الأربعاء 2023/02/15

آخر تحديث: 16:02 (بيروت)

تهدئة سياسية تجاه الحريري.. بلا تعليمات حزبية

الأربعاء 2023/02/15
تهدئة سياسية تجاه الحريري.. بلا تعليمات حزبية
سعد الحريري في الذكرى الـ18 لاغتيال والده (غيتي)
increase حجم الخط decrease
لم يحدث أن مارس مناصرو الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية تهدئة اعلامية تجاه "تيار المستقبل" ورئيسه سعد الحريري، كما هو حاصل الآن، وذلك بقرار طوعي، لم تدعُ إليه قياداتهم، فأبرزوا تعاطفاً مع التيار والحريري، بعد سنة على اعتكافه عن العمل السياسي.


حلت الذكرى الـ18 لاغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وسط مشهد جديد رسمه نجله سعد الحريري، اتسم بالوجدانية بما يتخطى الأبعاد السياسية، وهو ما تماهى معه الخصوم وحلفاء الأمس، ببرودة تجاه الحريري، مع هامش صغير من الانتقادات، وهي واحدة من رواسب الخلافات السابقة.  

فعلى ضفة "التيار الوطني الحر"، رأت الناشطة في التيار، سيبال، أن عودة الحريري إلى العمل السياسي "لن يساهم في تغيير المشهد القائم، استناداً الى التجربة التي عاشها اللبنانيون معه في عز الأزمات وخصوصاً في 17 تشرين الاول 2019 عندما تخلى عن مسؤولياته واستقال من رئاسة الحكومة"، مشيرة في تصريح لـ"المدن" إلى "عدم معالجته الوضع المالي خلال سنوات وجوده في السلطة رغم معرفته المسبقة بأن سياسات الاستدانة المالية ستوصل البلد إلى وضعه الراهن بعدما تخطى سعر صرف الليرة 70 ألفاً مقابل الدولار الواحد". وأضافت: "كلها تجارب غير مشجعة لتأييد عودته".

وفيما فضل الناشطون المحسوبون على "حزب الله"، عدم التعليق على عودة سعد الحريري الى العمل السياسي في لبنان، أكد معاون أمين عام حزب "القوات اللبنانية" للشؤون الانتخابية جاد دميان، أن قرار العودة من عدمه متروك لشخص الرئيس الحريري، قائلاً في تصريح لـ"المدن" أن سعد الحريري لديه مكانة عاطفية عند جزء اساسي من الطائفة السنية ومما لا شك فيه أنه لا يمكن لكافة الشعب اللبناني وخصوصاً الشارع السيادي إلا أن يعبّر عن هذه العاطفة في يوم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في اشارة الى التعاطف مع الحريري والتخلي عن انتقاده.

على ضفة "حركة أمل"، لفت رئيس تحرير "ملحق"، فادي نزال، إلى وجود حقيقة أفرزتها الانتخابات النيابية الاخيرة التي أعلنت صراحة ان الحريري يملك معظم الشارع السني عبر التأييد الكبير الذي يحظى به شعبياً، لافتاً في تصريح لـ"المدن" الى انه يؤيد عودته للعمل السياسي "لما يمثله من خط معتدل يسعى دائما للوصول الى توافق مع خصومه السياسيين". 

تلك المقاربات تعبر عن رؤية حزبية "من بعيد" تجاه الحريري، كونه لم يستأنف عمله السياسي بعد، وهي واحدة من مآثر نظرة الجمهور وتقييمه للشخصيات السياسية، في حين لم ينسَ جمهور "المستقبل" بعد الهجمات التي وُجّهت للحريري قبل اعتكافه، وخلال اندلاع ثورة 17 تشرين وما بعدها.

وقالت الناشطة في "تيار المستقبل"، فرح، أنها تفضّل عدم عودة الحريري للعمل السياسي في هذا الوقت، والعمل مع هذه المنظومة "التي اوصلت البلد لما وصل اليه من وضع معيشي صعب وساهمت في إفشال حكمه عندما ترأس الحكومات أكثر من مرة". وأضافت: "التيار الوطني الحر وحزب الله وحتى ثورة 17 تشرين، وجهوا أصابع الاتهام في ملفات الفساد والهدر للرئيس الحريري وحده، وهو أمر غير صحيح، وفي حال أراد العودة الآن فإنه سيواجه الأشخاص أنفسهم بسياسات التعطيل نفسها التي اتبعوها سابقاً"، متسائلة: "ما الذي سيتغيّر حينها؟".

ويبدو ما قالته فرح معبّراً الى حد ما عن واقع التعامل السياسي بين جمهور الأحزاب والقوى السياسية. فرغم التهدئة، تطرقت بعض المقاربات الى الحريرية السياسية، وهي مثار جدل مستمر بين الناشطين اللبنانيين الذين ينتمون لمختلف الأحزاب. 

ووردت منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تؤيد خط الحريرية السياسية باعتبارها تمثل "اعتدالاً سياسياً لبنانياً نحن في أمسّ الحاجة اليه وسط حفلة الجنون التي يعيشها البلد". وكان هاشتاغ #لا_ماخلصت_الحكاية معبّراً عن أفكار هذه المجموعة.

في المقابل، لم تنتقد مجموعة أخرى من الناشطين، الحريرية السياسية والاقتصادية منذ العام 1992، عندما تسلم الحريري الأب رئاسة أول حكومة في لبنان، بل انتقدت كل من ركب الموجة وأساء للحريرية السياسية عبر ارتباط اسمه بملفات فساد أو هدر مالي، فكان هاشتاغ #رفيق_الحريري و #دولة الرئيس مساحتهم الافتراضية للتعبير عن هذه الآراء.

أمام هذا المشهد، ما زال الشارع اللبناني منقسماً على نفسه في طريقة محاسبة كل زعيم يؤيده او يعارضه، عبر اعطاء الأولوية لتأييده السياسي أو الطائفي فوق أي اعتبار آخر يمكن أن يضع الأمور في نصابها ليصبح الحاكم تحت مجهر الشعب وليس العكس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها