الخميس 2023/05/25

آخر تحديث: 18:30 (بيروت)

رهان كيليتشدار أوغلو.. تسعير المشاعر القومية ضد اللاجئين

الخميس 2023/05/25
رهان كيليتشدار أوغلو.. تسعير المشاعر القومية ضد اللاجئين
رهان المعارضة على الأكاذيب والأرقام المضخّمة ليس سوى دليل على إفلاسها (غيتي)
increase حجم الخط decrease
مع اقتراب موعد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، تبدو المعارضة التركية في حالة يُرثى لها. فعلى الرغم من تحالف سبعة أحزاب مهمة لإيصال كمال كيليتشدار أوغلو إلى الرئاسة، لم تكن الأرقام التي حصدها ملفتة في الجولة الأولى، إذ لم تتجاوز 45% من مجمل الأصوات.

تستعد المعارضة اليوم لخوض الجولة الثانية، وسط شكوك حقيقية في تحقيق فوز على خصمها رجب طيب إردوغان. يعود ذلك الى أنها لا تملك برنامجاً موحداً أو حتى رؤية موحدة تقدمها للجمهور، بل جلّ ما تريده هو إسقاط الرئيس التركي والحلول مكانه. 

فيما أبرزت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات "موجة قومية" على حدّ تعبير كيليتشدار أوغلو نفسه، وذلك في الإشارة إلى تصاعد المشاعر القومية ضد اللاجئين كما كثرة الحديث عن تأثيرات اللجوء في الفترة السابقة.

ولأن حاجتها للأصوات ضرورية، راحت المعارضة تسعّر الخطاب القومي تحضيراً للجولة الثانية في 28 أيار/مايو، وذلك عبر بث الكثير من المغالطات والأرقام المضخّمة حول عدد السوريين وتأثيراتهم في الواقع التركي الداخلي. استخدم كيليتشدار أوغلو وحلفاؤه، الإعلام، لبث المشاعر القومية، في سعيهم للحصول على أصوات القوميين في الانتخابات فيتمكنوا، بالتالي، من المنافسة الجدية على الرئاسة.

يعرف المعنيون بالشأن التركي أن عدد اللاجئين السوريين في تلك البلاد لا يتجاوز الـ3.6 ملايين فرد، إضافة إلى حوالى مليون آخر من دول أخرى، كأفغانستان وباكستان وليبيا والعراق وغيرهم من الجنسيات. أما كيليتشدار أوغلو، فرأى أن العدد يجاور الـ8 ملايين، ثم زاد الرقم ليصبح 10 ملايين في تصريح إعلامي حديث.

أما حليفه الجديد ورئيس حزب "الظَفر"، أوميت أوزداغ، فاعتبر أن عدد اللاجئين هو 13 مليوناً يعيشون في مجمل الأراضي التركية.

لم يتكفِ هؤلاء في تناقل وبث أرقام مبالغ فيها بشكل صارخ، بل راح غيرهم، كالقيادي في حزب كيليتشدار أوغلو، "بولينت تيزجان"، إلى حد التنبؤ، حيث اعتبر أنه "في حال فاز إردوغان في الانتخابات الرئاسية، فإن عدد اللاجئين سيصبح 30 مليوناً في تركيا".
 
على الرغم من تنافيها مع الحقيقة، يبدو بث هذه الأرقام المضخمة جزءاً من حملة إعلامية وشعبية واسعة للمعارضة للحصول على أصوات القوميين. ففي نتائج الجولة الأولى، حصد المرشح القومي "سنان أوجان" حوالى 5.2% من الأصوات، أو ما يوازي 2.8 مليون صوت انتخابي. يريد كيليتشدار أوغلو الحصول على هذه الأصوات عبر تقديم نفسه مرشحاً يحمل حساسية قومية ويمكنه حلّ "أزمة اللجوء"، وذلك عبر تكراره في كل مناسبة خطابية أو مقابلة تلفزيونية القول بأنه سيرحّل السوريين إلى بلادهم في غضون سنتين، وإن بلاده "لن تكون مستودع انتظار للجوء إلى أوروبا".  


يلعب كيليتشدار أوغلو على مشاعر الجماعات القومية، ويسعى لتقديم نفسه كمنقذ لهم وكفاهِمٍ لحساسياتهم، خصوصاً أن المرشح القومي "أوجان" كان قد أعلن تأييده لإردوغان في الجولة الثانية. إن انتهاج كيليتشدار أوغلو خطاباً قومياً قد يفيده في تشتيت الأصوات التي يملكها "أوجان" والحصول على عدد لا بأس به منها، وبالتالي التنافس الجدي مع إردوغان على المقعد الرئاسي. 

عدا الأرقام المبالغ فيها، ركزت الصحف والمواقع الإلكترونية والإخبارية المعارضة على بث الكثير من المقالات والتحليلات حول "الأضرار" التي سببها اللاجئون للاقتصاد التركي في الفترة الأخيرة. في واحدة منها، رأى موقع "سوزجو" المعارض أن "أحد أهم الأسباب التي أدت وتؤدي إلى تراجع الاقتصاد التركي ومستوى رفاهية الأتراك هم اللاجئون".

فيما رأت إحدى مقالات صحيفة "كوركوسوز" بأن "اللاجئين أتوا إلى تركيا بتشجيع من الحكم والولايات المتحدة الأميركية، وهم سيبقون طالما يبقى إردوغان في السدة الرئاسية". وفي غيرها انتشرت مجموعة من الأخبار والمقالات المعنية بالإضاءة على المشاكل الفردية التي "يتسبب فيها السوريون" في الشوارع والأسواق التركية. 

في مقابل هذا التسعير للخطاب المعارض ضد اللاجئين، وبروز الكثير من العنصرية التي تبثها المعارضة لكسب الأصوات والتنافس مع إردوغان، يبدو هذا الأخير أكثر واقعية وعقلانية في مقاربة أزمة اللجوء، ويصرّ على التروي والبحث عن حلول منطقية "لا تضع حياة اللاجئين في خطر محدق، وتؤمّن لهم عودة طوعية لائقة".

كذلك الأمر، يعمد الإعلام الموالي لإردوغان وحزبه على دحض الأرقام والإشاعات حول أعداد اللاجئين بشكل متقن، وهو الأمر الذي يتولاه بشكل أساسي نائب رئيس حزب "العدالة والتنمية" الحاكم ووزير الداخلية سليمان سويلو، الذي يجول على المحطات الإعلامية بشكل يومي ويقدم قراءة علمية لأوضاع اللاجئين وأعدادهم وتأثيراتهم، مدعماً أقواله بإحصاءات علمية صادرة عن الدولة التركية والمنظمات الدولية المرموقة.

الحال إن رهان المعارضة التركية على بث الأكاذيب والإشاعات والأرقام المضخّمة، ليس سوى دليل على إفلاسها الحقيقي. رهان قد لا يصيب في تقليب الرأي العام التركي ضد إردوغان، وربما يخدم هذا الأخير في الفوز بالمنصب الرئاسي من جديد. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها