الأحد 2021/07/04

آخر تحديث: 19:31 (بيروت)

"برباروس".. تركيا تسعى لتأكيد شرعيتها في البحار تلفزيونياً

الأحد 2021/07/04
"برباروس".. تركيا تسعى لتأكيد شرعيتها في البحار تلفزيونياً
increase حجم الخط decrease
بعد نجاح عدد كبير من مسلسلاتها، وغزوها لشاشات العالم، يقدم قطاع إنتاج المسلسلات التركية درته الجديدة عبر مسلسل يحاكي حياة ومغامرات وحروب خير الدين برباروس.

يتربع برباروس على لائحة أشهر القادة البحريين في العالم. ليست أسطورته محلية وحسب، إنما استخدم اسمه في العديد من المسلسلات والأفلام الأجنبية وحتى المعارك. 

في سلسلة أفلام "قراصنة البحر الكاريبي" الأميركية الشهيرة، دُعي أحد القراصنة الأساسيين بـ"برباروس"، فيما أسمت ألمانيا النازية هجومها العسكري على الإتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثاني بـ"عملية برباروسا". 

أما أصل الكلمة فإيطالي، وتعني "اللحية الحمراء"، وهو اللقب الذي أطلقه الإيطاليون على شقيق خير الدين، "أوروتش" الذي توفي خلال المعارك البحرية، ثم حمله خير الدين تكريماً لأخيه في النصف الأول من القرن السادس عشر.

يبدأ عرض مسلسل برباروس في شهر أيلول/سبتمبر المقبل، وهو من بطولة "أولاش تونا استبه" و "إنجين آلتان دوزياتان"، ويُعرض على شاشة "تي آر تي" الرسمية. يُذكر أن "إنجين" هو الممثل التركي نفسه الذي لعب دور أرطغرل في مسلسل "قيامة أرطغرل" الأشهر في تركيا. 

يروي المسلسل حياة خيرالدين برباروس منذ ولادته في جزيرة ليزبوس اليونانية من أب مقاتل في الجيش العثماني وأم أرثوذكسية. ويروي كيفية عمله تحت قيادة أخيه، وحروبهما المظفرة التي انتهت بالسيطرة العثمانية على الجزائر وتونس، وإخراج الإسبان منها، وسلسلة من المعارك البحرية التي أدت إلى سيطرة القوات العثمانية البحرية على البحر الأبيض المتوسط وسواحله.

وكانت السفيرة التركية في الجزائر قد أعلنت عن تعاون تركي - جزائري في العمل على المسلسل، وذلك من أجل تصوير بعض المشاهد هناك، حيث كان المركز البري الأساسي لأسطول برباروس. 
من المتوقع أن يحصد المسلسل نسبة مشاهدين عالية، نظراً للتقدم الإنتاجي والمؤثرات الصوتية والضوئية المهمة والمتطورة التي باتت جزءاً أساسياً من الإنتاج التلفزيوني التركي. يُضاف ذلك إلى شهرة برباروس الشخصية في تركيا بذاتها، حيث تُرفع له التماثيل في ساحات معظم المدن التركية، ويدرّس عن سيرة حياته في المدارس والمناهج التربوية، ويُحتفى به كبطل عثماني كبير له من المكانة المعتبرة تقترب من أن توازي أهمية معظم السلاطين، فضلاً عن أن عشرات الكتب التركية الحديثة المتعلقة بحياته، والألقاب التي حصدها في البلاط السلطاني العثماني، نظراً لأهمية دوره في إعلاء شأن السلطنة، وكان أشهرها "قائد البحار". 

يتزامن تصوير المسلسل وبثّه في مرحلة حساسة في حياة الجمهورية التركية، وفي وقت تتنازع مع جيرانها اليونانيين والقبارصة على النفوذ والحدود وموارد البحر الأبيض المتوسط. يساهم الإعلاء من شأن برباروس والقوة العسكرية البحرية التركية في أمرين أساسيين بحسب المحلل السياسي أفق تاجشي، وذلك عبر "المساهمة في إلهام الأتراك للمطالبة بحقوقهم في البحر، عبر الإتكال على التاريخ والقوة في الوقت عينه، دون إشاحة النظر عن تعزيز الروحية القتالية والجهوزية للبحرية التركية في الزمن الحاضر".

تاريخياً، أكد برباروس تفوق البحرية العثمانية في زمن السلطان سليمان القانوني، وسيطرة السلطنة على معظم السواحل شمال أفريقيا، والشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا. أما اليوم، فتسعى تركيا إلى تطبيق عقيدة "الوطن الأزرق" القائلة بأحقية أنقرة في مد نفوذها في بحر إيجيه والبحر الأبيض المتوسط تبعاً لشرعيتها التاريخية، وحقها القانوني، وقدرتها العسكرية الجوية والبحرية المتعاظمة.

بالعودة إلى المسلسل، يسير إنتاج المسلسلات التاريخية ذات المضمون العسكري والسياسي على وقع السياسة التركية العامة. فبعد إنتاج وتصدير مسلسلات حول حياة السلطان سليمان القانوني، وعبد الحميد الثاني، وأرطغرل، والآن برباروس، لا تخلو كل هذه المسلسلات من أهداف أكثر أهمية من مضمونها التمثيلي. 

لقد حاول مسلسل سليمان القانوني تأكيد شرعية وقوة وعمق التاريخ العثماني كإرث تحمله الجمهورية التركية الحالية. فيما أكد مسلسل عبد الحميد الثاني قدرة التنظيم والإدارة التركية، على التصدي للمؤامرات الخارجية. 

أما المسلسل عن أرطغرل فأكد عمق القومية التركية وشرعيتها في تركيا الحديثة كإستمرار لتاريخ العرق التركي. فيما سيخدم مسلسل برباروس في إظهار القوة البحرية التركية في التاريخ، والإعلان الصريح للجمهور التركي بحق بلادهم في استخراج الموارد الطبيعية من البحار الملاصقة للبر التركي.

يبقى أن بث هذا المسلسل سوف يعزز من قطاع الإنتاج التلفزيوني التركي بشكل عام، ويزيد من حضوره وحضور الثقافة التركية في بلاد الشرق الأوسط، البلقان والقوقاز، حيث تتمتع تلك المسلسلات بشعبية مهمة. من الواضح أن المسلسلات التركية لا تزال في تطور مستمر، ولم تؤثر فيها لا أزمة تركيا الاقتصادية ولا جائحة الكورونا. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها