السبت 2023/12/23

آخر تحديث: 01:17 (بيروت)

بَسْ!

السبت 2023/12/23
بَسْ!
الفنان السوري نهاد الترك
increase حجم الخط decrease
زميلتي، صباح الخير، ما أجمل تصفيفة شعرك الجديدة "بس" كان على المصفّف تقصير "الغرّة" قليلاً لتتلاءم مع طول الشّعر من الخلف، وأظن أنّ الوقت قد حان لتغيير لونه وصبغه بالكستنائي، هذا رأيي، ما رأي زوجك؟ هل أعجب بهذه التسريحة؟
ملاحظة صغيرة: السّيدة آنفة الذّكر صرّحت أمام زميلاتها بأنّها لا تلتفت لرأي غير رأيها وتحديداً ما يتعلّق بشعرها ولباسها وتبرجّها، فهذا يخصّها وحدها.

جارتي العزيزة، ألف مبروك، لقد استبدلتِ غرفة الجلوس، انّها جميلة وملائمة لمساحة الغرفة، "بس" أرى انّه من الأنسب تغيير السّجادة المستطيلة وشراء أخرى دائرية، وأظنّ أنّ الستائر أيضاً بحاجة الى تبديل.
ملاحظة صغيرة: السّيدة آنفة الذّكر تقول نّ العثور على سجادة دائرية يحتاج الى زيارة عدد غير قليل من المحلات التي تبيع السجاد الجديد والقديم، مع الإشارة الى ارتفاع أسعار الستائر.

عزيزتي، فستانك الجديد رائع وكأنّه خيط وفُصّل على مقاسك، "بس" لو أنّ لون الزّهور المطبّعة على قماشه كان أشدّ احمراراً ليظهر تألق بشرتك البيضاء.
ملاحظة صغيرة: السّيدة آنفة الذكّر نزلت الى السوّق ثلاث مرّات وقصدت المحل ذاته لتشتري الفستان ذاته، لكن أو "بس" بلون زهور مختلف عن فستان صديقتها وساومت البائع حتى أعطاها حسماً نسبته 10%، فقط أو "بس"، لتثبت شطارتها كزبونة. والجدير بالذكر أنّها لم تنتبه لبدل النقل الذّي تكبّدته في ذهابها الى السّوق وعودتها منه، فالمحلّ يبعد مسافة لا بأس بها عن منزلها، ناهيك عن الوقت الذي قضته خلال تلك الزيارات بعيداً من عملها وبيتها، "بس"، لماذا؟

رفيقتي: عشاء البارحة كان شهياً، لقد احتوى، كما يقال، على كلّ ما لذّ وطاب وأعجبني جداً ترتيبك للمائدة، "بس" الدّجاج المحشيّ ينقصه التّوابل، والتّبولة تحتاج الى قليل من الفلفل الأسود، والباذنجان أضفتُ اليه الملح، فأنا كما تعلمين لا أتلذّذ الطّعام إن لم أُضف إليه القليل من الملح، وأطبّق المثل القائل "كُل على ذوقك والبس على ذوق الناس".
ملاحظة صغيرة: السّيدة آنفة الذكر تشير بطريقة حازمة، في معرض مشاركتها الحديث عن النّظام الغذائي الأفضل والزّراعة العضوية المثيلة، الى ضرورة عدم تناول الأبيضين: الملح والسكر، مستشهدة ومدعمّة أقوالها بآخر النتائج الصّادرة عن مراكز الأبحاث العالمية المتخصصة بالغذاء والدّواء، فتنصح وتشدّد على إلغائهما من وجباتنا اليوميّة.

يا أخي: الكلمة التي ألقاها فلان في تأبين أخيه كانت موفقة، خصوصاً ما أشار إليه من تقدير كبير واعتراف بأنّه لولا احتضان أخيه ومساعدته له وتكفّله بتعليمه بعد وفاة والدهما، لما استطاع تحقيق طموحه وتأمين حياته، "بس" كان ينقص تلك الكلمة بعض من العاطفة لتمسّ قلوب المشاركين في العزاء.
ملاحظة صغيرة: السّيد آنف الذكر يقول ويصرّح علناً أمام ذوي القربى والأصدقاء بأن أهله قاموا برعايته وتعليمه بكل محبة وحنان، فهم الذين قرّروا أنجابه وليس هو، وهذا بالتأكيد واجبهم تجاهه! "بس"، يتابع بأنّه سيربّي أولاده وفق شعار اعتمادهم على أنفسهم منذ نعومة أظفارهم لأنّ ذلك يخلق منهم رجالاً من وجهة نظر أكثر الباحثين والعاملين في الحقل التربوي. وهذا ما يتوافق أيضاً مع رأيه ورأي زوجته في التربية.

جاري العزيز :علمت أنّ "فلاناً"، المغترب العائد، وزّع حصصاً تموينية على الفقراء عند زيارته الأخيرة لوطنه، عمل مشكور ومحمود في الدنيا والآخرة، "بس" أما كان من الأجدى أن يوزّع مبلغاً من المال يوازي الحصّة التموينية، والمحتاج يشتري ما يريد؟
ملاحظة صغيرة: السّيد آنف الذّكر صرّح لأحد رفاقه التّجار بأنّه غير قادر ولن يستطيع الألتزام بمساعدة أخته الأرملة، ولو بمبلغ زهيد في نهاية كل شهر، فالوضع الاقتصادي سيء ونسبة الأرباح في تجارته تدنّت بشكل ملحوظ، وأنت أعلم كم كنّا نجني قبل سنتين، وكم نجني الآن.

عزيزي: كنت أنتظر لقاءك، فقد قرأت الرّواية الأخيرة لكاتبك المفضل، كانت موفقة في موضوعها ومعالجة أحداثها، حتّى الوصف الذي طغى على قسمها الأول كان رائعاً، لقد جعلني أعيش المشهد وليس فقط تخيله، "بس" الحوار الذي دار بين البطل والبطلة حول علاقة كل منهما بعائلته يحتاج الى توضيح اكثر، أظنه كان مبتوراً.
ملاحظة صغيرة: السّيد الآنف الذّكر، وفي أكثر من جلسة نقاش، تحديداً تلك التّي تتناول المشاكل الاجتماعية، يكرّر ويشدّد على أنه يكره الحوارات غير المجدية والنقاشات التي لا طائل منها، طالما نحن لا نقتنع بالحلّ المطروح حيالها، فخير الكلام ما قلّ ودلّ، أليس كذلك؟!

أعزّائي، بحثتُ عن معنى كلمة"بس" في العربية الفصحى، ووجدتُ التّالي:
يرجع أصل لفظة "بس"، بمعنى كفى وفقط وكأداة للاستدراك، بمعنى لكن ومتى الشرطية، إلى اللّغة الفارسية، "بس" بمعنى الكثير الكافي، وقد كان دخولها إلى العربية قديماً.
أعتقد انّ لفظة "بس" حملت في طياتها معنى "لكن" في كلّ ما ومن سبق ذكره أو ذكرها، وجميعهم على حق وصواب في رأيهم حول الجمال والذّوق والمحبة والعرفان بالجميل والرأي الأمثل والحلّ الأفضل وغيره ، "بس":
ألا يكفي المديح بلا "بس"؟
ألا يكفي الهجاء بلا "بس"؟
ألا يكفي إبداء الرّأي بلا "بس"؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب