الثلاثاء 2023/03/14

آخر تحديث: 21:06 (بيروت)

2023: 14 آذار مجرد ذكرى.. وسوريا تتوثّب من جديد

الثلاثاء 2023/03/14
2023: 14 آذار مجرد ذكرى.. وسوريا تتوثّب من جديد
increase حجم الخط decrease
يستحضر اللبنانيون الاستحقاقات السياسية الداهمة والمتغيرات الدولية، في 14 آذار، بعد 18 عاماً على الثورة الشهيرة التي دفعت لإخراج الجيش السوري من لبنان: هل يعود النفوذ السوري الى لبنان بعد 18 عاماً على خروجه؟ وكيف نواجه مرحلة لا يبدو للبنان أي تأثير فيها؟

والأسئلة الجديدة، التي تبدو هواجس سيادية لبنانية، هي نتاج ثلاثة عوامل اساسية، يبدأ أولها من الدفع باتجاه انتخاب رئيس "المردة" سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وثانيها الانفتاح العربي على دمشق من بوابة المساعدات الانسانية بعد الكارثة. وثالثاً، يتوجس اللبنانيون من تأثير للمتغير العربي، في ظل انشغال دولي عن الساحة اللبنانية، بعدما ساهم الدعم الدولي في بلورة 14 آذار العام 2005.

شُرّعت أبواب الاستحقاق الرئاسي للفراغ بفعل تمسك قوى 8 آذار بمرشحها فرنجية الذي يجاهر بعلاقته وصداقته القوية بالرئيس السوري بشار الأسد؛ مقابل  تمسك خصومها من قوى 14 آذار وبعض القوى التغييرية، بأسماء أخرى، لا تخضع للوصاية السورية أو الإيرانية، على حد تعبيرها.

يحضر هذا الترشيح في تغريدات اللبنانيين، كما تحضر فيها، بالتوازي، الزيارات المعلنة لوفود وزارية ونيابية رسمية الى سوريا بعد شبه القطيعة التي امتدت لسنوات مع دمشق لعدم اثارة التوترات الداخلية مع بداية الحرب السورية والانقسام العمودي بين اللبنانيين بين مؤيد للأسد ومعارض له. وكانت بوابة المساعدات الانسانية معبراً لفتح جسور عودة سوريا الى المشهد اللبناني، وإن بشكل مختلف.

يعبّر اللبنانيون عن هواجسهم من تأثير النظام السوري في المشهد اللبناني، بعد خروجه  عسكرياً في العام 2005. يحضر هذا التأثير في الاستحقاقات الكبرى، وآخرها الاستحقاق الرئاسي الذي يشهد صراعاً كبيراً بين داعمي سليمان فرنجية من جهة، وخصومه من جهة أخرى.


"لو عاد الزمن الى تسعينيات القرن الماضي لكان فرنجية رئيساً للجمهورية"، يقول مغرد، مستدلاً الى أن "نظام الوصاية السوري الذي كان قائماً آنذاك، كان كفيلاً بفرش السجاد الأحمر للزعيم الشمالي دون أي منّة من أي طرف داخلي، سواء أكان محباً له او معترضاً على تسميته". 


عودة الوصاية
قبل سنوات كانت "ثورة مليونية" في ساحة الشهداء. لن ينسى اللبنانيون اليوم التاريخي الذي كتبوا مجرياته في وسط بيروت، رفضاً للوصاية السورية وطلباً للحرية والسيادة والاستقلال.

يومذاك، كسر اللبنانيون حواجز الخوف والانتماءات السياسية والطائفية والمناطقية. غزوا الساحات، لتغيب بعدها المناسبة عن المشهد السياسي، وإن حضرت افتراضياً من خلال مواقف بعض السياسيين أو الناشطين.

أعاد اللبنانيون اليوم التذكير بأنهم ما باعوا القضية أو المبادئ.. واستذكر آخرون جميع الشهداء الذين سقطوا على طريق البحث عن عدالة لبنان بعيداً من الوصايات الخارجية التي "لم تأت إلا بالخراب لهذا البلد"، حسب تعبيرهم.

أمام هذا المشهد يتبين أن حلم "ثوار الأرز" تبخر، من دولة حرة مستقلة، إلى مجرد تمنيات  بعدم وصول أي مرشح لا يشبه مشروعهم السياسي؛ بعد التراجع الكبير الذي أصاب مشروع 14 آذار.

النجاحات والاخفاقات
يعتبر كثير من المراقبين أن تظاهرة 14 آذار التي أنتجت تحالفاً سياسياً مكوناً سابقاً من "تيار المستقبل" (علّق عمله السياسي قبل عام) و"القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، و"الكتائب اللبنانية" وغيرهم من القوى السيادية، نجح في إخراج الجيش السوري من لبنان بعد وصاية استمرت 15 عاماً. لكنه أخفق في كثير من المحطات الداخلية، بدءاً من العام 2005 نفسه.


يستعيد لبنانيون من حلفاء 14 آذار، المراحل. من التحالف الرباعي في 2005، الى الرضوخ للحكومات التي تشكلت تباعاً على مقاس قوى 8 آذار من خلال منحها الثلث المعطل الذي يسمح لها بإيقاف أي قرار وزاري، بالرغم من حصول القوى السيادية على الأكثرية النيابية في انتخابات 2005 و2009، وصولاً الى إيصال صقور هذا التحالف (سعد الحريري - سمير جعجع)، خصمهم اللدود، ميشال عون، إلى سدة رئاسة الجمهورية العام 2016 بعد عامين ونيف من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان الذي انتخب عقب اتفاق الدوحة. 


حولت كل تلك الاخفاقات 14 آذار الى مجرد ذكرى. لا مشروع سياسياً، ولا ثقل يؤثر في حاضر البلاد ومستقبلها. قد تكون العلاقات السورية - اللبنانية واحدة من أشد العلاقات البينيّة تعقيداً وتداخلاً بين بلدين عربيّين. لهذا الأمر أسبابه العديدة التي تتداخل فيها الجغرافيا مع التاريخ والاقتصاد، في حين يبقى الثابت الوحيد في كلّ الحالات هو العلاقة السياسية.

في 14 آذار 2023، تبدو سوريا أكثر تأثيراً في لبنان بفعل التفاهمات العربية - العربية والمتغيرات الاقليمية الدولية، وهي نقطة توجس اللبنانيين العاجزين عن الالتحاق بالساحات في 14 آذار جديد. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها