الثلاثاء 2022/03/08

آخر تحديث: 20:05 (بيروت)

شراكة "الرجل النسوي" كضرورة للإعلام

الثلاثاء 2022/03/08
شراكة "الرجل النسوي" كضرورة للإعلام
increase حجم الخط decrease
في الأعوام الأخيرة ومع بروز الـ"ديجيتال ميديا" شكلت المنصات الاعلامية البديلة واجهة للتركيز على المرأة، وإبراز قضاياها، ورفع صوتها. وعلى صعيد الاعلام تحديدًا، غدا "اليوم العالمي للمرأة" في بلداننا العربية مساحة مشتركة للاعتراف بدور المرأة، والاضاءة على انجازات النساء، ومناقشة التحديات التي يمررن بها من أجل توحيد أصواتهن لمواجهة النظام الذكوري وانهاء اللامساواة، بالاضافة الى تحفيز الأنظمة على إشراك المرأة في مراكز صنع القرار.

وحتى اليوم، ما زال قضية المرأة تطرح في الاعلام التقليدي في اطار تنميطي، وغالبية حضورها يكون في برامج الأزياء والتجميل والطبخ أو في أحيان كثيرة، يظهرها على انّها سلعة أو مستهلِكة أو ضحية عاجزة، مما يضعف دورها ويهمش تأثيرها كامرأة عاملة.

وفي هذ المناسبة، عقد مشروع "قريب" ندوة بعنوان "لها دور" وفيها ناقشت اعلاميات من المنطقة العربية تجاربهن الاعلامية المستقلة بالاضافة الى أبرز التحديات التي واجهنها لتقديم نماذج متنوعة تعكس مفهوم "النسوية العربية".

ويسعى مشروع "قريب" لدعم المؤسسات الاعلامية في الأردن ولبنان والعراق وفلسطين من أجل التأكيد على دور المرأة في تعزيز التماسك الاجتماعي والنهوض بالمجتمعات.

فجوة المحتوى
في العادة لا تعاين قضايا المرأة في الاعلام بشكل كافٍ بالمقارنة مع التحديات التي تواجه النساء، وهذا الذي يؤدي الى خلل في التمثيل الجندري. تعيد رنا الحسيني، وهي صحافية أردنية، هذه الفجوة في المحتوى، الى الثقافة المجتمعية التي لطالما اعتبرت أنّ المرأة في عالمنا لا تكون خبراً يستحق النشر الا في الاطار الفضائحي. هذه الثقافة التي تحسب على مراكز القرار في المؤسسات الاعلامية والتي يرأسها في العادة رجال. وتعطي مثالًا يدور حول تهافت الاعلام على تغطية جريمة قتل ترتكبها امرأة بموازاة التعتيم على عشرات جرائم القتل والعنف الأسري التي يرتكبها رجال.

الى جانب شبه غياب قضايا المرأة في الاعلام، يحول خوف النساء من نظرة المجتمع كحاجز يحول دون بروز المرأة في الاعلام. وفي حين يسعى الاعلام البديل الى تحسين صورة المرأة من طريق انتاج صورة مؤثرة لها، ما زالت هواجس القمع والتخويف تهيمن على المرأة وخصوصاً في الأرياف.

وفي هذا الصدد، تقول تالا الشريف، وهي صحافية فلسطينية صاحبة منصة "نساء الكاميرا"، وهي منصة تُعنَى بانتاج فيديوهات حول قصص نساء بقوالب غير تقليديّة، إنّ وظيفة الاعلامية لا تكمن في التحدث عن النساء وباسمهن، وانما تشجيعهن على التحدث بصوتهن واعطائهم المساحة للتعبير عن أنفسهم.

الانتقاء الوظيفي
في مداخلتها حول التنميط الوظيفي داخل المؤسسات الاعلامية، تناولت خلود العمايري، وهي صحافية عراقية ترأس موقع "المنصة" الذي يهتم بقضايا المرأة العراقية، كيفية انتقاء النساء لوظائف محددة دون غيرها. وبالعودة الى الثقافة المحلية، "تفضل المؤسسات الاعلامية أن تكون المرأة مقدمة برامج على أن تكون محررة أو مراسلة". فالمرأة الى جانب عملها المهني، تقوم بجهد مضاعف في العمل المنزلي، وهذا يجعلها حكماً أقل حظاً بالنسبة لمدراء المؤسسات الذين يفضلون المرونة في ساعات العمل مثلًا.

الى ذلك، يظهر واضحاً غياب المرأة عن تخصصات تقنيّة، فمن النادر أن نرى امرأة مختص في تقنيات البحث، او الانتاج وفيما تغيب بشكل واضح عن مناصب مثل مدير تحرير، ومدير أخبار ومدير برامج.

أمّا على صعيد المداخلات السياسيّة والأمنية، فيصعب على الاعلاميين استضافة نساء مختصات في الشأن السياسي. وهي مشكلة ليست مفروضة على الاعلام فحسب وانما مختلقة من قبل الاعلام نفسه. في هذا المجال، ترى الدكتورة نجوى عطايا وهي مؤسسة مشروع اذاعة "صوت الضليل" الأردنيّة، "أن المشكلة تقع في التربية التي ساهمت في تكريس مجالات من اختصاص الرجل فقط".

وبما أن الاعلام لصيق بالثقافة المحلية، "قد  يتم تجنيب المرأة في هذا المجال السياسي خشيةً من عدم أخذها بجديّة كما الرجل، بينما تظهر المرأة في المواضيع الاجتماعية لأن سلطة المجتمع فرضت هذه الثقافة." تضيف عطايا. 

منصات اعلامية: صوت نسوي مشترك
في مواجهة سلطة التمويل والتحيز السياسي، غدت المنصات الاعلامية الجديدة قوة فاعلة في مواجهة الصور النمطية اللصيقة بالمرأة. تتحدث ديانا مقلد وعلياء ابراهيم، وهما من مؤسسي موقع "درج"، عن أهمية طرح مواضيع نسوية يتم تهميشها في الاعلام التقليدي وبشكل تفكيكي عن طريق التوسع نحو المنصات الحديثة لاشراك الشباب، وبهذا الطرح تعلنان عن بودكاست بعنوان "تفكيك" مختص بقضايا المرأة.

أمّا بالنسبة لميسون عودة، وهي مديرة "راديو النساء" في فلسطين، فقد تحول برنامج "نساء الشام"، وهو برنامج تعاوني مع ثلاث اذاعات عربيّة من بينها "اذاعة صوت الشعب" الى مساحة نقاش حول قضايا عربية تهم المرأة. وعلى الرغم من التحديات الجمة التي تواجهنها لا بد أن تؤمن النساء في المجال الاعلامي بدورهن أولًا وأن تتناغم مع حليفها: الرجل النسوي.

تقول أماندا عبدالله، وهي مؤسسة موقع "خطيرة"، إنّ "المساحات لا تُعطى بل تُنتَزع"، وترى بأن التشابه في معاناة النساء في العالم العربي هو بمثابة عامل مساعد لزيادة تأثير المرأة في المنطقة".

الى ذلك، تعاني المرأة في الاعلام صعوبات عديدة أثناء القيام بمهمتها الاعلاميّة أو خارجها، كالتحرش، وصعوبة الحصول على مصادر، والتغييب عن مراكز صنع القرار بالاضافة الى النقد اللاذع التي تتعرض لكونها عرضة للمراقبة والتدقيق من قبل مجتمع لا يخشى من انتقاد المرأة بشكل لاذع لأنها "تحت سترته".

في مقابل هذه المبادرات الاعلامية اللافتة، والتي تحمل مساراً تغييراً ينعكس على حال المرأة في كل المجالات، تحتاج المرأة اليوم لأن تؤمن بأنّها قادرة على التغيير لتدعم نساء أخريات، فالمرأة هي جزء من المشكلة أيضاً وجزء من الحل، وتشهد التجارب السياسية على أنّ المرأة قد تساهم في تهميش دور النساء بالتواطؤ مع أحزاب تقليديّة، وان تصويت النائبات العراقيات ضد قانون تجريم العنف الأسري كان أبرز دليل على تمسك المرأة بنظام ذكوري مقابل وصولها الى السلطة. والحال في الاعلام لا يختلف كثيراً!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها