الخميس 2021/02/25

آخر تحديث: 17:39 (بيروت)

جولة في "كلوب هاوس"..ما يُقال فيه لن يبقى داخله

الخميس 2021/02/25
جولة في "كلوب هاوس"..ما يُقال فيه لن يبقى داخله
غير آمن.. والشيفرة الرقمية الخاصة به غير واضحة
increase حجم الخط decrease
تخيل أنه بإمكانك أن تضع هاتفك الى جانبك وأنت تستمع لمواضيع كانت تخطر في بالك لكنك لم تجد من تتحدث اليه حينها. وفيما أنت جالس في كرسيك في المنزل منشغل بشرب القهوة، وتتنقل في أرجاء هذا العالم وفي تفاصيله من دون موعد أو تخطيط مسبق أو دعوة خاصة، فتدخل الى غرف تجمع الملايين من الأشخاص من مختلف الجنسيات، أرادوا إطلاق العنان لإشباع شهوتهم بالكلام أو تغذية فضوليتهم بالمعرفة عبر الاستماع. وبالفعل تخطى الصوت حدود إمكاناته وعَبَر جغرافيا العالم!

منذ بداية فبراير/شباط، لوحظ ارتفاع كبير في تحميل تطبيق "كلوب هاوس" لدى الاشخاص الذين يحملون هاتفاً من نوع "آيفون". أثار هذا التطبيق الذي يشبه "الراديو الحر" ضجة واسعة في صفوف الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، كما ورافقته مجموعة من التحفظات والمخاوف.

ففي عصر الصورة، دخل هذا التطبيق مستنداً على المحادثات الصوتية فقط ومعيداً للاتصال الصوتي في "الفضاء الالكتروني" مكانته. وفي أقل من سنة على ظهوره، أصبح  اليوم من أكثر التطبيقات شهرة حول العالم. 

ما هو تطبيق كلوب هاوس؟
الصوت هو المحرك الأول في "كلوب هاوس". الدردشات الصوتية الموزعة على شكل غرف هي التي تشكل محور عمل التطبيق. الى اليوم، ما زال التطبيق محصوراً بمستخدمي برامج "أي أو إس" المشغلة لأجهزة "آبل"، مما جعل العديد يتهمون "كلوب هاوس" بالنخبوية والفئوية، رغم محاولات بعض المبرمحين على استحداث نسخة شبيه له يمكن تنزيلها على أجهزة أندرويد.

وللحصول على التطبيق يمكنك تحميله من منصة "آبل ستور"، لكن تفعيل التطبيق يستدعي منك الحصول على دعوة من مشترك حالي يسمح له التطبيق بعدد محدود من الدعوات. ويبدو أن هذا الدخول المشروط هو جزء من العمل التسويقي كون التطبيق لا يزال حديث الولادة. وفي حركة غير متوقعة، عمد بعض المشتركين الى بيع هذه الدعوات على موقع "ايباي" حيث وصل سعر الدعوة الواحدة الى 125$.

للوهلة الأولى، وفور الدخول الى التطبيق، قد تشعر أن المكان مزدحم، وتعمّ فيه الفوضى والحماس نظراً لكثرة الغرف المفتوحة وكثافة المواضيع. فقد تظهر أمامك غرفة بعنوان "الإسلام السياسي"، وأخرى عن "أسباب الانفصال في العلاقة" وغيرها مثل "ترشيحات المسلسلات والأفلام" و"علم الفلك".. ويرتبط هذا التنوع في المواضيع الى حدّ ما بتفضيلاتك وهواياتك والمواضيع التي تهتم بها واللغات التي تريد أن تتوفر لديك والتي قد طلب منك التطبيق إدخالها في وقت سابق.

ويعبر بلال عن مدى اعجابه بهذا التطبيق ويقول: "ما رأيته أن كلوب هاوس ممتع جداً وثريّ وسهل الإستخدام خصوصاً للأشخاص الذين يبحثون عن المعرفة المتخصصة، أو أن يستمعوا من الناس مباشرة لآرائهم حيال أي شيء، والتعرف على الأمور والقضايا من وجهة نظر الأفراد". ويرى بلال أن سهولة التطبيق وسلاسته أيضاً هي محط إعجابك كونك تستطيع بنقرة زر واحدة أن تصبح في ندوة ويحق لك الكلام.

الميزات
ما يميز هذا التطبيق عن غيره مثل "انستغرام" و"فايسبوك" أنك لا تحتاج الى متابعة شخص ما لتتمكن من الوصول الى محتوى صفحته إذا ما كانت مقفلة، يكفي أن تنضمّ الى الغرف الموجودة التي تظهر أمامك من دون أن تنتظر اذن الموافقة لتتمكن من الاستماع الى المواضيع التي تناقش.

فالغرف الموجودة في "كلوب هاوس" هي غرف متاحة لكل من يرغب في دخولها. وتوجد ثلاثة أنواع من الغرف على التطبيق: الغرف العامة (متاحة للجميع)، الغرف الاجتماعية (متاحة لمتابعي من يدير الغرفة)، الغرف الخاصة المحصورة بالأشخاص المدعووين.

ويسمح هذا التطبيق لخمسة آلاف مشترك كحد أقصى في الغرفة الواحدة مما جعل العديد من المشتركين يقومون بتسجيل الجلسة وبثها عبر قنواتهم في "يوتيوب" كون التطبيق لا يمتلك خاصية إعادة البث أو مشاركته. 

متى ظهر هذا التطبيق ولماذا الإقبال المتزايد عليه اليوم؟
تم انشاء "كلوب هاوس" في الولايات المتحدة الاميركية في الفترة التي كان يشهد فيها العالم بداية جائحة "كورونا". وقد أورد التطبيق في التقديم أنه "في الأشهر الثلاثة الأولى كان المشتركون يعبرون عن انتقاداتهم لقرارات المحكمة العليا ومشاعرهم الغاضبة تجاه مقتل جورج فلويد، بالإضافة الى تحديات العمل والدراسة عن بعد في ظل أزمة كورونا".

هذه المنصة التي لم تكن تحتضن سوى 1500 مشترك في مايو/أيار الماضي، سرعان ما نمت اليوم ليتخطى عدد مشتركيها عتبة الثمانية ملايين مشترك حتى 16 الشهر الحالي. ويعود رواج التطبيق في العالم والنمو المفاجئ في عدد المشتركين الى مشاركة مؤسس شركة تسلا، الون ماسك والمدير التنفيذي لشركة روبنهود (شركة خدمات مالية أميركية)، وفلاد تينيف في احدى الغرف الموجودة على التطبيق.

"المقاطع الصوتية".. طريق الى الآخر 
يمكن أن نعتبر أن "الوسط" أو "الميديوم" ليس التطبيق نفسه وانما الصوت في عملية التواصل، فالصوت ناقل الأفكار هو الذي يرمز الى عضوية الشخص الى المجموعة. يعبر المشاركون عن أفكارهم وعواطفهم من خلال أصواتهم التي تغدو رمزاً يدل عليهم. فتظهر التشابكات بين الأفكار المعبّر عنها بالأصوات ويغدو الانفعال مثلًا عبارة عن ارتفاع في وتيرة الصوت، والحماس ظاهرًا في سرعة النطق بالكلمات. كما يمكن للمستخدم أن يدرك هوية الشخص من خلال أفكاره وحدها من دون أن تجتمع العوامل الجسدية أو المادية المرئية المحيطة بالحضور الجسدي. وباعتبار أن الشكل هو المضمون فان طبيعة الصوت وامتداده وعمقه ونوعيته قد تفسح المجال أمام تخيل هوية الشخص المتكلم.

وإذا كان الشخص مشهوراً، فقد يمنحه هذا التطبيق "حميمية" مع المشتركين نظراً لحضورهم المتساوي عليه. فليس عدد المتابعين للشخص هو المعيار الذي يحدد مساحة الانتشار لحسابه ومحتواه، فللكل الفرصة في الكلام والحرية في دخول الغرف والخروج منها. 

ماذا عن الخصوصية؟
يرى خبير الأمن الرقمي، علي سباعي، أن "كلوب هاوس" هو "تطبيق غير آمن للمحادثات الحساسة وذلك نتيجة إمكانية دخول أشخاص مجهولة الهوية الى الغرف". ويرى "أن هذا التطبيق يصنف كتطبيق مغلق المصدر أي أن الشيفرة الرقمية الخاصة به غير واضحة للخبراء مما يمنعهم  من التأكد من ثغراته الرقمية، وذلك بعكس تطبيق سيغنال".

وتقوم إدارة "كلوب هاوس" حسب ما تزعم بالاحتفاظ بالتسجيلات نظراً لاحتمال تبليغ عن انتهاك ما، مما يستدعي بنظرها القيام بتحقيق. ولا يمكن للشخص التبليغ في حال كان خارج الغرفة أو تم اقفالها.

ويعتبر سباعي أن الأمور المتعلقة بالخصوصية ما زالت مبهمة، غير أن ذلك لا يمنعه من طرح مجموعة من التساؤلات حول تسجيل المحادثات من قبل الشركة ومدة احتفاظ الشركة بالتسجيلات وإمكانية تسليم التسجيلات لشركة أخرى. ويرجع ذلك بالنسبة لسباعي "الى امكانات الشركة المتواضعة اليوم في ظل تنامي عدد المشتركين".

ومن جهة أخرى، يعتبر سباعي أن طلب الحصول على قوائم الاتصال هو خرق للخصوصية. الى جانب ذلك، يشير الى تمكن التطبيق من النفاذ الى "المايك" وهو أمر في غاية الخطورة غير أن الشركة تمتنع عن تسجيل المحيط في حال كان الشخص مستمعاً.

وعلى الرغم من عدم إمكانية مشاركة الصور حتى اللحظة عبر "كلوب هاوس،" الا أن التطبيق يعرض عليك التشبيك بمنصات مثل "تويتر" و"انستغرام"، مما يعني الوصول الى معلوماتك الشخصية الموجودة على منصات أخرى. 

مخاوف الأنظمة من "كلوب هاوس"
بعدما احتل تطبيق "كلوب هاوس" المركز الأولى ضمن أكثر التطبيقات تنزيلًا في السعودية، اشتعل الجدل حول فائدة هذا التطبيق. وكانت مشاركة وزيرَي السياحة والإعلام، في نقاش حول السياحة في السعودية عاملًا مشجعاً.

وحتى الساعة لم تعبّر أي دولة بشكل رسمي عن موقفها من هذا التطبيق، ما عدا الصين التي سارعت الى حظر التطبيق خوفًا من خروج الخطاب العام عن سيطرتها.

وفي غرفة تسمى "كلوب هاوس ونظرية المؤامرة" يديرها الصحافي المصري حسام الشربجي، يشبه أحد المشتركين "كلوب هاوس" بـ"طفرة الفايسيوك التي بدأت في العام 2009 والتي تحولت الى أداة أساسية في الثورة المصرية". ويضيف شخص آخر أنه "يتخوف من قيام الأنظمة بتفعيل حسابات لأشخاص يعملون لحساب الدولة ليتمكنوا من التنصت على أحاديث الناس كون الغرف ليست سرية أصلًا، وهذا الذي يعرض الأشخاص في الأنظمة القمعية للملاحقة".

كل هذه المخاوف يمكن أن تختصر في جملة واحدة: "أن ما يُقال في كلوب هاوس لن يبقى في كلوب هاوس". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها