ونشر الإماراتي حمد المزروعي، صورة رمضان مع مغنٍّ إسرائيلي، مستخدماً وسم #دبي_تجمعنا، قبل حذفها عقب موجة من الهجوم. ومنذ نشرها، تعرض رمضان لانتقادات لاذعة في مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار صور له، تظهره وهو يحتضن المطرب الإسرائيلي المعروف عومير آدم، في دبي، وسط جدل واسع بين المغردين.
واتخذت نقابة المهن التمثيلية قراراً بـ"وقف عضو نقابة المهن التمثيلية محمد رمضان، الى حين التحقيق معه بحد أقصى في الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول 2020". كما حرّك محام مصري قضية مستعجلة ضد رمضان بتهمة "الإساءة للشعب المصري"، على خلفية الصور وحددت محكمة مصرية تاريخ 19 كانون الأول/ديسمبر لنظر القضية، بحسب ما ورد في وسائل اعلام محلية.
اللافت في موجة الجدل التي حدثت، هو توجيه الاتهامات لرمضان بالـ"خيانة والتطبيع". فالفعل المشين الذي قام به رمضان، متسلحاً بالتطورات العربية الجديدة في الامارات حيال اسرائيل، لا ينم عن موقف الشعب المصري، وهو ذهب بعيداً في التطبيع، بغباء مسايرة البروباغندا الإسرائيلية، وهو ما جعله منبوذاً الآن في بلاده، وقد عبّر عن ذلك في تغريدته التي استدعت ردوداً مصرية تدينه.
فالمغردون ينكرون العلاقات الرسمية بين بلادهم واسرائيل، لكن الجديد ان نقابة المهن التمثيلية تنكر ذلك، كذلك السلطات القضائية التي لم ترد الدعوى القضائية بحق رمضان، ما يعني أن السلطة في موقع سياسي، والناس والقضاء في موقع آخر.
في الشكل، هو انفصام سياسي وقضائي، فأي التباس من هذا النوع، سيُحسم في حال الاستناد الى اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام بين البلدين. لكن في المضمون، يحمل القرار مؤشرين، أولهما ان سلطات القاهرة السياسية التي تمتلك نفوذاً في القضاء، تريد أن تحتكر لنفسها التطبيع، وتبقيه على المستوى الرسمي الضيق، وتحظر الشعب من التماهي بقرارات عربية جديدة، ومنها قرار التطبيع بين الإمارات والبحرين والسودان من جهة، واسرائيل من جهة أخرى.
هذا ما قاله رمضان في تصريحه للدفاع عن نفسه أمام نقابة الممثلين. قال: "أنا في دولة عربية والموقف جديد علينا يا افندم". لكن تصريحه لا يلحظ المؤشر الثاني الذي تحاذره السلطة في مصر وتتجنبه، وهو أن النظام يتجنب الاشتباك مع الشعب المصري، ذلك الرافض حتى الآن للتطبيع الرسمي مع اسرائيل، وما زال يعيش بأدبيات عبد الناصر، وقد ازدادت الهوّة بين الشعب واتفاقية السلام، لدرجة أن الشعب المصري في مواقع التواصل، لم يتردد في انتقاد التطبيع العربي الأخير مع تل ابيب.
والحال ان النظام يغذي تلك المشاعر أيضاً، عبر قرارات تشبه القرار الذي تم اتخاذه بحق رمضان. يستخدم النظام هذه المشاعر لإبقاء ذريعة لقمع المصريين، تُضاف الى الآليات الأمنية الأخرى. هي لا تندم على تطبيع العلاقة، لأنها أتاحت لها دوراً متواصلاً في الداخل المصري، لكن، في فترة ما، باتت الاتفاقية مهددة، مع اكتشاف المصريين ان البناء على العلاقات مع إسرائيل لتحسين مستوى البلدان وإخراجها من ضائقتها الاقتصادية ومن حالات الحرب، مجرد أوهام، ذلك ان تحسين مستويات الدخل وتطوير البلاد لا يقوم أساساً الا على الاصلاح ومحاربة الفساد في الداخل. لكن التطبيع العربي الأخير مع اسرائيل، حمى اتفاقية "كامب ديفيد" من السقوط، بحكم الشراكات العربية والصراعات مع دول عربية واقليمية أخرى.
هذه القضية تختلف بالمبدأ عن قضية الشعب المصري الذي يعادي إسرائيل، حتى بجيناته، بينما يخرج رمضان على هذا السياق، ويتمرد على موقف جمهوره مراهناً على تغييرات في البلاد والمنطقة. ذهب بعيداً في خيانة الذاكرة المصرية، وألغى الفوارق مع الاحتلال الذي ما زال يمارس إرهاب الدولة بحق الشعب الفلسطيني، لينضم الى سلالة المطبّعين والمبررين لإرهاب اسرائيل.
القاهرة تعيش الانفصام حيال العلاقات مع اسرائيل بلا أدنى شك. وما العقوبة الموجهة الى رمضان، سوى دليل على أن النظام في واد، والشعب في واد آخر، لكنه صراع ما زال تحت السيطرة حتى الآن، مؤقتاً، الى ان تتفاقم الاوضاع الاقتصادية أو القبضة الأمنية أكثر لتطيح وَهمَ الرئيس الأسبق أنور السادات.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها