الإثنين 2023/05/01

آخر تحديث: 19:40 (بيروت)

الحملات على النازحين السوريين.. وحاجة لبنان لقانون "كراهية" جديد

الإثنين 2023/05/01
الحملات على النازحين السوريين.. وحاجة لبنان لقانون "كراهية" جديد
increase حجم الخط decrease
تشير الحملات ضد النازحين السوريين، الى فشل التدريبات والبرامج الدولية والمحلية لمواجهة خطاب الكراهية، كون الحملات انخرطت فيها مؤسسات إعلامية وناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دعوا الى ترحيل النازحين أو اعادتهم الى بلادهم. 

تشبه الحملات الاخيرة الامتحانات الاخلاقية التي يخضع لها اللبنانيون، وتنتهي بسقوط مدوٍّ في قعر الخطابات العنصرية التي تنتشر معها الكراهية بين ابناء البلدين سوريا ولبنان، ويمكن أن تؤدي الى اشعال نار لن يستطيع أحد -في الداخل على الأقل- إطفاءها. 

والسؤال يطرح هنا حول غياب او تراجع الصوت العاقل الذي كان بامكانه تهدئة الامور وعدم السماح بتدهورها، إن عبر إطلالات تلفزيونية او عبر المنصات الرقمية. فلبنان تنتشر فيه منظمات المجتمع المدني الناشطة التي يفترض أنها لا تغفل عن إقامة الدورات والندوات او حتى الإطلالات الصحافية والإعلامية لنشر الوعي، وتركز على اهمية الابتعاد عن اي خطاب غير عقلاني او لا يحوي سوى على شعبوية عبر نشر المعرفة والوعي بين الفئات المستهدفة ومنع انتشار خطاب الكراهية.

سقوط في الامتحان اللبناني
اللافت أن غالبية البرامج التي عملت على تخفيف الاحتقان، ومواجهة خطاب الكراهية والعنصرية، سقطت في الامتحان اللبناني الاخير. يقول المحامي طوني مخايل، المشرف على اعمال وحدة الابحاث والرصد الاعلامي في مؤسسة "مهارات"، ان قانون الاعلام والمطبوعات في لبنان يحصر خطاب الكراهية في التحريض الديني، كون المجتمع منقسم طائفياً، لكن "للحدّ من آفة الخطاب العنصري تم تقديم مشروع قانون من "مهارات" لمجلس النواب يشمل تجريم كل من يلجأ إلى الخطاب العنصري أيضاً وهو موجود في لجنة الإدارة والعدل بانتظار تحويله الى الهيئة العامة بعد مناقشته واقراره".

ويشير مخايل في تصريح لـ"المدن" الى أن "جميع الدورات والندوات التي تمت بين الجمعيات والبلديات من جهة، وبين فئات مختلفة من المجتمع المدني مع البلديات من جهة اخرى، غير كافية لمكافحة خطاب الكراهية والعنصرية"؛ داعياً وزارة التربية والأحزاب السياسية الى ممارسة مسؤولياتها للحد من هذا الأمر.

وعن الفئات المستهدفة على مدى الأعوام الماضية، يشير مخايل الى ان الصحافيين والطلاب الجامعيين كانوا من الفئات المستهدفة ضمن برامج ممولة؛ وهو امر لم يكن يحصل بشكل يومي لمعالجة ملف حساس كملف النازحين السوريين وكيفية تأمين بقائهم الآمن في لبنان أو مساعدتهم على توفير شروط العودة.

القانون الدولي واللبناني
ويحظر القانون الدولي خطاب الكراهية الذي تعرّفه الأمم المتحدة بأنه أي نوع من التواصل، الشفهي أو الكتابي أو السلوكي، الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية  بالإشارة الى شخص أو مجموعة على أساس الهوية، وبعبارة أخرى على أساس الدين أو الانتماء إلاثني أو الجنسية او العِرق. رغم ذلك، اكتفى لبنان بالاعلان عن إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان  والإعلان عن بيان لمواجهة خطاب الكراهية تعهد فيه رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى بمكافحة خطاب التحريض على الكراهية والفتنة.

استثمار سياسي
وتذهب الاسباب الى الاستثمار السياسي. هنا يعتبر استاذ العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، الدكتور بسام الهاشم، أن تركيبة الشعب اللبناني الطائفية التي ساهمت في التجديد أكثر من مرة للطبقة السياسية الحاكمة منذ عشرات الأعوام، والتي "تسعى دائماً الى اختلاق المشاكل لتغطية فشلها في الحكم تماماً كما يحصل اليوم في كيفية تقديم ملف اعادة النازحين السوريين الى بلادهم". 

يقول الهاشم في حديث لـ"المدن" ان "هذه الطبقة التي لم تجد بعد آلية أو عاملاً مشتركاً لبناء المؤسسات وارساء فكرة الدولة الواحدة والانتماء الواحد، مستعدة للذهاب الى الحرب الأهلية أو تسعير التوتر بين الشعبين السوري واللبناني لتغطية فشلها في كثير من الملفات المعيشية او مقابل مصالح شخصية لهذا الزعيم أو ذاك المسؤول".

خطاب 1975
ويستعيد اللبنانيون اليوم مشهد العام 1975، عندما تم إعداد الأرضية للحرب الاهلية التي اندلعت بين اللبنانيين؛ ونسي الجميع بعد الطلقة الأولى أسبابها واصبح اللبنانيون يبحثون عن مخرج لها، بات الفلسطينين، بالنسبة إلى كثر، هم السبب الوحيد لفتنة بين أبناء بلد واحد متحابّين منسجمين ولا شيء كان يقسمهم!

ويتساءل اللبنانيون: هل المطلوب أن تتكرر التجربة ذاتها، لكن هذه المرة ليس بين اللبنانيين والسوريين؟ ومتى ينتهي تحريك الأرض والاستثمار في دماء اللبنانيين والسوريين، وقبلهم الفلسطينيين، لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، طائفية وأحياناً شخصية؟ وهل المطلوب البحث عن حلول لكيفية حل هكذا ملف بعقلية هادئة لا تستفزّ احداً ولا تتنقص من قيمة احد وتجعل الجميع سواسية تحت سقف القانون والدستور؟ 

يعتبر الناشط والمختص في ملف النازحين السوريين، شربل خوري، أن الحملة العنصرية على السوريين ليست جديدة وهي تتكرر مع كل استحقاق او خلاف سياسي، مشيراً الى أن الدولة اللبنانية تعتمد سياسة الابتزاز السياسي مع المجتمع الدولي في معالجة هذا الملف. ويقول لـ"المدن": "الأزمة الاقتصادية وإفلاس الخزينة العامة دفع بالمسؤولين اليوم الى طلب مبلغ اكبر مقابل إبقاء النازحين، وإلا..". 

ويذكر خوري بأن مفوضية اللاجئين السوريين، أعلنت اكثر من مرة، أن الأسرة السورية مكتملة الشروط والموجودة في لبنان، تحصل فقط على 8 ملايين ليرة، وليس على مئات الدولارات كما يجري الترويج في كثير من وسائل الاعلام من ضمن الأخبار الكاذبة المنتشرة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها