السبت 2021/11/06

آخر تحديث: 11:27 (بيروت)

أنا اللبنانيّ منذ أكثر من عشر سنوات..

السبت 2021/11/06
أنا اللبنانيّ منذ أكثر من عشر سنوات..
"هالويين" تحت الماء في البترون - لبنان (غيتي)
increase حجم الخط decrease
أنا اللبنانيّ منذ أكثر من عشر سنوات، أعترف بلا خجل وعلى رأس السطح أنّي مُصاب بانفصام الشخصيّة، وهذا مرض طبيعيّ جدّاً عندنا. فمن جهة، وفي كلّ مرّة يدفعني الأمل من الخارج، يأكلني اليأس من جهة أخرى من الداخل، متيقّناً بينهما أن لا شيء يسير بخير، أقلّه على وعيي. وفي كلّ يوم يتأكّد هذا اليقين أكثر فأكثر، منذ أن أفتح بابي صباحاً حتّى أغلقه آخر المساء. وأتابع كلّ ما يجري، يوماً بيوم، كأنّي، في لاوعيي، أنتظر تغييراً ما ليتحسّن الوضع، والوضع آخذ إلى تفاقم ولا أمل في تحسّنه.

وفي هذه الأيّام تحديداً، أنتظر أعمال الحكومة الجديدة بفارغ الصبر وعلى أحرّ من الجمر مع العلم مًسبقاً أنّها لن تجدي نفعاً ولن تحقّق شيئاً وستكون نتيجتها، كسابقاتها، الفشل. فوق هذا، يقول الجميع إنّنا لا نزال على الشاطىء والخير للأمام، مع أنّنا كنّا قد غرقنا مراراً وتعلّمنا السباحة والغطس، حتى أنّنا صرنا خبراء بعالم تحت البحار، لكن يبدو أنّنا هذه المرّة سنتهاوى إلى أسفل القعر ونرتطم به ارتطاماً لم نشهده من قبل، سترنّ جرّاءه البحار وترجّ المحيطات إذ إنّ الأزمة التي نعيشها ربّما تكون أكبر أزمة اقتصاديّة يشهدها العالم، لا بلادنا فحسب. رغم ذلك، لا أزال أنتظر وأنا أتابع آخر المستجدّات، حتّى أنّي أحياناً لا يكون عندي وقت لأحكّ رأسي، حتّى أنّي أحياناً لا أنام، وإذا نمتُ أتاني الحلم على شكل أنواع من الحكومات المتتالية الفاشلة: حكومة وحدة وطنيّة، حكومة اختصاصيّين، حكومة تكنوقراط، حكومة تكنوسياسيّة... إلى أن يتحوّل الحلم إلى كابوس. هكذا حتّى مطلع الفجر، حين يلامس أوّل ضوء السماء. عندها أنهض، ألبس ثيابي، أشرب قهوتي، أفتح الباب، ومن جديد.
***
أجواء أبوكاليبتيّة لا حول ولا.. أين منها أفلام ألفرد هيتشكوك التشويقيّة وقصص إدغار ألن بو الغرائبيّة؟
***
الرقص على جثّتك وأنت لا تزال حيّاً، هل من رقصة تضاهيها؟
***
قوّات بحريّة تعترض قوّات برّية تغطّيها من فوق قوّات جوّية.
***
الدول الكبرى التي تعقد مؤتمراً للحدّ من ظاهرة "تغيُّر المناخ" هي نفسها التي تسبّبت في تفاقمها جاعلة الدول النامية تدفع كلفتها.
الدول الكبرى التي ترسل مساعدات إنسانيّة إلى الدول الفقيرة هي نفسها التي افتعلت الحروب بها.
الدول الكبرى التي تدّعي فرض الديموقراطيّات هي نفسها التي فرضت الديكتاتوريّات.
الدول الكبرى التي تحارب الإرهاب هي نفسها التي استخدمته في السابق وتوقظه اليوم من سباته ساعة تريد لتستخدمه من جديد.
***
طال بنا الأمر حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، كأنّما إبطاء عمليّة الانهيار هذا جريمة أفظع من الانهيار نفسه.
***
ربّما في البدء ومنذ أن ولدنا، سلّمَنا الموت ضحايا للحياة.
***
أعطني صوتي لأصرخ أكثر،
أعطني يدي لأخبط بها حديد باب الأرض،
أعطني وجهي لأقف بوجه العالم.
***
بين سعر صفيحة البنزين الذي بات يثقل كاهلك، ومحاولات كسر التوازن الاستراتيجيّ التي ترتكبها الدول القويّة لتتأكّد مَن منها الأقوى، تبقى أنت معلّقاً تتأرجح كغصن نحيل مجرّد أن يغطّ عليه عصفور، ينكسر ويقع.
***
مربوط بجنزير كخنزير يُشوى على نار خفيفة حيث لا يُسمع في الأرجاء سوى أصوات سدّادات الفلّين المتطايرة من القناني عند فتحها تفرقع كالرصاص في الجوّ معلنة بدء السهرة.
***
السهرة طويلة واللباس رسميّ وكلّ جلّاد يصطحب ضحيّته المتواطئة معه منذ البداية.

(**) مدونة نشرها الشاعر والأكاديمي اللبناني، فوزي يمين، في صفحته الفايسبوكية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها