الإثنين 2018/06/25

آخر تحديث: 18:45 (بيروت)

اردوغان كعلاج لـ"إحباط السنّة" اللبنانيين

الإثنين 2018/06/25
اردوغان كعلاج لـ"إحباط السنّة" اللبنانيين
مسيرات في طريق الجديدة احتفالا بفوز أردوغان
increase حجم الخط decrease
يتصل مستمع لبناني باستديو "اذاعة الشرق" صباح الاثنين، ليبارك فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برئاسة تركيا. كان المستمع سعيداً، واقفل بعدها سماعة الهاتف. لم يقل اي شيء إضافي، ولم يكن له اي مطلب في برنامج يستمع الى شكاوى المواطنين. كان اتصاله للتعبير عن فرح بفوز، ينظر اليه الكثير من اللبنانيين السنة على انه انجاز، وتم التعبير عنه بالمسيرات التي خرجت في بيروت  والشمال، فرحاً بفوز أردوغان. 


ولم يكن الاحتفال بفوز رئيس تركي مألوفاً في لبنان قبل فوز أردوغان، وقبل هذه المرحلة بالذات. فالاخفاقات الكثيرة التي عبر عنها البعض في مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية بأنها "سبب للاحباط السني"، تم التعويض عنها اليوم بـ"انجاز" ديموقراطي سني، حتى لو لم يكن عربياً. فوز اردوغان، بنظر المحتفلين، هو فوز حليف، وراعٍ لمشروع سياسي سني ومدافع عنه في وجه "مطامع ايرانية واسرائيلية"، وقد استطاع الوقوف بمواجهتها، ونجح الى حد ما، خلافاً لمحاولات أخرى.

والسنّة في لبنان، كانوا من اشد الموالين للرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر، وكان ينظر اليه على أنه زعيم العرب وقائد المسلمين في العصر الحديث، والقادر على مواجهة اسرائيل. وبرحيل عبد الناصر، تحول التأييد الى المقاومة الفلسطينية. ولم يستطع الطرفان تحقيق أي انجاز، وتلاشى عصرهما في لبنان، وتلاشى معه التأييد السني لهما. بعدها، حصل الاتجاه نحو تأييد المملكة العربية السعودية، وهو تأييد مستمر، قبل أن يبدأ اردوغان بكسب بعض النطاق على نطاق ضيق.

غير أن هذا النطاق المحدود، سرعان ما اتسع في مواقع التواصل الاجتماعي ليلة فوزه بالانتخابات الرئاسية التركية من الجولة الاولى. ما تحقق، بنظره، هو "انجاز" لزعيم اسلامي سني، ورئيس لدولة تناكف ايران التي أحبطتت المشروع الثوري على نظام الاسد في سوريا وثبتت رأس هرمه، وروسيا التي قضت عليه الى حد كبير. وما كان اردوغان ليحظى بشعبية غير مألوفة في لبنان، وعبر عنها بنطاق ضيق رغم الولاء السني اللبناني الرسمي للسعودية، لولا الازمة السورية.

وتركيا لم تقدم مساعدات للبنان، كما السعودية، ولم ترعَ زعامات سنية سياسية في لبنان، كما دول الخليج التي يجمعها مع لبنان الانتماء العربي. رغم ذلك، استطاع اردوغان، خلال سبع سنوات انقضت، أن يغيّر صورة تركيا لدى سنة لبنان. فقبل عصر اردوغان، كان ينظر الى التركي بوصفه "محتلاً"، و"عثمانياً"، و"ذراع حلف شمال الاطلسي في المنطقة" و"حليف اسرائيل".

بدأت الصورة تتبدل مع وصول "حزب العدالة والتنمية" للحكم، وتحول تركيا من الوجهة العلمانية الى دولة ذات وجه اسلامي غير متشدد. واكتسب اردوغان شعبية واسعة اثر رعايته اسطول الحرية الذي كان متوجها الى غزة، قبل أن يخسر شعبيته الشيعية، بعد الحرب السورية، ويكسب شعبية سنيّة اضافية بوصفه حامياً للسنة من اضطهاد الاسد.

تلك الاسباب، كانت دافعاً رئيسياً لتأييده والاحتفال به. فالسنة الذين يتحدثون عن الاحباط نتيجة ما آلت اليه التطورات السورية، لا يعنيهم بتاتاً التطور الاقتصادي والعمراني واضطراد الدور السياسي الخارجي لانقرة في عهد "العدالة والتنمية". من هنا، جاء الاحتفال به، ولو محدوداً، لكنه تطور ينذر بتوسع شعبية الاسلام السياسي التركي في لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها