الثلاثاء 2022/10/18

آخر تحديث: 20:50 (بيروت)

شيرين المكتومة.. "أنا دي الوقت براجع نفسي"؟

الثلاثاء 2022/10/18
شيرين المكتومة.. "أنا دي الوقت براجع نفسي"؟
increase حجم الخط decrease
بصوتها الخافت، اعترفت المغنية شيرين عبد الوهاب قبل أشهر بتعرضها للعنف على يد زوجها حسام حبيب. وبلا صوت، ترددت المعلومات عن تعرض شيرين للعنف على يد شقيقها محمد. في الحالتين، كُتِمَ صوتها على يد الأقربين. الصوت الذي أطرب عشرات الملايين على امتداد مساحة العالم العربي، بات خافتاً، موجوعاً، متألماً... ولم تشفع لها جماهيريتها، بردّ قسوة الأقربين، الطامحين لوراثتها وهي على قيد الحياة. 

عشرات المقالات كُتبت لتوصيف شيرين وتفكيك ظاهرتها في الإقدام والتراجع، بالتحدي والإذعان، بتسجيل الموقف ونقيضه.. لكن أياً منها لم يقل إنها ضحية بيئة ذكورية، ونظام أبوي، ووصاية رجل وقوامته عليها، سواء أكان زوجاً أم شقيقاً أم حبيباً.. أو حتى وسيطاً بين متنازعيْن.  

هل تشبه شيرين بريتني سبيرز التي وُضعت تحت وصاية والدها لسنوات، وتحررت أخيراً منها؟ ربما هناك بعض القواسم المشتركة.. لكن الفارق أن سبيرز وُضعت تحت وصاية قانونية، فيما وُضعت شيرين تحت وصاية موروث اجتماعي تقليدي يبيح لرجل تعنيفها، وربما يبرر له.. ويبيح لشقيقها فرض وصايته، بالضغط والعنف.. هناك، في الولايات المتحدة، لا وصاية بالـ"مَرجلة"، ولا بدعم عائلي، ولا بوجهة نظر اجتماعية تحتمل التأويل: هل تتعاطى شيرين المخدرات؟ هل وقعت ضحية حب؟ هل تستحق أن تدفع ثمن خياراتها؟ 

غالباً ما يكون الدعم بالموقف، أبلغ طريق لردع الاعتداء. الانقسام ينتج ثغرة، تبيح للمعتدي أن يتغوّل في حدود امرأة يراها ضعيفة، ويدعمه الناس في تثبيت ادعاءاته. مَن يراجع مواقع التواصل، ينزلق الى حد القرف في تفاهات وتبريرات، تنتقص جميعها من حقها في حريتها، وحقها في خياراتها، وحقها في مواجهة تعسّف الأقربين.
 

لا ينظر هؤلاء الى كون شيرين اليوم في خطر. خطر توتر نفسي، وخطر التعرّض لها جسدياً حتى الموت. شيرين، في هذا الموقع، لا تختلف عن نيرة أشرف وسلمى بهجت وخلود السيد.. وعشرات النساء ممن وقعن ضحية عنف ضد النساء. ولا تشفع لها مكانتها الجماهيرية لتحمي نفسها من مصير سعاد حسني، أو سوزان تميم، وغيرهما..

الجماهيرية وَهم. النجومية وهم. والسعادة وهم، وتعميم الفرح وهم. المنزل يدحض الأوهام، وحسابات أفراده لا تمثل خطراً على الثروة فحسب. يتمتع هؤلاء بحصانة اجتماعية. يجيدون تبرير العنف، ويستضعفون من تختار الحياة سبيلاً لمواجهة الخوف. شيرين قد تكون من بين هؤلاء. لكنها في المحصلة، تذعن للخوف، ولا تجيد مواجهته.

شيرين ضعيفة، ليس بعاطفتها، بقدر ما هي ضعيفة بمواجهة العنف، والعجز عن اتخاذ القرار. ذلك الذي يفرضه الأقربون عليها، وتذعن لهم، تحت نير العصا، أو ماكينة حلق الشعر في الرأس، أو لكمة اليد.
 

صَوت شيرين بات مكتوماً. لا تمتلك ما تقوله لتحصيل حقها القانوني. تقيم في حدود وصاية فرضها الزوج، ثم الأخ، ثم الطفل، ثم الطليق، ثم الوسيط. شيرين تشبه آلاف النساء اللواتي نعرفهن بالاسم، ويختبرن الذل والألم. تمتلك شيرين كل شيء، إلا حريتها. صدّقها جمهورها حين قالت "أنا دي الوقت براجع نفسي" في العام 2008.. ومنذ ذلك الوقت، توهّمت حرية لا تملكها، ولا تمتلك حتى قوة الرأي العام.  

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها