الثلاثاء 2022/06/28

آخر تحديث: 16:30 (بيروت)

من "امرأة لوط".. الى "رُهَاب قوس القزح"

الثلاثاء 2022/06/28
من "امرأة لوط".. الى "رُهَاب قوس القزح"
increase حجم الخط decrease
في مجموعات "واتسآب"، رسالة من رجل دين مسلم عن تجربة "امرأة لوط". تفيد الرسالة بأن المرأة المذكورة في "القرآن الكريم" لم تكن مثلية، لكنها كانت تدعو لوط لترك القوم في حالهم، فوصّفها القرآن على أنها "كانت من الغابرين". 

رسالة هذا المنشور واضحة. التضامن مع المثليين في هذا الوقت، يمثل خطيئة، تشبه "خطيئة" زوجة النبي لوط، وهي واحدة من نساء قليلات ذُكِرن في قصص الأنبياء في القرآن. لم يعد النقاش الديني اليوم حول الهوية الجنسية للمثليين، بل بات نقاشاً حول التضامن مع المثليين، ودعمهم، بوصفه "خطيئة". وقد أُكسب هذا الأمر غطاءً دينياً يُستقى من القرآن، ليعطي الرأي السائد المواجه لحملة Pride 2022، دعماً أقوى على ضفة المسلمين، على مختلف مذاهبهم في لبنان، ويؤازر بذلك حملة "جنود الرب" المسيحية.
 

والحال إن استخدام الدين في مواجهة الحريات الفردية، يدفع بسلوكيات مجتمعية الى النقيض مع ثقافة الحقوق. لا يعترف الدين بحقوق فردية، الا بما يتناسب مع نصوصه. ولا يعترف مطبقو النصوص الدينية، بأي ثقافة حقوقية خارج إطار النص. المعاملات الإنسانية، تقتصر، بحسب هؤلاء، على شكليات اجتماعية، ولا تنظر في أبعاد أخرى متصلة بالمعتقد الشخصي، وحرية الاعتقاد، وحرية الممارسة السياسية، وحرية الجنس... كل ما يخالف توجهات اجتماعية، يُمنح قمعه الغطاء الديني، كشرعية إضافية. 

لا يقتصر هذا الجانب على الساحة اللبنانية في حملات مواجهة المثليين. في العالم العربي، يكتسب هذا القمع الهوية الدينية نفسها، سواء الاسلامية أو المسيحية.. ويتمدد لدى الشعوب المتدينة خارج نطاق العالم العربي. في الولايات المتحدة، تسمع هذا الرأي.. وفي أوروبا وإفريقيا والشرق الأقصى... ويستند في الغالب الى النص الديني، أو العرف الاجتماعي. وهو رأي يخالف توجهات رسمية، مثل كندا التي ذكّرت سفيرتها في بيروت برفع علم قوس القزح الى جانب العلم الكندي في مبنى السفارة، في 17 ايار/مايو الماضي، مشيرة الى لأن كندا "تدافع عن حقوق الإنسان لجميع الأشخاص لأنها عالمية وغير قابلة للتجزئة". 


لكن الفارق بين القارات والمنطقة العربية، أن العرف الاجتماعي والديني، يحدد مساحة القانون ويفرض إيقاعه عليه. صحيح أن "رهاب المثلية" موجود في كل مكان حول العالم، لكنه، في الشرق الاوسط، انتقل من المثلية الجنسية الى "رهاب قوس القزح" الذي تُعمّم كراهية ألوانه، لمجرد أن المثليين اتخذوا منه راية لهم. 

في مواقع التواصل اليوم، حملة ضد قوس القزح في الأردن والجزائر وغيرها من البلدان العربية. شاهد اللبنانيون بعض فصولها يوم السبت الماضي، إثر ازالة ورود بألوان قوس القزح في الأشرفية. شنت حملة في إربد الأردنية ضد طائرات ورقية بألوان قوس القزح.. والتفتت الأنظار إلى ألوانه المطبوعة على أكياس التشيبس في لبنان، وصولاً الى التعهّد بإزالتها.

يقوى هؤلاء بالقانون، المستند بدوره الى تشريع ديني وعُرف اجتماعي.. ويلوذون به.. وثمة أدوات لتنفيذ القانون لا يمكن العبور فوقها، ما يحتّم نقل الحراك الى الإطار الدستوري والمؤسسات، تكريساً لحقوق الأفراد قانونياً. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها