حيدر زعيتر.. حكاية صانع نجوم "تيك توك" اللبنانيين

وراء جهاز التسجيل في الاستديو الخاص به، يقف الملحن حيدر زعيتر ويعطي تعليماته لنجومه الذين يصنفهم بعض الفنانين بأنهم "من موقع مختلف" عن مواقع النجوم التقليديين. فهؤلاء نجوم افتراضيون، ينتشرون على مساحات واسعة في الفضاء الالكتروني بين "يوتيوب" و"انستاغرام" و"تيك توك".. ويصنع شهرتهم زعيتر الواقف وراء جهاز "الاورغ"، ويوزع ألحاناً لها خصوصيتها بما يتناسب مع منصات الانتشار.

شكّل زعيتر، الذي يلحن أغنيات لنجمتي "التيك توك" العربيتين لمى شريف، وزيزو الاحمر وغيرهما، حالة فريدة في مواقع التواصل الإجتماعي. نمطه الموسيقي غير تقليدي، له روحيته الخاصة، وهو مزيج من تراث مشرقي، وآخر سريع وراقص يحاكي ثقافة فئة عمرية من الشباب، هي اليافعين والمراهقين، مهّدت لنجومية فنانين قدموا هذا النمط، وانتشروا في مساحة تواجد تلك الفئة العمرية.

ولم يكن زعيتر تواقاً لاختيار هذا النمط، لولا خلفيته الموسيقية، فهو بدأ حياته الفنية بالعزف على آلة الاورغ منذ طفولته، وبعد ان تمرس بالعزف فطرياً، بدأ يشارك في إحياء الحفلات في لبنان والخارج. ومع مرور الايام دخل عالم توزيع الموسيقى "إذ شعرت انها تعطيني شخصية مميزة"، فعمد الى تنمية موهبته بالدراسة، لجهة الالمام بالمقامات الموسيقية.

قبل أن ينجح في "تيك توك"، يقول إنه نفذ العديد من الاغنيات التي أداها شقيقه ربيع العمري، فحازت أغنية "لفلي حشيش" على شهرة واسعة، ووصل عدد مشاهديها في "يوتيوب" الى اكثر من 140 مليون مشاهدة. هذا النجاح، كان دافعاً لاكتشاف مساحة انتشار أوسع، تمثل جزءاً من التوجه العصري أخيراً، وبالتأكيد يعد "تيك توك" المساحة الاكثر تناسباً مع فئة عمرية يجذبها هذا النمط من الموسيقى.

يقول زعيتر لـ"المدن": "في بداية الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا، زارني الفنان حمادة النشاواتي الذي كان منتشراً بأعماله في "تيك توك" منذ انطلاقته، واخبرني عنه وان اعمالي يستخدمها عدد كبير من الاشخاص  المغمورين الذين باتت أسماؤهم "ترند"، لذا تحمست وافتتحت  حسابي الخاص على هذا التطبيق". يضيف: "انطلقت مع النشاواتي وسجلنا معا اغنية "الحجر الصحي جنني" ثم كرت السبحة ومرت الاشهر حتى اصبح لدي نحو مليون متابع على "تيك توك".

الدخول الى "تيك توك"، هو المرحلة الثانية بعد اختبار نجاح المواقع الافتراضية. كانت البداية في "يوتيوب" ووصل عدد متابعيه فيها قبل اربع سنوات الى 100 الف مشترك، فضلاً عن حسابه في "فايسبوك" الذي لا يوفر عائدات مالية في لبنان، بخلاف الخارج.

انشأ قناته في "يوتيوب" ليعرض أعماله ومؤلفاته الموسيقية، ووصل عدد متابعيه نحو مليون و600 الف شخص كما نال الدرع الذهبي من شركة "يوتيوب". وعليه، وقّع عقداً مع شركة "شبكة ميوزيك" التي تقوم بدورها بتحصيل الاموال التي تحققها فيديوهاته في كل انحاء العالم على "يوتيوب" فقط.

وإذ يؤكد ان عائداته المالية يحصل عليها من "يوتيوب"، يشير الى أنه لا يحصل من باقي المنصات على اي دولار، خصوصاً وان تحصيل الاموال من تطبيق "تيك توك" "يحتاج إلى اساليب مختلفة في التعاطي معها ومنها البث المباشر المستمر وفتح الحوارات وتبادل النقاشات مع المتابعين، وهذا الامر غير وارد عندي لأني مشغول باعمالي وهدفي من هذا التطبيق الشهرة  فقط".

كرت السبحة، ووسع زعيتر دائرة نشاطاته. تعاون مع لمى شريف التي نالت شهرة واسعة من خلال اغنية "يما اني اللي ريده" التي بُث مقطعٌ منها في إفتتاح كأس العرب الذي أقيم في الدوحة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وبشأن إبتعاده عن التعاون مع شريف، يوضح زعيتر ان "لا خلافات بينهما"، إنما كل المسألة انها وقعت عقداً مع شركة إدارة اعمال "ومن الطبيعي ان لا نتقابل بإستمرار"، لافتاً الى انه "قريبا سيكون بيننا تعاون جديد"، مضيفاً: "لمى إنسانة عفوية وطيبة واصبح لديها عدد كبير من المتابعين في موقع "يوتيوب" و"تيك توك" وهي صاحبة صوت جيد".

آخر النجاحات في "تيك توك"، أغنية "بسبوس عاشق بسّة" التي أدتها زيزو الاحمر بالتعاون مع شقيقها كريم الاحمر الذي غنى "دبدوب عاشق دبة". يقول زعيتر: "ذات يوم تواصلت معي زيزو عبر الهاتف واخبرتني ان صوتها جميل وتريد الغناء، فالتقينا داخل الاستديو الخاص بي وبعد اخذ ورد حضرت فكرة اغنية "بسبوس عاشق بسة" ونجحت بشكل كبير جدا بفضل الموسيقى والإيقاع والكلام المختلف، ولو اخترنا كلمات مختلفة لما انتشرت بهذا القدر بين الناس".

النجاح في العالم الافتراضي، فتح ابواب تواصل مع مغنين تقليديين. تلقى زعيتر اتصالات من مطربين كبار احبوا ألحانه وطلبوا منه التعاون، كما يقول، "لكنني افضل ان اتعاون مع جيل جديد أساهم في نجاحه وليس العكس".

ساحة المواقع الافتراضية تتوسع، ويواكبها زعيتر من وراء الشاشة. يتجه الآن لفتح حسابه في تطبيق bigo live الصيني الذي ينافس "تيك توك"، وقد سجل له إعلاناً تمهيداً للسفر الى الصين للمشاركة في الحفل الرسمي الذي يقام كل عام.