب هيرشل ووكر ومنافسه الديموقراطي رافائيل وارنوك، حيث التعادل بخمسين مقعداً لكل حزب يعتبر خسارة للجمهوريين بوجود نائبة الرئيس الديموقراطية صوتاً مرّجحاً.

كان الجمهوريون يفضلون عنواناً عريضاً للمعركة هو التضخم، وتحميل المسؤولية لإدارة الرئيس جو بايدن ذي الشعبية المتدنية بشدة. لكن ترامب، الذي لم يخرج بعد من خسارته، حوّل السباق الحالي إلى استفتاء جديد على شرعية الانتخابات الرئاسية السابقة، أي على الديموقراطية نفسها. ومع أنه خاض المعركة كقائد أعلى للقاعدة الجماهيرة الجمهورية، وكان سينسب الفوز الكاسح لنفسه فقط، لو تحقق، إلا أنه الآن يحمل المرشحين والتزوير ذنب النتائج.
الترامبية ما زالت حافزاً للديموقراطيين كي يشاركوا في التصويت ضدها. الترامبية نفسها التي أوصلت مرشحين غير صالحين تماماً لمنصب رسمي، أحبطت جمهوريين تقليديين محافظين حماستهم ولم يقترعوا. خاب أمل الجمهوريين وسارع الديموقراطيون بتحميل ترامب مسؤولية منع الموجة الحمراء. الجمهوريون لا يريدون نفي هذه التهمة عنه، لكنهم لا يجهرون بها. يمنعهم رعبهم من استغلال فرصة سانحة لهم للتحرر من سطوته الشرسة على الحزب، والخروج من جيب سرواله. تبين في هذه الانتخابات أنه ليس المخلص ولا الملك المتوج على جمهورهم ولا المرشح الشرعي وصاحب الحق الوحيد ببطاقة الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة، لا بل أكثر من ذلك، بدا عائقاً هائلاً لهم، ومع ذلك، ليسوا مستعدين لمواجهته.

الجمهوريون حذرون. ترامب محترف في إشعال الفوضى. هكذا كانت إدارته، وهكذا أنهى فترته الرئاسية، باجتياح مبنى الكابيتول. لن يبادروا إلى إثارة غضبه، لأنهم لا يتمنون عدواً من الداخل بقوته واستعداده الدائم لتدمير الهيكل على من فيه. يستمرون بمهادنته، لكنه على الأرجح لن يهادنهم في المقابل. فهو يبادر إلى الهجوم ما أن يشعر بالخطر، مهما كان ضئيلاً وبعيداً. لا يريدونه عدواً، لكنه قد يبادر إلى استعدائهم، وحزبهم سيخرج على الأقل خاسراً من حرب داخلية كهذه، إن لم ينقسم على نفسه، ويخرج منه ترامب ومعه جيشه من التابعين الأوفياء.
لن يجيد الحزب استغلال الفرصة. لكن ترامب لن يصبر طويلاً على هذا السكوت عن كيل المديح له ودفع التهم عنه. وتيرة غضبه، منذ صباح الأربعاء، ترتفع شيئاً فشيئاً في منصته الغرائبية. قبل يوم واحد من الانتخابات كان في مزاج عالٍ وحوّل آخر خطاب لدعم أحد مرشحيه، إلى جولة انتخابية خاصة به، مبشّراً بإعلان مهم الثلاثاء المقبل، رُجّح أن يكون إطلاق ترشيحه للانتخابات الرئاسية القادمة. هذا كان قبل الموجة الحمراء التي لم تصل، وقبل بزوغ نجم فلوريدا الجديد دي سانتيس، وقبل صمت الجمهوريين المريب. إذا بقي الموعد قائماً، فلن يكون عابراً. لديه الكثير من الغضب المتراكم الذي سيكون فرجة مسلية للديموقراطيين، وسبباً لمزيد من القلق للجمهوريين الذين مذ اقتحم هذا الفيل بيتهم، وهم حائرون ماذا يفعلون به، فبقاؤه مشكله، وطرده مستحيل من دون هدم البيت على من فيه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها