الخميس 2018/11/01

آخر تحديث: 17:52 (بيروت)

النظام يصادر "الأيام" السورية.. بسبب مقال عن الطائفية

الخميس 2018/11/01
النظام يصادر "الأيام" السورية.. بسبب مقال عن الطائفية
يحاول النظام إعادة البلاد لحقبة احتكار صحفه الرسمية الثلاث للمعلومات وترك الشائعات لمواقع التواصل!
increase حجم الخط decrease
منعت سلطات النظام السوري، توزيع العدد الجديد من صحيفة "الأيام" المحلية، الأربعاء، في مؤشر إضافي على سياسة القمع المتبعة ضد الأصوات الإعلامية الموالية، واتجاه النظام لاستعادة سيطرته القديمة على تبادل المعلومات، مثلما كان عليه الحال قبل الثورة السورية العام 2011.


ونقلت مصادر موالية للنظام أن القرار أتى بسبب نشر الصحيفة الأسبوعية مقالاً للكاتب بسام القاضي تناول فيه الطائفية الكامنة في المجتمع السوري تحت عنوان "في سوريا الطائفية مقدسة وفضحها خيانة"، تحدث فيها عن جذور الطائفية في الدستور السوري الذي يحدد مثلاً دين رئيس الجمهورية بالإسلام وأن الشريعة تعتبر مصدراً رئيسياً للتشريع فضلاً عن مناقشة بنود في قانون الأحوال الشخصية.


وإن كان الجدل حول دينية أو علمانية سوريا الأسد، حاضراً في مواقع التواصل الاجتماعي منذ أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، على خلفية "القانون 16" الذي يعطي صلاحيات كبيرة لوزارة الأوقاف في البلاد، إلا أن الجدل نفسه لم يمتد لوسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية، وبالتالي يصبح قرار منع توزيع "الأيام" مفهوماً من وجهة نظر النظام، الراغب في الحفاظ على توازن بين المعلومات "الرسمية" و"الشائعات" التي تجسدها مواقع التواصل.


اللافت أن الصحيفة نفسها لم تعلن عن خبر حجبها كما أنها لم تسحب المقال المذكور من موقعها الإلكتروني، فيما اشتكت المواقع التي نشرت الخبر من عدم وجود حملات تضامن مع الصحيفة أو حملات لدعم حرية الصحافة في البلاد، لكن صحافيين وناشطين موالين أشاروا في تعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لوجود توجيهات رسمية بعدم التضامن مع الصحيفة أو الحديث عما حصل مع العدد الجديد علنياً، مع التهديد بالاعتقال في حالة المخالفة.


وتقبع سوريا في المرتبة 177 من أصل 180 بلداً وفق مؤشر حرية الصحافة للعام 2018 الذي أصدرته منظمة "مراسلون بلا حدود" في وقت سابق من العام الجاري. وفيما انخفض العنف تجاه الإعلاميين المعارضين وفق تقارير ذات صلة، إلا أن ذلك لا يعود لانفتاح إعلامي مفاجئ من النظام، بل يعود لهروب معظم الناشطين المعارضين إلى خارج البلاد أو توقفهم عن العمل لأسباب أمنية، فيما كثف النظام طوال العام الجاري قمعه للأصوات الموالية له في المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل، بعد فترة من الحرية النسبية طوال سنوات الثورة السورية.


ويشير ذلك إلى رغبة النظام في إحداث تغييرات جذرية في الأداء الإعلامي الرسمي وشبه الرسمي "المنفلت"، فضلاً عن ضبط الصورة وتدفق المعلومات عبر مواقع التواصل، وحصر ذلك في الصور والمعلومات التي يوافق عليها أولاً. فأصدر قوانين صارمة للجريمة الإلكترونية مؤخراً، فضلاً عن توجهه لفرض قيود مشددة على النشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك ما قيل أنه دراسة لحجب المكالمات الصوتية في البلاد، مع معلومات متداولة بأن النظام قد يفرض على "الناشطين الموالين" شرط الحصول على ترخيص من أجل إنشاء صفحات فاعلة عبر مواقع التواصل.


ويجب القول أن النظام كان متساهلاً خلال سنوات الحرب، في فرض رقابة إعلامية على الموالين له، لأنه لم يكن متفرغاً لفرض رقابة صارمة من جهة، ولأن مواقع التواصل شكلت متنفساً لامتصاص غضب الموالين المستائين من سياسات النظام الداخلية والخدمية، وتم السماح للموالين بمهاجمة الحكومة والمسؤولين والوزراء من دون المساس برئيس النظام بشار الأسد مثلاً أو بهيبة الدولة السورية.


والحال أن القمع شمل أيضاً اعتقال إعلاميين موالين خلال الأشهر الأخيرة مثل إيهاب عوض ورولا السعدي من موقع "هاشتاغ سوريا" الموالي، بتهمة تواجدهما في مكان تجمع لمظاهرة طلابية وسط العاصمة دمشق للمطالبة بدورة تكميلية، فيما لم توجه تهم رسمية للإعلاميين الأخرين عمار العزو وعامر دراو المعتقلين منذ أشهر بحجة "إضعاف الشعور القومي".


ولم يعد تضييق الحريات مرتبطاً بأجهزة عليا في الدولة، حيث منع مدير الرقابة في السويداء، على سبيل المثال، استقبال مراسلة جريدة "الوطن" به الرسمية، قبل أيام، وأصدر قراراً رسمياً بمنعها من دخول المديرية. كما طلب مذيع في إذاعة "سوريانا أف أم" الموالية من متابعي برنامجه، قبل أشهر، ألا يتصلوا به إلا للحديث عن "الموضة والريجيم والصبغات"، بعد تحذيرات من مديره بأن برنامجه يدمر هيبة مؤسسات الدولة، ويستهزئ بمجلس الشعب.


يذكر أن قرارات القمع الأخيرة شملت شخصيات ذات "شهرة" محلية واسعة مثل مراسل النظام الأول شادي حلوة، الذي تم إبعاده من برنامجه "هنا حلب" ومنع من الظهور في شاشة "الفضائية السورية" قبل إغلاق إذاعة محلية يديرها في حلب الصيف الماضي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها